"التاجر أو المسئول عن إنتاج السلعة أو الخدمة ويحاول تصدير فكرة الغلاء من أجل رفع الأسعار يتعرض لغرامات مالية تصل إلى 100 مليون جنيه"، هذا جزء من العقوبات التي حددها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في القانون المنظم لعمله رقم 3 لسنة 2005، من أجل مواجهة الفوضى التي يحاول البعض إثارتها، استغلالاً للأزمة الاقتصادية العالمية، والمبالغة في تأثيراتها المحلية بصورة تؤدى إلى رفع الأسعار وزيادات غير حقيقية، وعمليات احتكار منظمة، تقود إلى اضطراب الأسواق.
تصدير فكرة الغلاء من أجل تحقيق مكاسب أمر شديد الضرر بالاقتصاد القومي، ويدفع الأسواق نحو المزيد من الركود، ويزيد على الدولة أعباء وتكاليف فاتورة الحماية الاجتماعية، ويسهم بصورة غير مباشرة في نقص المعروض من السلع، نتيجة الأطماع المنتظرة في ارتفاعات الأسعار المستقبلية، وهذا ما تابعناه على مدار الأيام الماضية من جانب أصحاب المصالح في عدد من الغرف الصناعية والتجارية، التي تحاول تبرير نقص بعض السلع لرفع أسعارها بنسب وأرقام محددة.
بعض الصحف نقلت تصريحات لمسئولين في الغرف التجارية والاتحادات الصناعية، تحمل إشارات واضحة لرفع الأسعار في بعض السلع والخدمات، وقد رصد جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية العديد من التصريحات الإعلامية لبعض المسئولين بهذه الغرف تشير لارتفاع الأسعار، سواء بتحديد سعر معين أو نسبة مئوية للزيادة، وهو ما يشكل مخالفة لأحكام القانون، خاصة أن المادة السادسة تشير إلى جريمة "الإشارة السعرية" باعتبارها أحد الاتفاقات بين المتنافسين، نتيجة قيام واحد أو أكثر من الأشخاص المتنافسة أو المسئولين بالاتحادات والغرف المعنية بالإعلان أو التصريح عن ارتفاع أسعار المنتجات من سلع وخدمات من خلال أية وسيلة، مثل الوسائل المرئية والمقروءة، الاجتماعات والمكالمات، الخطب في المؤتمرات، النشرات الصحفية، الخطب العامة.
جهاز حماية المنافسة أكد بيان صحفي أن نوعية التصريحات التي تشير إلى نقص المعروض من السلع أو التوقعات بارتفاعات مستقبلية فيها تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتسهم في تقييد المنافسة وتحفيز الأشخاص المتنافسة باتباع ذات الأسعار المعلنة، بدلًا من التنافس على توفير المنتجات بأسعار مناسبة، مما يضر بمصالح المواطن في الحصول على أفضل جودة بأقل أسعار، وتضرب آليات السوق التي تحكمها فكرة العرض والطلب، باعتبارها الميزان الحقيقي للأسعار.
الدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية، أكد في تصريحات أول أمس الثلاثاء أن أي إعلان عن زيادة محتملة في الأسعار سيتم إحالته للنيابة العامة، والحقيقة هذا دور يستحق الإشادة من هذا الجهاز اليقظ، الذى يمارس دوره بمنتهى الشفافية، ويتابع بصورة مستمرة الأسواق والقطاعات المرتبطة بها من أجل مصلحة المواطن، ويتصدى للممارسات الاحتكارية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والأزمات التي يشهدها العالم، وتتعلق بسلاسل الإمداد وحجم المعروض من السلع في الأسواق.
القانون المصرى يضع "الشريك في الجريمة" في نفس موقع الفاعل الأصلي، لذلك يجب أن تترفع وسائل الإعلام عن نشر أي بيانات أو أخبار من شأنها تصدير فكرة الغلاء، أو تبرير رفع الأسعار، أو الحديث عن نقص مخزون بعض السلع والخامات، فنحن جميعاً في سفينة واحدة، وواجبنا الوطنى يحتم علينا أن نصل بهذه السفينة إلى بر الأمان، بل علينا أن نحاول كل في موقعه أن نرفع مستويات الوعي لدى الناس، لا محاولة إثارة اليأس والإحباط في نفوسهم، بدلا من استخدمنا في تمرير أخبار عن ارتفاعات الأسعار غير المبررة، التي يحاول البعض الترويج لها من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب.
أصحاب المصالح من المنتجين والمصنعين والتجار عليهم أن يدركوا أن التصريحات برفع الأسعار تضعهم تحت طائلة القانون، وقد تفرض عليهم غرامات وعقوبات تصل إلى 500 مليون جنيه، وفقا لقانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، لذلك عليهم أن يتركوا الأسواق مرنة تتفاعل مع العرض والطلب بشفافية دون تدخل، وهذا إجراء عادل تماماً يحافظ على حيوية الاقتصاد، ويدفع نحو أسعار عادلة للسلع والخدمات، خاصة في هذه الفترة الحرجة، التي تضرب الأزمات الاقتصادية العالم كله، ومن المنتظر أن يعقبها ركود غير مسبوق أو تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادى وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة