يعد التحنيط واحدا من أسرار الحضارات القديمة، وقد كان التحنيط أشكالا وأنواعا، أشهرها ما كان فى الحضارة المصرية القديمة، التى ظل الكهنة محتفظين بأسرارها الكبيرة، ولا نزال حتى اليوم تخرج لنا المقابر الفرعونية أشكالا وأسرارا.
الحضارة الفرعونية القديمة.. رأس الفن
نظرا لارتباط الحضارة المصرية القديمة بالحياة الثانية، والبعث والخلود وربط كل ذلك بسلامة الجسد، فقد اهتم الفراعنة بفن التحنيط، والذى ظل سرا لا يعرفه سوى الكهنة، وبالفعل لا تزال أجساد الملوك محفوظة فى مقابرها.
وعن طرق التحنيط :
أولا: فى الدولة القديمة : كان التحنيط يتم عن طريق تفريغ البطن ثم ملأة بالتوابل والراتينج ثم يلف الجسد بالكتان .
ثانيا: فى الدولة الوسطى :كانت طريقة التحنيط باهظة الثمن باستخدام الصموغ ذات الرائحة والتوابل والراتينج وبإزالة المخ والأعضاء الداخلية ثم ينقع فى مادة النطرون لمدة 70 يوما، وحاولوا حفظ الجسد بدون فتحة عن طريق حقن الجثة بزيت خشب الأرز ومادة التربنتين.
حنطتها الطبيعة.. أناس مكتوب لها البقاء
احتفظت لنا الطبيعة بنوع من التحنيط يطلق عليه "الطبيعي" حيث احتفظت الأراضى الجافة أو الثلجية بالعديد من المومياوات منها، ما أطلق عليها:
الجميلة النائمة
ففى عام 2018، تم العثور على جثة شابة على طول الخط الساحلى لنهر ينسى تحت خزان روسي، أطلق عليها علماء الآثار منذ ذلك الحين اسم "الجميلة النائمة"، ويعتقد أنها دفنت منذ 2000 عام.
كانت ترتدى تنورة من الحرير، وتحمل كيسًا من حبات الصنوبر، وعُثر على العديد من العناصر عالية القيمة داخل المقبرة، بما فى ذلك حزام مطرز، وإبزيم من الأحجار الكريمة، ومرآة على الطراز الصيني، وصندوق مكياج.
رجل الثلج .. أوتزى
"أوتزى أو كما يطلق عليه "رجل الثلج"، أقدم مومياء فى أوروبا، عثر عليه فى جبال الألب، على الحدود بين النمسا وإيطاليا، محفوظ بشكل طبيعى فى الجليد منذ العصر النحاسى أى نحو 3400 ق.م من قبل المتجولين فى عام 1991.
ووجد جسمه متجمدا مع ملابسه ومعداته بالإضافة إلى عدد كبير من آثار النباتات والفطريات المحفوظة فوق ملابسه وفى أمعائه.
كوتزى
التحنيط فى الصين.. للأحياء نصيب
مارس عدد من كهنة طائفة الشنجو الصينية ممارسة تحنيط أجسادهم أحياء، وهذه الممارسة معروفة باسم سوكوشينبوتسو، وكان رائدها كاهن يابانى يُدعى كوكاي، وتضمنت تجفيف الجسم على مدى عدة سنوات من خلال عملية شاقة أدت حتماً إلى الموت.
كان التحنيط يتم فى خطوات هى : خلال الألف يوم الأولى، حيث يتوقف الرهبان عن تناول الطعام باستثناء البذور والفواكه ويقومون بنشاط بدنى مكثف لتجريد أجسادهم من دهون الجسم.
خلال الألف يوم التالية، يقتصر نظامهم الغذائى على اللحاء والجذور فقط، قرب نهاية هذه الفترة، يشربون الشاى السام المصنوع من عصارة شجرة أوروشي، مما تسبب القيء وفقدان سوائل الجسم بسرعة، كما أنه يعمل مادة حافظة وقتل الديدان والبكتيريا التى من شأنها أن تتسبب فى تسوس الجسم بعد الموت.
مومياء فى الصين
فى المرحلة الأخيرة، بعد أكثر من ست سنوات من الاستعداد، كان الراهب يحبس نفسه فى قبر حجرى بالكاد أكبر من جسده، حيث يدخل فى حالة من التأمل، ويكون جالسًا فى وضع اللوتس، ولديه أنبوب أكسجين ممتد للقبر، وفى كل يوم يقرع الراهب الجرس ليخبر العالم الخارجى أنه لا يزال على قيد الحياة، وعندما توقف الجرس عن الرنين، تتم إزالة الأنبوب وإغلاق القبر لفترة الألف يوم الأخيرة من الطقوس.
وفى نهاية هذه الفترة، سيتم فتح القبر لمعرفة ما إذا كان الراهب قد نجح فى تحنيط نفسه. إذا تم العثور على الجثة فى حالة محفوظة، يتم رفع الراهب إلى مرتبة بوذا، ويتم إخراج جسده من القبر، ووضعه فى معبد حيث كان يعبد ويوقر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة