مما لا شك فيه أن الحفاظ على سلامة الطفل ثقافيًا يبني مجتمعًا صحيًا لتحقيق التنمية الحقيقية في المستقبل، ويتم ذلك من خلال أنشطة وفعاليات مخصصة للصغار تؤكِّد أنهم أساس المجتمعات، وهم السواعد الحقيقية في نهضة الأمر، وأصبح جذب الصغار تحديًا كبيرًا في ظل التطور التكنولوجي الحديث الذي ينغمس فيه العالم اليوم، ولكن هناك نموذج متميز استطاع أن يقدم للطفل ما يحتاجه بالشكل الذي يناسب عالمه الخاص، وهو مهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي يحقق مكاسب كثيرة تحقق ثمارها في المستقبل.
وما شهدته الدورة الـ13 من "مهرجان الشارقة القرائي للطفل"، الذي نظمته "هيئة الشارقة للكتاب"، تحت شعار "كوِّن كونك"، خلال الفترة من 11 وحتى 22 مايو الحالي، في مركز إكسبو الشارقة، يعد تطورًا كبيرًا في الخروج بمستوى الكتاب من التقليدية إلى الأكثر شمولية، عبر عالم الطفل الخاص، حيث تم في بداية أعمال البحث لتنظيم الدورة الجديدة عن عالم الطفل: ماذا يحب؟ وماذا يشاهد؟ وماذا يقرأ على السوشيال ميديا؟ وكل ذلك وغيره تم تطبيقه بواسطة ربط الفعاليات والأنشطة في صورتها الحديثة بالكتاب، لتحقق الهدف المرجو في النهاية بأن يصبح الطفل قارئًا.
كما اتسمت طرق عرض الكتب داخل أجنحة دور النشر المشاركة بالمهرجان بكتب ألَّفها عدد من الأطفال المبدعين، والتي تنوعت ما بين الرواية والقصة والمغامرات، وليس هذا فحسب، بل استضافت المهرجان عبر فعالياته مجموعة من الصغار العباقرة حول العالم، للمحاكاة بينهم وبين الأطفال من خلال مجموعة من الجلسات، ما يساعد على تحفيز كل طفل على تنمية موهبته الخاصة به في المجال الذي يحبه.
ومن خلال الفعاليات التي شهدها المهرجان نجد العديد من الأنشطة المتنوعة التي تكسب الأطفال المعلومات والمعرفة من خلال مجموعة من الورش التفاعلية التي تساعد على الدمج داخل مجتمعهم، إلى جانب اكتشاف سحر الطبيعة من خلال حديقة الحيوانات الآلية بطرق إبداعية هندسية لتشكل مشهدًا إبداعيًا غاية في الروعة، وباستخدام نماذج وصور مقطعية للأجزاء الداخلية للحيوانات، يخوض الزوَّار تجربة مدهشة للتعرف على تركيبة الحيوانات والأجهزة التي تعمل بها مثل جهاز امتصاص الصدمة والمضخات، والآليات التي أبدعها الخالق فيها لتساعدها على خوض تجارب الحياة في بيئاتها الطبيعية.
ومن الأمور التي تلفت الانتباه تنظيم مجموعة من الورش الخاصة بالتنمية البشرية والنفسية ليس لدى الطفل وحده، بل لأولياء الأمور أيضًا الذين حرصوا على حضور تلك الورش للتعرُّف على عالم أبنائهم وكيف يتعاملون معه بطرق علمية صحيحة، وآليات حل أزماتهم دون عناء وتوتُّر، بواسطة خبراء لهم باع كبير في هذا المجال، إلى جانب إقامة العديد من الجلسات الثقافية يحاضرها رواد أدب الطفل في كل بلدان العالم، لتتلقى الثقافات وتتبادل الآراء التي تصب في النهاية بمصلحة أطفالنا.
كل هذا وغيرها من الأنشطة والفعاليات الباهرة حققها مهرجان الشارقة القرائي للطفل وينقلها عبر نوافذه عبر منصات التواصل الاجتماعي، حتى يستفيد منها كل أطفال العالم، لرسم طريق مليء بالتفاؤل والأمل وتحقيق التنمية وتكوين شخصية جيل يصبح علامة فارقة في تاريخ الأمم ولرسم المسار نحو مستقبل أفضل كلمة السر فيه "كوِّن كونك"..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة