تمر اليوم الذكرى الـ 143 على قيام حاكم مصر الخديوى إسماعيل بطرد الوزيرين البريطاني والفرنسي من الحكومة المصرية، فى 8 أبريل عام 1879، وذلك قبل شهور قليلة من تنازله عن العرش، وهو خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، فى الفترة من 18 يناير 1863 إلى أن خلعه عن العرش السلطان العثماني تحت ضغط كل من إنجلترا وفرنسا في 26 يونيو 1879.
في فترة حكمه عمل على تطوير الملامح العمرانية والاقتصادية والإدارية في مصر بشكل كبير ليستحق لقب المؤسس الثاني لمصر الحديثة بعد إنجازات جده محمد علي باشا الكبير، لكن فى النهاية واجه بعض الأزمات التى كانت سببا فى عزله من منصبه من قبل السلطان العثمانى وبوشاية من قنصلى بريطانيا وفرنسا فى القاهرة.
وبحسب كتاب "تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر" تأليف عمر الإسكندرنى وسليم حسن، جلس إسماعيل على أريكة مصر في 18 يناير سنة 1863م، وكان عمره إذ ذاك 32 سنة، فلم يلبث أن ظهرت فيه كفاءة عظيمة ورغبة شديدة إلى رفع شأن البلاد وترقيتها، بإدخال كل الإصلاح الذي يراه مؤديًا إلى ذلك.
ومع الاعتراف بأن السرعة التي سار بها في سبيل هذا الإصلاحِ والإنفاق عن سعة في كل شيء أديا إلى استدانته من أوروبا القناطير المقنطرة من الذهب التي تضاعفت هي وفوائدها حتى وصلت في أواخر أيامه إلى عبء ثقيل لا حول ولا قوة للبلاد على احتماله، مما أوجب تدخل الدول الأوروبية في شئون مصر، قد يغتفر له ذلك إذا راعينا مقدار ما قام به من الإصلاح، ولاحظنا أن سعيدًا قد فتح له من قبل باب الاستدانة المشئوم، إذ مات وهو مدين بمبلغ كبير جدًا.
وتلخص أهم أعمال إسماعيل فى مصر فيما يأتي: الفصل في أمر وراثة العرش وحصرها في أكبر أولاد الوالي والحصول على لقب خديوي، الإصلاحات الإدارية، وتأييد الاستقلال الداخلى، الإصلاحات القضائية، ومساواة جميع الناس أمام القانون المدني المختلط، التعليم العالي، منع الرقيق، وتشكيل مجلس شورى النواب، توسيع منابع الثروة للبلاد بتنمية الزراعة، وبالمشروعات العامة، توسيع نطاق الأملاك المصرية.
أدت النزعة الإستقلالية للخديوى إسماعيل في حكم مصر إلى قلق السلطان العثمانى، بالإضافة إلى أطماع الإستعمارية لكل من إنجلترا وفرنسا لمصر وتحت ضغط كل من قنصلي إنجتلرا وفرنسا على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني أصدر فرماناً بعزل الخديوى إسماعيل في 26 يونيو 1879م وبُعث إلى مصر عن طريق التلغراف.
ويوضح كتاب "قصة الدستور المصرى" تأليف محمد حماد، أن الخديوى دعا فى يوم 7 أبريل جميع القناصل الأجانب فى اجتماع كبير فى قصر عابدين شهده أقطاب الحركة الوطنية الدستورية وأعلن أمام الجميع قبوله برنامج الإنقاذ الوطنى الذى قدمته الحركة الوطنية وقتها، هو يتضمن تعيين حكومة مصرية خالصة، وأن الأمير محمد توفيق قدم استقالته، وأن الاختيار وقع على محمد شريف باشا لتولى الوزارة، وأن مهمته الأولى ستكون إعداد دستور، وقانون انتخاب، ونظام نظام جديد يستطيع تحقيق الأمانى التى أجمعت عليها طبقات الشعب.
لكن الوزيران الأوربيان احتجا على اللائحة الوطنية وعلى قبول الخديوى لها، وبعثا باحتجاجهما إلى الخديوى، فبادر الخديوى من فوره إلى تكليف محمد شريف باشا بتشكيل الوزارة، واعترضت بريطانيا وفرنسا على اللائحة وعلى موافقة الخديو وتقدما باحتجاج اعنف من الاحتجاج السابق، وعلى عزل الوزيرين على أساس أن أحدا فى مصر لا يملك إصدار قوانين مالية تمس حقوق الأجانب بغير اتفاق، وأمام ضغط الدولتين وافق البابا العالى فى تركيا على عزل إسماعيل فى 26 يونيو عام 1879.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة