حكايات المتعافين نفسيا بالعباسية.. أحدهم يجيد 7 لغات ودخل المستشفى لعدم التحاقه بكلية الحقوق.. وقصة حب فاشلة وراء علاج شاب لمدة 20 سنة.. ووفاة أب تصيب ابنته بأزمة حادة.. والنزلاء للمجتمع: متخافوش مننا.. فيديو

الجمعة، 01 أبريل 2022 05:00 م
حكايات المتعافين نفسيا بالعباسية.. أحدهم يجيد 7 لغات ودخل المستشفى لعدم التحاقه بكلية الحقوق.. وقصة حب فاشلة وراء علاج شاب لمدة 20 سنة.. ووفاة أب تصيب ابنته بأزمة حادة.. والنزلاء للمجتمع: متخافوش مننا.. فيديو قصص المتعافين نفسيا
أحمد جمال الدين - أحمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

- مستشفى العباسية تعتمد على العلاج الحديث.. مكتبات ومبنى لممارسة الهوايات ومسرحان وورش تمثيل وعروض فنية واستعراضية لتأهيل النزلاء

 

"اتفضل من غير مطرود وإياك تتجنن وتعود".. مقطع من أغنية شهيرة أداها الفنان الراحل نجاح الموجى خلال فيلم "أيام الغضب"، والتى انتشرت بصورة كبيرة، وكان من نتيجتها ترسيخ صورة ذهنية سلبية عند قطاع عريض من المواطنين عن أماكن تلقى العلاج أو معاناة المصابين بمتاعب نفسية بوصمة تصاحبهم أينما حلوا، وخوف من التعامل معهم أينما تواجدوا بسبب العديد من الحكايات المتداولة التى لا  يستند الكثير منها إلى أدلة ثابتة أو نتيجة المبالغات الدرامية.

تلك الأمور جرى الكشف عن عدم دقتها خلال المعايشة التى أجريناها مع ثلاثة من المتعافين نفسيا داخل مستشفى العباسية، الذى يعمل بجهد كبير وبناء على منهج علمى حديث فى سبيل  تعافى النزلاء وتأهيلهم لإعادة أدماجهم فى المجتمع مرة أخرى بشكل إيجابى، وذلك عبر مراحل طويلة من العلاج  النفسى من فريق طبى مؤهل ومدرب، وتأهيل محكم يشتمل على فقرات ترفيهية وأنشطة رياضية وحفلات غنائية وفرق تمثيل ومسرح .. كل هذا يحدث بالتوازى مع العلاج بنظام محكم داخل مستشفى العباسية.

ثلاث قصص استمعنا إليها داخل مستشفى العباسية، تعرفنا من خلالها على سبب معاناتهم ورحلتهم عبر سنوات عديدة قضوها داخل المستشفى منذ بداية دخلوهم مرورا بالعلاج والتأهيل وصولا للتعافى، والذين أصابونا بدهشة كبرى بسبب المواهب التى يتمتعون بها فأحدهم يتحدث 7 لغات بتمكن بالغ، وأخرى شاعرة وتجيد الرسم، والأخر يتمتع بجمال الصوت ويحلم بأن يكون مطربا شعبيا.

خلف كل منهم قصة كانت من الممكن أن تكون نهاية بسبب الظروف القاسية التى تعرضوا لها، ولكنهم نجحوا فى العبور منها إلى بداية جديدة.

 

كلية الحقوق السبب!

الصوت الحلو أو مطرب الحفلات.. هكذا يعرف عم "م" داخل المستشفى، والذى يشتهر بين الجميع  بجمال صوته وميله لأداء أغانى كبار النجوم، فضلا عن ثقافته الواسعة، حيث يتقن 7 لغات كتابة وقراءة ويمكنه أداء العديد من الأغاني بهذه اللغات أيضا، مؤديا بعضا فى الحفلات التى يقيمها المستشفى منها خلال أقامته الطويلة به قاربت على الـ20 عاما، نتيجة إصابته بمتاعب نفسية بعد عجزه عن تحقيق رغبة والده الذى كان يتعلق به كثيرا فى الالتحاق بكلية الحقوق، وهو ما أصابه بإحباط كبير امتد إلى تعب نفسى تطلب نقله للمستشفى للعلاج، وخلال مدة بقائه فى المستشفى لم تنقطع زيارة أسرته، وبالأخص والده الذى كان حريصا على زيارته باستمرار قبل وفاته وتلحق به والدته.

ويقول عم "م"، كنت متعلقا بأبى بصورة كبيرة فكان صديقي وأخى وكل شىء لى فى الحياة، وكنت حريصا على إرضائه بشكل كبير، فكنا متلازمين بصورة مستمرة وكان أمله أن التحق بكلية الحقوق ولكن لم استطع تحقيق هذه الأمنية له وأصبت باكتئاب حاد، وعلى الرغم من محاولته التخفيف عنى ولكن لم أستطع تقبل فكرة أننى لم أحقق له هذه الأمنية ومع تدهور حالتى تطلب الأمر دخولى إلى مستشفى العباسية،  وخلال مدة بقائى فى العلاج كان حريصا على زيارتى بشكل مستمر فلم ينقطع عنى ابدا حتى فى المناسبات والأعياد كان يحرص على قضائها معى بجوارى داخل المستشفى وكان حريصا كذلك على متابعة برنامج علاجى خطوة خطوة حتى أعود لممارسة حياتى الطبيعية بعيدا عن أسوار المستشفى، ولكننى فوجئت بوفاته وبعدها بأشهر قليلة لحقت به والدتى، فلم يبق لى أحد خارج المستشفى.

وتابع: لذلك فضلت البقاء به ليس فقط بسبب وفاة أسرتي ولكن نتيجة للمعاملة الطيبة التي أجدها، والتى بدأت منذ التحاقي بالمستشفى، والتى  تعمل على منهج مزدوج هو العلاج النفسى وإزالة سبب الصدمة مع التأهيل النفسى وتنمية الهوايات والفقرات الترفيهية، حيث تنظم حفلات باستمرار بجانب  تقديم مسرحيات فنية من خلال فريق التمثيل المكون من نزلاء المستشفى، وتجرى دعوة الجمهور وتنمية الهوايات سواء القراء والرسم والموسيقى، فيوجد مكتبات وقاعات للرسم ومسرحان، وذلك بهدف إعادة تأهيل الفرد واكسابه المهارات المختلفة لإعادة الدمج الإيجابى فى المجتمع مرة أخرى.

ويضيف عم "م"، أهم شيء اكتسبته داخل المستشفى هو الدقة والنظام؛ فالقواعد محكمة ويجرى تطبيقها بكل دقة ولكن برأفة، حيث يجرى الاستيقاظ مبكرا وأداء التمارين الرياضية الصباحية ثم تناول الإفطار ثم فترة الراحة والتي أحرص على قضائها فى المكتبة بين الكتب حيث أهوى القراءة وأستطيع التحدث بسبع لغات منها الفرنسية، والإنجليزية، والألمانية، واللاتينية، وهي معارف اكتسبتها جميعا داخل وجودي بالمستشفى، بجانب ممارسة الهوايات الأخرى، ومنها الغناء والتمثيل على مسرح المستشفى.

 

غياب الأب سبب الألم النفسى 

"كان عينى اللى بشوف بها وكل حياتى ومقدرتش أكمل حياتى من غيره".. هكذا تحدثت "ع" عن والدها الذى كانت صدمة رحيله سببا فى دخولها لمستشفى العباسية للعلاج النفسى، بعد ما أصيبت بمتاعب نفسية حادة لم تفلح معها محاولات الأسرة فى التخفيف عنها لتجاوز هذه المحنة.

وقالت: "كان أبى كل حياتى وكان صديقي فلم يكن مجرد أب فقط، فهو الصديق والأخ والحبيب والداعم لى؛ فهو من شجعنى على القراءة  وعمل على تنمية موهبة الشعر والرسم التى ورثتها عنه، فقد كان رساما وشاعرا أيضا عشت معه أجمل سنوات عمرى، لذلك لم أستطع  استيعاب فقده أو غيابه فلم أتصور أبدا  تكملة حياتى بدونه، لذلك أصبت بصدمة نفسية كبيرة بعد وفاته، ولم أتمكن من التعامل مع ذلك الأمر وانتقلت للعلاج بمستشفى العباسية، وعلى مدار أكثر من 20 عاما هى مدة بقائى داخل المستشفى لم أجد سوى المعاملة الطيبة من كامل فريق المستشفى  الذين لم يجتهدوا فقط فى علاجى نفسيا وإنما حرصوا على تنمية مواهبى وتشجيعى على ممارستها من خلال مكتبة المستشفى والمسارح، بجانب الحفلات التى تنظم بشكل مستمر، لافتة إلى حرص إدارة المستشفى على إقامة حفلة سنوية خصيصًا لها للاحتفال بيوم ميلادها.

وتقول "ع": على الجميع أن يعلم أن المريض النفسى إنسان مرهف الحس تعرض لصدمة ما لم يستطع التجاوب معها، ولكن مع الرعاية والاهتمام يمكنه التجاوز وتخطى العقبات والعودة مرة أخرى، لذلك يجب احتواء المريض النفسى وعدم التنمر وإشعاره بالحب والرعاية  والاهتمام.

قصة حب سبب دخول المستشفى   

حلم باستكمال تعليمه والالتحاق بإحدى كليات القمة، حيث كان محبا للتعليم متفوقا فى دراسته والارتباط بمن هواها وتكوين أسرة، ولكن حالت ظروفه المادية الصعبة ومهنة والده البسيطة، حيث يعمل بائعا متجولا، فى تحقيق ذلك الحلم، مما أصابه بأزمات نفسية تطورت إلى اكتئاب حاد وعزلة تطلب معها نقله إلى المستشفى للعلاج.

وقال "ع"، الشاب الثلاثينى العمر: كنت متفوقا فى دراستى بشكل كبير وحلمت بدخول إحدى كليات القمة ولكن حالت ظروفى والدى المادية الصعبة دون تحقيق ذلك الحلم، فقد اضطررت لترك الدراسة لمساعدته فى عمله وتربية أشقائى الخمسة الآخرين، فكان ترك الدراسة صدمة حقيقية ومأساة تتكرر يوميا أمام عينى، وأنا أشهد زملاء الدراسة السابقين فى طريقهم للمدرسة، وهو الحلم الذى عجزت عن تحقيقه وإكماله.

وتابع: لم يكن الفشل فى إكمال الدراسة هى الموقف الصعب الأول الذى واجهته، فقد تعرضت للصدمة الحقيقية بعد رفض والد إحدى الفتيات ارتباطى بابنته بسبب ظروفى المادية، لذلك أصبت بحزن شديد وابتعدت عن الجميع وملت للعزلة، ومع تطور حالتى أصرت والدتى على نقلى للمستشفى لتلقى العلاج، ومكثت بها 8 سنوات متقطعة، حيث أعود للمنزل من فترة لأخرى، ولكننى داخل المستشفى لم أشعر بالغربة مطلقا بسبب المعاملة الطيبة، فقد اكتشف فريق المستشفى موهبتى فى الغناء الشعبى، وشجعنى على ممارستها من خلال الحفلات التى تقام باستمرار.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة