سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 مارس 1965.. جليل البندارى يكتب عن أم كلثوم: عبرت فى أغنية «إنت الحب» بما لم يستطع أن يعبر عنه كل شعراء الغزل

الأحد، 06 مارس 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 مارس 1965.. جليل البندارى يكتب عن أم كلثوم: عبرت فى أغنية «إنت الحب» بما لم يستطع أن يعبر عنه كل شعراء الغزل جليل البندارى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبدعت سيدة الغناء العربى أم كثوم فى أغنيتها «إنت الحب»، كلمات، أحمد رامى، تلحين، محمد عبدالوهاب فى حفلتها يوم 4 مارس 1965 (راجع، ذات يوم، 4 مارس 2022)، وأبدع الكاتب والناقد الفنى جليل البندارى، فى الكتابة عن هذه الأغنية فى بابه الأسبوعى «ليلة السبت» بجريدة «أخبار اليوم»، فى عددها 6 مارس، مثل هذا اليوم، 1965 بعنوان «معبد الحب»، مشيرا إلى أنه استمع إليها قبل إذاعتها مرتين، مرة فى قاعة الاستديو، ومرة على شريط من صوت القاهرة، ثم استمع إليها مرة مع الناس، فقال لأم كلثوم: «هى معبد الحب، وليست إنت الحب، عندما علم من عبدالوهاب أنها أطلقت عليها إنت الحب، فضحكت وقتها وقالت: معبد الحب اسم شاعرى زيادة عن اللزوم».
 
يقول: «فى الطريق إلى أغنية إنت عمرى، ضاع بعض عمرى، وفى الطريق إلى معبد الحب ضاع بعض عمرى، فكما كانت أم كلثوم وعبدالوهاب يمضيان الليالى الطوال فى إعداد هذه الأغنية الرائعة، كنت أنا أيضا أمضى الليالى الطوال فى البحث عنها، فالعثور على بئر عميقة من آبار البترول المصرية السمراء، أسهل ألف مرة من العثور على كلمات وأنغام أغنية فى رأس أم كلثوم، أو فى درج من أدراج مكتب عبدالوهاب، فبئر البترول يكتشفها المهندسون والخبراء بواسطة آلات ومعدات، أما الأغانى والألحان فلا يمكن اكتشافها بواسطة الآلات والمعدات، فرأس أم كلثوم الذكى كخزانة الدولة، وفى هذه الخزانة الضخمة تحتفظ أم كلثوم بعشرات ومئات الألحان، وبعشرات ومئات من كلمات الشعراء والحكماء والفلاسفة القدامى منهم والمحدثون».
 
يتابع: «أم كلثوم هى الأخرى حكيمة وفيلسوفة وشاعرة يفيض قلبها للحب، فتعبر عنه بما لم يستطع أن يعبر به كل شعراء الغزل من عمر أبى ربيعة إلى أحمد بن شفيق كامل شاعر إنت عمرى، قال لى واحد من شعراء الفضاء وهو مأمون الشناوى، إنه يبيع مسودات كل أغنية يكتبها لأم كلثوم بالكيلو، وقال لها يوما بالتليفون وهى تطلب إليه تعديل بعض كلمات «كل ليلة وكل يوم» تلحين بليغ حمدى: الغنوة دى مش ح تجيب تمنها، وأغنية أم كلثوم مهما طالت فإنها لا تزيد عن ثلاثين سطرا، والذين يعرفون أم كلثوم يقولون إنها تعطى وقتا طويلا يعد بالأيام والأسابيع والشهور فى تنقية الأغانى والألحان من الزائدة الدودية، وهى تنظر إلى الأغنية كفكرة وكقصة لها بداية وذروة ونهاية، وقد استبدت فكرة إنت الحب، برأس أم كلثوم، عندما وقعت عيناها على هذه الكلمات التى كتبها رامى، ولم يطرقها شاعر من قبله: وعمرى ما اشكى من حبك/ مهما غرامك لوعنى/ لكن أغير من اللى يحبك/ ويصون هواك أكتر منى»، ورامى فى معبد الحب أو إنت الحب، هو نفسه رامى الذى علمنا الرقة فى الغزل والهدوء فى العتاب، والغفران فى الذنب، والصفح فى الخصام، والبكاء فى الحب، والعذاب للعذاب».
 
يكشف «البندارى» أنه استمع إلى «معبد الحب» فى نفس القاعة التى وقفت فيها أم كلثوم على قدميها هى وعبدالوهاب أكثر من ثلاث عشرة ساعة لتسجيل الأغنية، ولم تذق فى هذه الساعات الطويلة طعاما ولا شرابا سوى زجاجة كازوزة «سباتس»، أما عبدالوهاب فتناول وجبة واحدة، تتكون من الكفتة المشوية والخرشوف المسلوق وزجاجة مياه فيشى وثلاث برتقالات.
 
يضيف: «شعرت وأنا استمع إلى أغنية إنت الحب، بأننى لا أقف فى استوديو صوت القاهرة، وإنما كنت أرانى مرة فى مطار القاهرة الدولى، ومرة فى حفلة ذكر بمولد السيد البدوى، ومرة فى معبد أستمع فيه إلى ضربات قلبى، وأم كلثوم تؤدى صلوات الحب، فقد كان اللحن مليئا بالحياة والحركة والناس، وإلى جانب الحركة كان الحوار الذى صوره عبدالوهاب فى هذه الكلمات: أسأله إن غبت عنه يا حبيبى يشتاق إليك قدى أنا / وإن جافيته يا حبيبى يسهر الليل ويناجيك.. زيى أنا ثم يأتى دور الموال: ألاقى قلبى أنا حبه ما جه على بال/ لا عن هواك له غنى ولا يوم لغيرك مال، ثم يختتم عبدالوهاب اللحن بالصلاة التى أوحت إلىّ فى ديسمبر من العام الماضى بأن أطلق على هذه الأغنية معبد الحب: إنت الأمل اللى أحيا بنوره عمره ما يبعد يوم عن عينى / وانت الشوق اللى أسمع صوته لما تغيب عنى ينادينى/ وانت الحب اللى مفيش غيره لو يسعدنى أو يشقينى».
 
يختتم مقاله قائلا: «هكذا ترى معى أن الموسيقار الأصلع الذكى (عبدالوهاب) أجهد نفسه فى هذا اللحن، بعد أن اكتشف مواهبه كمهندس وخبير فى أعماق بحيرة البترول العظيمة الشهيرة بحنجرة أم كلثوم، فقدم لنا فى هذه الوجبة ثلاثة أطباق جديدة هى، الحركة، والحوار، وصلوات الحب».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة