بعد أكثر من شهر على بدء العمليات الروسية فى أوكرانيا، لا يزال مصير الحرب غامضا، ويحمل احتمالات اتساع الصراع فى أى لحظة، وسط مخاوف من أن يصل إلى صدام نووى أو بأسلحة الدمار، وفى حين تتحدث كل الأطراف عن ضرورة وقف الحرب، تتصاعد التصريحات والتحركات التى تضاعف من احتمالات استمرار هذه الحرب، ويراهن كل طرف على تراجع الطرف الآخر.
الولايات المتحدة والغرب يتحدثون عن تعثر خطة بوتين، وأنه لم يعد قادرا على الانتصار، ويراهنون على أن فاتورة الحرب تتضاعف على روسيا، بينما تتمسك موسكو بأهدافها من الحرب، وهى بقاء أوكرانيا على الحياد ونزع سلاحها، وإنهاء فكرة انضمامها إلى حلف شمال الأطلنطى، ويقول عباس غالياموف، المحلل السياسى الروسى، إن الأساس لبوتين هو القوة والضغط والنصر، لا يمكنه التراجع من دون اتفاق بشأن حياد أوكرانيا، ويريد أيضًا الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم، واستقلال الجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين لروسيا فى لوجانسك ودونيتسك، وبالفعل أعلن زعيم منطقة لوجانسك الانفصالية فى أوكرانيا ليونيد باسيشنيك، أن منطقته قد تنظم استفتاءً على الانضمام إلى روسيا، وقال: سيعبر الناس، خلاله، عن رأيهم بشأن الانضمام إلى جمهورية روسيا الاتحادية.
تصريح الرئيس الأمريكى جو بايدن فى بولندا، أنه لا يمكن لبوتين البقاء فى السلطة، أثار ردود أفعال مربكة، واضطر البيت الأبيض إلى إعلان تفسيرات تخفف من وقع التصريح، وسارع البيت الأبيض إلى تدارك تصريحات بايدن سريعا، مشددا على أنه «لم يقصد» المطالبة بتغيير الحكم فى روسيا، قبلها أدلى الرئيس الأمريكى بتصريحات فهم منها أنه يريد إرسال قوات إلى أوكرانيا، لكن البيت الأبيض نفى ذلك، الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون علق قائلا «لن أستخدم هذه العبارات، لأننى ما زلت أتحدث إلى الرئيس بوتين، ولأن ما نريد القيام به بشكل جماعى هو وقف الحرب».
ماكرون يتحدث عن وقف الحرب، وسبق وأعلنت فرنسا وألمانيا عدم القدرة على ترك النفط والغاز الروسى الآن، وهو ثمن أن أوروبا تواجه ارتفاعات فى أسعار الوقود والسلع والغذاء، مثل باقى دول العالم، مع توقعات بزيادة هذه الأسعار، وكل يوم من الحرب يضاعف من فواتير الغذاء والطاقة، وأيضًا ردود الأفعال الروسية على العقوبات الأوروبية والأمريكية، التى يراهن الغرب على قدرتها فى دفع موسكو للتراجع.
بعض خبراء الاقتصاد أعلنوا منذ البداية أن التشابك فى الاقتصاد العالمى، يجعل من الصعب نجاح الإجراءات ضد روسيا، خاصة أن موسكو تمتلك سيناريوهات، منها قرار بيع النفط والغاز بالروبل، أو بالعملات الرقمية «البتكوين» بديلًا عن الدولار أو اليورو، وهو ما قد يرفع قيمة الروبل أمام الدولار، خاصة أن روسيا هى ثالث دولة فى تعدين العملات الرقمية بالعالم بعد الولايات المتحدة وكازاخستان، وفى هذا السياق، يقول رئيس لجنة الطاقة فى مجلس الدوما الروسى بافل زافالنى: ننظر فى طرق بديلة لدفع ثمن صادرات الطاقة الروسية بدلًا من الدولار، قد تكون عبر الروبل أو البتكوين، وأضاف: نقترح على الصين منذ فترة طويلة التحول إلى تسويات بالعملات الوطنية مقابل روبل ويوان، ونفس الأمر مع باقى الدول، وهو ما يمثل ضغطًا على الدولار ويخفض سعره أمام العملات المختلفة، وهو أمر كان معمولًا به فى عهد الاتحاد السوفيتى.
كل هذه الإجراءات والخطوات المضادة تجعل استمرار الحرب أمرًا متوقعًا، فى ظل تصعيد من كل جانب، ويبقى الصراع قابلًا للاتساع فى أى لحظة، خاصة أن التراجع مستبعد من أطراف النزاع، الذى يرفع مبيعات السلاح، وأسعار الوقود والغذاء ويخسر فيه من ليسوا طرفًا فى هذا النزاع، حيث تشير تقارير شركات التسلح إلى ارتفاع فى مبيعات السلاح عالميًا، منذ بداية العام على أنغام التوتر السياسى وقبل وبعد بدء الحرب فى أوكرانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة