ذكرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، أن القارة الأفريقية شهدت ما يزيد عن 600 عملية إرهابية وحالة عنف متطرفة، بما تسبب فى سقوط ما يزيد عن 10200 ضحية، ناهيك عن عشرات المئات من المختطفين والنازحين والمصابين، مُشكلة بذلك زيادة كبيرة عن عام 2020، والذى شهدت فيه أفريقيا ما يربو من 525 حادثًا دمويًا، مما أسفر عن سقوط 7030 قتيلًا على الأقل. وذلك بعد مرور أكثر من عامين على انتشار جائحة كوفيد 19 وانشغال الدول الأفريقية بملاحقة تداعياتها الخطيرة.
جاء ذلك فى تقرير أصدرته مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بعنوان "عدسة العمليات الإرهابية فى أفريقيا 2021"، وهو التقرير السنوى الثانى الذى عكفت فيه مؤسسة ماعت على رصد العمليات الإرهابية والعنف التى تضرب كافة أنحاء القارة الأفريقية بصورة يومية، ومن ثم تتبع سير التنظيمات الإرهابية ومعرفة حدود انتشارها، وكذلك الجهود والمبادرات المتكاتفة لدحر التمدد الإرهابى فى القارة الأفريقية.
وذكرت ماعت أن أبرز السمات التى تميز بها نشاط التنظيمات الإرهابية فى أفريقيا خلال عام 2021؛ أولها مبايعة العديد من الحركات المسلحة والجماعات المتمردة لتنظيم داعش، وثانيها تركيز تلك التنظيمات على توجيه ضربات قوية ومكثفة لمعاقل قوات الأمن والجيش فى المناطق التى تقع تحت سيطرتها، وثالثها تزايد نشاط الجماعات الإرهابية فى ظل حالة من تصاعد التنافس الجهادى بين تنظيمى القاعدة وداعش بعد الخسائر التى تعرض لها التنظيمان فى منطقة الشرق الأوسط.
ومن جانبه، أشار أيمن عقيل؛ الخبير الحقوقى الدولى ورئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان؛ أن السمة الأبرز التى ميزت العمليات الإرهابية خلال 2021، هى توسع ظاهرة الإرهاب العابر للحدود. فأصبح من اليسير على الناظر فى خريطة التنظيمات الإرهابية أن يجد تمدد واضح لتنظيمى القاعدة وداعش فى القارة الأفريقية.
وعلى صعيد أخر، صرح "عقيل" أن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية كانت فى مقدمة الدول الأفريقية الأكثر دموية خلال العام الماضى، بعد أن سقط بها حوالى 3821 ضحية، ومن المؤسف أن نجد حدة الصراع السياسى لا تزال مشتعلة. وأوصى "عقيل" بعدم افتئات حقوق العرقيات المختلفة التى بدورها تؤثر على الأمن والسلم. وشدد على ضرورة الانتهاء من التحقيقات الأممية والأفريقية سريعًا واتخاذ الإجراءات العاجلة للعدالة، كذلك العمل على صياغة سياسة وطنية تمنع الإرهاب على أساس العرق.
وفى سياق التقرير، علق عبد الرحمن باشا؛ مدير وحدة الشئون الأفريقية والتنمية المستدامة بمؤسسة ماعت، على ظاهرة استخدام الشركات الأمنية الخاصة وعلاقتها بتنامى الإرهاب وما يتصل به من كافة الأعمال الإجرامية والعدائية. وخلال تصريحه، أكد "باشا" على الدور المتزايد الذى تلعبه تلك الشركات فى تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، كونها تؤدى دورها بالوكالة عن سياسات بعض الدول، التى تتحفظ على إظهار رعايتها العلنية لتلك الشركات بسبب المكانة الدولية.
وأشار "باشا" إلى تورط العديد من الشركات العسكرية الخاصة فى أعمال إرهابية تحديدًا فى إقليم وسط أفريقيا. وأوصى "باشا" بضرورة تفعيل الكيانات التى تعمل تحت مظلة الاتحاد الأفريقى لمراقبة نشاط تلك الشركات، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضبط سلوكها، مما يتأتى معه حماية حقوق الشعوب الأفريقية.
ومن جانبها أشارت بسنت عصام الدين؛ نائب مدير وحدة الشئون الأفريقية والتنمية المستدامة بمؤسسة ماعت، إلى التمدد الداعشى الواضح تحديدًا فى وسط وجنوب أفريقيا. وقالت أن استمرار مبايعة العديد من الحركات المسلحة والجماعات المتمردة لتنظيم داعش، أضحى يثير العديد من التساؤلات عن مدى قدرة الآليات الأفريقية المُعززة بالجهود فى توفير حياة آمنة وسالمة لملايين المدنيين العزل.
فيما كررت "عصام" توصياتها السابقة بشأن أهمية تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقى، والخاصة بتشكيل وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تعمل تحت مظلة القوة الأفريقية للتدخل السريع، كذلك ضرورة تفعيل فريق عمل يضم جميع الأطراف المعنية لمكافحة الإرهاب، بما فى ذلك لجنة الأركان العسكرية لمجلس السلم والأمن والهيئات الإقليمية ووكالات التعاون الأممية.
الجدير بالذكر أن قارة أفريقيا تأتى ضمن اهتمام مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، كونها عضو الجمعية العمومية فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى فى الاتحاد الأفريقى، وحاصلة على صفة مراقب باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وكذلك هى منسق إقليم شمال أفريقيا فى مجموعة المنظمات غير الحكومية الكبرى بأفريقيا التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة