يعرض المتحف المصرى بالتحرير أحد أكبر المتاحف العالمية عددا كبيرا من القطع الأثرية التى تتجاوز الـ50 ألف قطعة أمام الزوار، ومن بين ما يتم عرضه تمثال المعبود تحوت فى هيئة أبى منجل جالسًا، ويعود للعصر المتأخر، والذى يظهر مدى اختيار الفنان الدقيق لمادة الصنع، حيث استخدم البرونز للرأس والحجر الجيري الأبيض للجسم.
تعود حكاية العصر المتأخر عندما غزا الملوك الكوشيون مصر، ظهرت أسرة معاصرة لهم فى مصر عرفت بالأسرة الرابعة والعشرين ومقرها في سايس "صان الحجر" في غرب الدلتا، ولكنهم دخلوا في صدام مع النوبيين الذين قتلوا ملكهم باك إن رن إف (بوكوريس باليونانية)، وبعد أن غزا الآشوريون مصر وتراجع الملك الكوشي تانوت آمون إلى النوبة، قام الملك آشور بانيبال بتثبيت ملوك سايس لحكم مصر نيابة عنه.
وما إن خفت قبضة الآشوريين على مصر حتى بدأ الملك بسماتيك الأول (664 - 610 ق.م) في ترسيخ سلطته في جميع أنحاء البلاد، وهكذا بدأت الأسرة السادسة والعشرين والعصر المتأخر، حينها صعدت مصر مرة أخرى كقوة عالمية كبرى، وفي تلك الفترة ازدهرت التجارة، وأثرت الموانئ التجارية في البحر المتوسط وبالقرب منه خزائن البلاد ولعب التجار والحرفيون اليونانيون دورًا مهمًا في هذا الصدد، مع نمو الاقتصاد، استأنفت مشاريع البناء الضخمة على طول وادي النيل، وتم إنتاج بعض أجمل نماذج الفن المصري القديم في هذه الفترة، وكان ملوك الأسرة السادسة والعشرين يتطلعون إلى ماضي مصر القديم، حيث الدولة القديمة (2668-2181 ق.م) على وجه الخصوص كنوع من استلهام النهضة، وكانت النتيجة هي ظهورعناصر في الفن واللغة والأدب تأثرت بالتقاليد القديمة، كما ازدهر عهد الملك أحمس الثالث (المعروف باسم أمازيس 570-526 ق.م) بشكل خاص.
ومع ذلك أصبح الوضع فى الخارج يزداد صعوبة، فقد تم استبدال الإمبراطورية الآشورية الجديدة المهزومة بإمبراطورية أخرى وهى الإمبراطورية البابلية الجديدة الآخذة في التوسع بشكل سريع. في حين أصبحت مصر قوة عسكرية كبيرة، سواء في البر أو البحر، ونجحت في القيام بحملات في كل من النوبة وبلاد الشام (منطقة فلسطين ولبنان وسوريا)، كما أقامت تحالفات لمعارضة البابليين وملكهم القوي نبوخذ نصر الثاني "605-562 ق.م"الذي تم صد هجومه على مصر بنجاح.
تعرضت الإمبراطورية البابلية الجديدة للهزيمة من قبل الإمبراطورية الفارسية الأخمينية الصاعدة تحت قيادة الملك قورش الكبير (559-530 ق.م)، واجه الملوك الصاويون هذا التهديد الجديد، لكن هزم الملك بسماتيك الثالث "526-525 ق.م" على يد الملك الفارسي قمبيز وتكونت الأسرة السابعة والعشرين من الحكام الفرس، رغم أن هذه كانت فترة مزدهرة، إلا أن المصريين أرادوا الاستقلال عن المحتل الفارسي وتمردوا عليه عندما اتيحت لهم الفرصة.
كان الملك آمون إيرديس (أميرتايوس باليونانية 404-399 ق.م) من سايس قد نجح في استعادة البلاد وحكمها بأكملها، وأسس الأسرة الثامنة والعشرين. ومع ذلك ، كان هو الحاكم الوحيد لتلك الأسرة، حيث تعرض العرش للاغتصاب من قبل نفريتس الأول (399-393 ق.م) ، الذي أسس الأسرة التاسعة والعشرين. تلك الأسرة دافعت بنجاح عن مصر ضد الفرس ، لكن العرش كان قد اغتصب منهم أيضًا ، وهذه المرة من قبل القائد نخت نف إف.
ومع حكم الملك نخت نب إف (نختنبو الأول باليونانية 380-362 ق.م) بدأت آخر أسرة مصرية وهي الأسرة الثلاثين والتي كانت واحدة من أواخر عصر الازدهار في تاريخ مصر القديمة، تحولت عاصمة مصر إلى مدينة سبنيتوس (سمنود الحالية) واستمرت حركة العمران في جميع أنحاء البلاد بداية من الدلتا في الشمال وحتى فيلة بالجنوب، وعلى الرغم من نجاح الأسرة في الدفاع عن مصر ضد الغزو الفارسي في البداية إلا أن الملك نخت إر حبت (نختنبو الثاني باليونانية 360-343ق.م) هزم أمام الفرس الذين أسسوا الأسرة الحادية والثلاثين واستمرت فقط نحوعشر سنوات.
تمثال المعبود تحوت
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة