مصطفى فرغلى

خطر لا يراه الآباء إلا بعد الفاجعة.. احذر.. الموبايل قاتل صامت

السبت، 10 ديسمبر 2022 04:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا تفعل لو رأيت ابنك ممسكا بسكين يلعب بها، وهناك خطر أن تتسبب فى قطع يديه أو قد يصل الأمر إلى تهديد حياته، أو قل لى، ماذا تفعل لو شرعت ابنتك فى قطع "خرطوم" الغاز أو أنبوبة البوتاجاز، ماذا لو رأيت أحد أبنائك واقفا على "سور البلكونة، يقوم بأفعال أكروباتية بلهوانية ويداه ممدودتان بمحاذاة كتفيه، مما قد يعرضه للسقوط فى أى لحظة، ماذا لو رأيته ممسكا بـ"مفك" وقد جسد دور الكهربائى وبدأ يلعب فى الكهرباء، ماذا لو قام بفعل أى شيء يعرضه للخطر ويتسبب فى فقدانك فلذة كبدك، حفظهم الله.
 
تلك أخطار تشاهدها رأى العين، لكن ماذا فيما لم تره عيناك إلا بعد حدوث الفاجعة لا قدر الله، فهناك تحديات وألعاب فيديو وترندات، نقرأ عنها ونشاهد مصائبها كل يوم، آخرها لعبة جديدة على تطبيق "تيك توك" تسببت فى تعرض الطالب أحمد خالد بإحدى المدارس الدولية بالعبور، بإصابة بالغة فى كسر بالفقرات، تضمنت تحديات اللعبة أن يقذف الطلاب زميلهم إلى أعلى ثم يتركوه فجأة ليسقط على الأرض، بهدف قياس قوة تحمله، فسقط الطالب على رقبته، وأصيب بكسور فى النخاع الشوكى والعمود الفقري، ومن ثم شلل وهو الآن يصارع أجله فى أحد المستشفيات،، والله أسأل أن يشفيه ويعود إلى مدرسته بصحة وعافية.
 
كلنا يعشق أبناءه بل يتمنى أن يصيبه هو أى مكروه قبل أن يمر مجرد المرور بابنه أو ابنته، لا ينكر هذا إلا جاحد القلب، معدوم الشعور، حفظ الله أولادنا من كل سوء، ولحل أى مشكلة يجب أولا معرفة المشكلة وأسباب وقوعها ومن ثم البحث عن استئصالها من جذورها والوقوف على الحلول التى تمنع مثلها أن يقع مستقبلا.
 
يحكى لى أولادى، أكبرهم فى الصف الثانى الإعدادى، وثانيهما بالصف السادس الابتدائى، والثالث فى رابعة ابتدائى، يحكون عن لعبة تشارلى وما يفعله بعض الطلاب من كتابة على حوائط الحمامات بالمدرسة، يمتد الحديث عن أفعال السحر والشعوذة "لزوم اللعبة"، ما تسبب فى فزع البعض، الأمر الذى تفاقم حتى أصيب بعض الطلاب بالهلع والخوف وإصابة آخرين بحالات إغماء فى مدارس شتى.
 
يرون أيضا عما تسببت فيه "ترند النفس" – الذى ظهر منذ أيام ليست بعيدة- عن إغماء البعض فى مدارس مختلفة بأنحاء الجمهورية، حيث يقوم أحدهم بإخراج الهواء من رئتيه ويضع آخر يديه على صدر الأول بشدة ما يتسبب فى إصابته بنوبة إغماء، الأمر خطير قد يفقد الشخص حياته على إثره.
 
ذات يوم طلب ابنى الذى يدرس بالصف الثانى الإعدادى أن يأخذ "الشبشب" معه والتليفون المحمول إلى المدرسة، استفسرت منه عن سبب الطلب، أخبرنى بأنهم سينفذون "ترند الشبشب" رفضت وعنفته بشدة، وطلب منى عدم إبلاغ المدرسة، فوعدته بذلك، لكن أحد أوليا الأمور، اتصل بالمدرسة وأبلغها بما يدور فى أذهان الطلاب، ما ساعد فى وقف تلك المهزلة، وتحققت إدارة المدرسة مما كان ينوه الطلاب، وسحبت المدرسة كل تليفون "أندرويد" من الطلاب، وكتبت على جروب يضم أولياء الأمور، عن هذا الحدث وما ترتب عليه من قرارات، وطالبت الآباء والأمهات، بأن يحضروا لاستلام الموبايلات يد بيد، ليكونوا مسؤولين مع إدارة المدرسة فى تربية أولادهم، فكانت الطامة الكبرى، حيث استهجن البعض رافضين إجراء المدرسة تجاه الطلبة وسحب الموبايلات، فأخبر بعضهم أنه فى العمل هو وزوجته ويطمئن على ابنه من خلال التليفون فقط، وهذه طامة أكبر ومصيبة ليس بعدها مصيبة، فكيف لى أن أترك ابنى بمفرده مع تليفون يخرج منه مصيبة تلو المصيبة، ويعلمهم بعض التحديات التى قد تهلكهم، وتجعلك تلعن اليوم الذى اشتريت الموبايل فيه لابنك، ربنا يحفظهم جميعا.. أمييييييييييين.
 
تختلف أو تتفق معى.. أنت السبب رقم واحد فى مسلسل المصائب التى نسمع عنها يوما تلو الآخر، تلك المصائب التى يقع فيها ابنك وبنتك وابنى وبنتى، "آه احنا السبب".. فنحن من نساهم فى ضياع أولادنا بأموالنا، نشترى أغلى الموبايلات ولا نتابع بعد ما يشاهدون وما يتعلمون وما ينون القيام به بعد مشاهدة تحدٍ ما، تلك الموبايلات للأسف تعلم أبناءنا التحدى غير المجدى، والرغبة فى بلوغ الترند "التافه"، والتقليد الأعمى لما يصح أو لا يصح، ومشاهدة صور ومقاطع إباحية، بحثوا عنها أو خرجت أمامهم دون قصد منهم، الأمر خطير والحل يسير.
 
فما هو الحل إذن، يتمثل الحل فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم.. الذى قال فيه: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِى مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).
 
فأنت مسئول وزوجتك مسئولة، واعلم أنك سلطان بيتك وعليك الدور الأكبر والذنب الأكبر أيضا، والمدرسة مسئولة وعليها دور أيضا، ولكن المدرسة تبنى على ما أسست وبنيت أنت ابتداءً، نتفق جميعا على هذا بداية، ثم نقسم المهام، فما دورك أنت.. أولا وأهم حاجة لا تلقى التهمة على الآخرين، واتهم نفسك أولا وأخيرا بالتقصير، فأولادك لن يهتم بهم تمام الاهتمام وكل الاهتمام ومنتهى الاهتمام غيرك.. فإن فعلت هذا، فإليك الأمر الثانى.
 
ثانيا.. عليك دور آخر هو ألا تغيب عن بيتك لساعات طويلة، لأى سبب من الأسباب، فعملك يجب ألا يأخذك من بيتك، وإن غبت فيه فالأم موجودة عليها ألا تغيب عيناها عن أولادها، فلا تترك نفسك لمقهى مثلا تضيع عليها وقتك ومن ثم تضيع معها أولادك، فإن فعلت هذا، فإليك الأمر الثالث.
 
ثالثا.. اجعل مع ابنك تليفون عادى "بزراير فقط" لتطمئن عليه، وإن اشتريت له "تليفون أندرويد" فاعطه له يوم العطلة فقط، وراقبه وراقب ماذا يشاهد، اربط الموبايل الخاص به بموبايلك الخاص فتعرف ماذا شاهد ولا تجعل "السايب فى السايب" كما علمنا أجدادنا رحمهم الله، فإن فعلت هذان فإليك الأمر الرابع.
 
رابعا.. صاحب أبناءك.. صاحبى بناتك، اجعلوهم يحكون عن كل كبيرة وصغيرة تحدث لهم وتحصل معهم، بل صاحب أصحابهم واعرفهم عن قرب، وبهذا تكون مطلعا على كل يفعلون أو ينون فعله، فتتنفق مع الصحيح وتختلف وترفد "الغلط"، فتحميهم وتحمى أقرانهم، واعلم أن "ابنك بعد سن الـ13 سنة مش هتعرف تسيطر إلا على ما عودته عليه"، فإن فعلت هذان فإليك الأمر الخامس.
 
خامسا.. تفقد المدرسة من حين لآخر "أسبوعيا أن استطعت"، فاسأل عن أولادك، كيف هم وكيف حالهم وأخلاقهم وأقرانهم، هل تغير شيء مما عملتهم إياه، احضر اجتماع الآباء الذى تنفذه المدارس، اطرح المشكلات وابحث مع أخصائى المدرسة عن الحلول، فتكتمل الحلقة، وتكون أقرب للحدث، وتكون أقرب لحل أى مشكلة تطرأ قبل أن تتفاقم.. فإن فعلت هذا، فإليك الأمر السادس، وربما كان يجب على أن ابدأ به، لكنى جعلته الأخير لأنه الأهم على الإطلاق.. وهو "اتقى الله" فى نفسك وفى عملك وفيما تتكسب منه قوتك وقوت أولادك.. فقد قال الله: "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً".. ولا أظن أن هناك أمرا أهم وأولى من أولادنا..
 
حفظ الله أولادنا وجعلهم قرة عين لنا ونفع بهم مصر والمصريين بل والعالم أجمع يارب.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة