تلقيت دعوة كريمة من فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، لحضور مؤتمر "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة"، الذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم برئاسة فضيلته، وحضور عدد من الشخصيات الدينية وممثلي دور الإفتاء في العالم، تحت شعار "نحو إفتاء داعم للتنمية المستدامة"، وذلك قبل أيام من انعقاد قمة المناخ العالمية 27 COP بشرم الشيخ.
وأسعدني حضور بعض جلسات النقاش حول قضايا جديدة تُناقش من مؤسسات دينية لها وزنها ومكانتها في العالم، ومنها: قضية توظيف الأموال “ظاهرة المستريح" ودور الفتوى في مواجهتها، وقضية الفتوى والفتوى ومعوقات التنمية الاقتصادية (الاحتكار، الغش، التدليس، البطالة)، وقضية الفتوى حقوق الإنسان، وغيرها من القضايا الحياتية الأكثر عمقا من فتاوى الإنترنت والقضايا الهامشية التي تحصر الدين في الشكل والتفسير الحرفي للنصوص والتمسك بالمظهر دون الجوهر.
إن التنمية المستدامة أبرز متطلبات عمارة الأرض لقوله تعالى: "هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ"(61/هود).
كما أن من مقاصد الشريعة التي دعا إليها الإسلام في القرن السابع الميلادي: حفظ الضروريات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال. ومن بين هذه الضرورات الخمس توافقت الإنسانية على تحقيق 17 هدفا تُعرف بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ( (SDGsأقرتها أعلى منظمة دولية وتجمع بشري عالمي في 25 سبتمبر 2015، لمعالجة مجموعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية المشتركة بين جميع البشر على كوكب الأرض وهي: (الفقر – الجوع – الصحة – التعليم - تغير المناخ – المساواة بين الجنسين – المياه - الصرف الصحي – الطاقة – البيئة - العدالة الاجتماعية).
ومن بين المشاركات المهمة بهذا المؤتمر بحث لفضيلة الدكتور محمد أحمد لوح رئيس لجنة الإفتاء بالسنغال، الذي تحدث عن حلول عملية لمعالجة قضايا البيئة، ومنها أن الإسلام حارب التصحر ونهى عن قطع الشجر الذي يستفيد به الناس، وأمر بالمحافظة على المياه، وعدم الإسراف في استخدامها، وعدم مشروعية كل ما يضر الناس في صحتهم أو راحتهم من ضوضاء وإزعاج وتلوث وانبعاث غازات وعوادم سيارات ومصانع.
ومن الجزائر الشقيقة قدم فضيلة الدكتور بوعبد الله غلام رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ورقة بحثية عن التغير المناخي ودور الفتوى في مواجهته، وضرورة نشر الوعي وتثقيف المؤثرين في البيئة مثل الفلاحين والحرفيين والتجار وربات البيوت، وكذلك عمال النظافة والصرف الصحي... وغيرهم، تتم عن طريق المساجد وخطب الجمع والدروس الدينية وبواسطة الندوات والمؤتمرات والأحاديث التي تنظم في وسائل الإعلام المختلفة، وأن من واجب هؤلاء الناس جميعا أن يتعلموا حكم الشرع مثال في استعمال الماء ونظافة المنازل والأحياء وحق الطريق ..إلخ
لا شك أن مؤسسة دار الإفتاء تغير دورها ووظيفتها وأصبحت شريكا في عملية التنمية والبناء وإصلاح وتجديد الخطاب الديني، غير أنه لا بد من إشراك باقي المؤسسات الدينية والطوائف المختلفة والمثقفين في مناقشة قضايا الفتوى والتنمية المستدامة، فهذه قضية إنسانية وعالمية للجميع، أفلا تعقلون؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة