اختتمت فعاليات مؤتمر "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة" الذى نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بحضور 90 مفتيا ورجل دين، وانتهى المؤتمر الذى شهد حضورًا مميزًا من كبار المفتين والوزراء ومن علماء الشريعة ورجال الفكر والإعلام والباحثين وعلماء الاقتصاد والاجتماع والسياسة والمتخصصين فى قضايا البيئة وتمكين المرأة وغيرها من القضايا التى تَمَسُّ الإنسانَ فى كل مكانٍ، الى عدد من التوصيات وهى:
أولًا: يدعو المؤتمر إلى المزيد من الاهتمام بعمليات التأهيل والإعداد للقادة الدينيين وتدريبهم على مراعاة أهداف التنمية المستدامة ونشرها والعمل على دعمها من خلال أدوارهم فى المجتمع.
ثانيًا: يدعو المؤتمر إلى التعاون الدائم فى مجال التنمية المستدامة والشاملة على المستويات كافة للوصول إلى غاية مشتركة ونتائج واقعية ملموسة، ومن ذلك إنشاء مكاتب ووحدات تُمثِّل قنوات للاتصال بين المؤسسات الدينية -لاسيما الإفتائية- والدوائر التخطيطية والتنفيذية القائمة على المشروعات التنموية للتنسيق بينهما فيما يستجد ويكون للفتوى دور فيه.
ثالثًا: يهيب المؤتمر بالمؤسسات الإفتائية بضرورة العناية بالفتاوى المتعلقة بقضايا: التنمية، ومحاربة الفساد، وتعزيز قيم الشفافية، ومواجهة معوقات التنمية كالانفجار السكانى والجهل ونحو ذلك.
رابعًا: يدعو المؤتمر الجهات المعنية بوضع المناهج الدراسية وتطويرها إلى تعزيز حضور قضايا التنمية فى الدرس الفقهى الشرعى فى المعاهد والجامعات التى تدرس الموضوعات الفقهية والشرعية.
خامسًا: يثمن المؤتمر كافة المخرجات التى صدرت وعرضت فى فعالياته ويدعو الباحثين والمختصين للإفادة منها.
سادسًا: يشيد المؤتمر بمسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التى تشهدها مصر بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى وكذلك يشيد بما تقوم به كافة الدول العربية والإسلامية فى ذات الشأن.
سابعًا: يشجع المؤتمر المؤسسات الثقافية والدينية على تنظيم مسابقات دورية ورصد مكافآت وجوائز كبيرة تشجيعًا للأعمال الدينية والفكرية الموجهة للقطاع التنموي.
ثامنًا: يؤكد المؤتمر على ضرورة ربط كل المجالات التنموية بعضها ببعض، والتى تجعل من الإنسان مرتكزا رئيسا لهذا المشروع الحضارى التنموى، فتهتم به فكريا وتهتم به اقتصاديا وتهتم به تعليميا وصحيا وبيئيا الخ.
تاسعًا: يؤكد المؤتمر على الدور الإعلامى المنوط بالمؤسسات الإفتائية والدينية فى التوعية بعمليات التنمية وأهميتها وموقف الفتوى والتشريع منها.
عاشرًا: يهيب المؤتمر بالمؤسسات الوطنية -التعليمية والدينية وغيرهما- على الصعيدين المحلى والعالَمى بضرورة ترسيخ مبادئ المحافظة على البيئة فى كافة صُورها بَرًّا وبحرًا وجَوًّا؛ باعتبارها الركيزة الأولى لكافة منطلقات التنمية المستدامة.
حادى عشر: يؤكّد المؤتمر على أهمية التوعية الدائمة بخطورة قضايا التنمّر والتعدّى على الخصوصيات، وعرقلة التكافؤ بين حقوق الجنسين نظريًا وعمليًا، لتفادى جزءٍ كبيرٍ من معوّقات التنمية، كما يناشد المؤتمر المؤسسات التعليمية والتشريعية بضرورة التعاون فى التوعية المبكرة والعلاج المتتابع لهذه المخاطر.
ثانى عشر: يؤكّد المؤتمر على ضرورة اعتبار حقوق الأجيال البشرية القادمة فى التنمية المستدامة، من حيث الاستفادة بموارد الطبيعة من ناحية، وعدم تقييد حياتهم بفتاوى قاصرة من ناحية أخرى، ويبيّن بوضوحٍ أن من أهم ركائز النظر السليم للمؤسسات الإفتائية: أن تراعى فى بحثِها وتطبيقها هذا المبدأ الإنسانى النبيل، فلا تقرر اليومَ ما يضرّ بالبشرية غدًا.
ثالث عشر: يشيد المؤتمر بالأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة التى حددتها الأمم المتحدة، واعتمدتها جميع الدول الأعضاء بها فى سبتمبر 2015م، ويؤكد على أنها تتوافق تمامًا مع مقاصد الإسلام، وتمثل خطوةً جادّةً ومحوريةً فى طريق تحقيق التنمية المستدامة مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار الخصوصيات الدينية والثقافية لكل مجتمع.
رابع عشر: يدعو المؤتمر المؤسسات الإفتائية ومنابر الخطاب الدينى بكافة صُوره أن تضع فى قمة اهتماماتها: دعم الاقتصاديات الوطنية المحققة للتنمية، والتصدى لما يعرّضها لمخاطر التراجع من الفتاوى المضادة، وهى أحكامٌ شاذة ورؤىً قاصرة لا تتسق مع المقاصد الكلية للدين، ولا تتناسب مع حالة العصر.
خامس عشر: يدعو المؤتمر الباحثين النابهين إلى ضرورة التنقيب فى تراثنا الفقهى عن كنوز النظر المستنير الداعم لمفهوم التنمية فى كافة العصور، ويؤكد على أن أسلافنا الأماجد لم يكونوا بمعزلٍ أبدًا عن أهداف الشرع ومقاصده فى تنمية الإنسان وإنعاش الحياة.
سادس عشر: يؤكد المؤتمر على أن العمل الجماعى فى تحقيق التنمية المستدامة واجبٌ إنسانى فى المقام الأول، وهو يخص جميع البشر على اختلاف أجناسهم وألسنتهم وعقائدهم، بحكم المصير المشترك لهم بالرخاء فى حالة إثمار الجهود، أو البؤس الشديد فى حالة تفاقم المعوّقات والمخاطر.
سابع عشر: يدعو المؤتمر كافة المؤسسات الإفتائية إلى التواصل مع العلماء والخبراء فى مجالات التنمية المتنوعة من التعليم والاجتماع والاقتصاد والبيئة والفضاء والإعلام، والاعتماد على معطيات التحول الرقمى لتطوير أدبيات الفتوى، والإفادة منها على نحوٍ فعَّال فى العالم المعاصر بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، والاسترشاد بتجربة الأمانة العامة لدُور وهيئات العالم ودورها الرائد فى هذا المجال.
وكشف الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، الذى ألقئ البيان الختامى، أن المؤتمرُ ناقش أثناء الفعاليات المتنوعة بين جلساته وورش عمله وأبحاثه المقدمة ونقاشاته قضايا الفتوى الشرعية ودورها المؤثر فى تحقيق التنمية للدول والمجتمعات، وكيف يمكن للفتوى أن تكون ركنًا فى إعمار الأرض الذى أمر به سبحانه وتعالى.
وحرص المؤتمر من خلال أعماله وانطلاقًا من رسالته على تحقيق مجموعة من الأهداف، من أهمها: تحديد ماهية وأبعاد «التنمية المستدامة» وإبراز أهدافها ومبادئها وعناصرها، مع رصد التطور التاريخى لمفهوم التنمية، وتحديد المفهوم الشرعى لـ«التنمية المستدامة» وتأصيله فى القرآن الكريم والسنة النبوية، وتحقيق شواهد التنمية المستدامة من القرآن والسنة، وترسيخ قيم التنمية المستدامة فى الدولة الحديثة.
وكان من أهم أهداف المؤتمر أيضًا تحليل التجارب العالمية والدولية فى التنمية المستدامة، وبيان علاقة الفتوى الشرعية بالتنمية المستدامة، وتقديم مخرجات إفتائية علمية رصينة تُسهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما استهدف المؤتمر بجلساته: إيضاح دور الفتوى فى تحقيق الأهداف الاجتماعية والثقافية والبيئية للتنمية؛ وبخاصة: قضية التغير المناخى وتمكين المرآة.
وقد انطلقت جلسات المؤتمر المثمرة تحت شعار "نحو إفتاء داعمٍ للتنمية المستدامة"، وناقش المحور الأول للمؤتمر دورَ الفتوى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتناول فى المحور الثانى دورها فى مواجهة معوقات التنمية، ثم ختم فى المحور الثالث بأحد أهم قضايا هذا العصر، وهو دعم الفتوى للاقتصاديات الوطنية.
وعلى هامش هذه الجلسات عُقدت مجموعة من ورش العمل؛ تناولت الورشة الأولى منها قضية: "تأهيل القادة الدينيين لتعزيز أهداف التنمية المستدامة"، وركزت على مناقشة الدور المنوط بهم فى ذلك، وآلية مراعاتهم لأهداف التنمية، أما الورشة الثانية فناقشت "التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية والطبيعية فى تحقيق أهداف التنمية"، وقد بينت هذه الورشة نقاط التلاقى بين الفتوى والعلوم الاجتماعية والطبيعية، وجهات التأثير والتأثر بين كل من تلك العلوم والفتوى، وكيف يستفيد المتصدر للفتوى من معطيات تلك العلوم فى صناعة الإفتاء؟ وكذلك كيف يستفيد المتخصصون فى العلوم الاجتماعية والإنسانية من مخرجات عملية الإفتاء المستمرة والمتجددة فى إثراء تخصصاتهم.
ولأهمية التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى، وبسبب التحديات التى تواجه البلدان والمؤسسات فى سبيل التحول الرقمى مع التطور المتلاحق للتقنية الرقمية، ولأنه صار من اللازم مسايرة سائر المؤسسات الإفتائية لهذا التطور؛ لذلك كله خُصصت الورشة الثالثة لاستخدام الذكاء الاصطناعى والتحول الرقمى فى تعزيز أهداف التنمية المستدامة؛ وكان من أهم أهدافها الوقوف على آليات التعاون بين المؤسسات الإفتائية فى الاستفادة بالتقنية الرقمية والذكاء الاصطناعى فى سبيل تعزيز أهداف التنمية المستدامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة