50 عاما وأكثر من العطاء الفني والإنساني هي مسيرة ثرية لفنان واستاذ ومربي للأجيال عرفناه وهو سنبل الذي يعمر الصحراء وهو جوكر المسرح العربي وهو فارس بلا جواد ، هو من أبكانا واضحكنا في اعماله ، هو من لم شمل العائلة في مسلسله ونيس ، هو شحنة وطنية فاعلة وأكاديمية فنية وتجربته أصبحت خبرات موزعة علي أجيال من الفنانين خرجوا من مسرحه.. إنه الفنان الكبير والنجم محمد صبحي الذي استقبله اليوم السابع في بداية العام الجديد في ندوة تم تكريمه خلالها وتحدث عن المسرح والسينما والمسلسلات وكشف عن مشاريعه القادمة.
هل كانت مغامرة من النجم محمد صبحي في اختيار 14 وجها جديدا ليكونوا أبطالا لمسرحيتك الأخيرة " نجوم الظهر " ؟
ليست مغامرة ، لكنها تجربة مدروسة مثل كل التجارب التي قدمتها ، فاستحالة أن اسمح لنفسي من أول ما بدأت في العمل الفني وتخرجت من المعهد أن اقدم تجربة ليست مدروسة فقد كنت أقوم بتدريب الطلاب للدخول إلي المعهد ولا اقدم شخص لا يستحق وكل الذين تدربوا معي يعرفون جيدا أنني اختار المناسب والموهوب ويتدرب لسنوات حتي يصعد الي خشبة المسرح كمحترف ويتدرب علي كل فنون الأداء حتي الذين يدخلون غناء يتدربون علي التمثيل ، وفي مسرحيتي الجديدة " نجوم الظهر " أجدد شبكية عين المشاهد بعمل كوميدي استعراضي غنائي بمجموعة من النجوم الصاعدة مع الخبرات الكبيرة مثل الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز، والفنان الكبير عبد الرحيم حسن ، والفنانة جيهان قمري.
كيف نواجه الاسفاف في الفن حاليا ؟
ليس مهما أن تهاجم وتنتقد الإسفاف ، فهناك نقاد كانوا عندما يحضرون مسرحياتي مثل علي الراعي ولويس عوض وفؤاد دوراه ورشاد رشدي وغيرهم كنت ارتعد عندما يشاهدون عمل لي وكانت الكلمة منهم مسموعة لدي الجماهير ، وكانوا يتجاهلوا أي إسفاف ولا يكتبون عنه لأن الكتابة عنه حتي لو كانت بشكل سلبي هي دعاية له وهذا كان ما يحدث عندما يكتب عن عرض انه به إسفاف أو ايحاءات والفاظ ومشاهد جنسية مثلا ، كان هذا العرض يذهب الجمهور ليشاهده ويستمر عرضه ، وأتذكر أنه كان هناك عطار يدعي "حسني العطار " ويعمل عطار بالفعل ولديه محل ، وكان يقدم عروض من هذه النوعية لكنه يعرض يوم او يومان ثم يغلق لأن الفن الجيد يطرد الفن الردئ ، ولذلك عندما جاء هاني شاكر وشاهد مسرحية نجوم الظهر قلت له : هذا حلك ، فأنت كنقابي حقك أن تتخذ قرارات ولكن لابد من المواجهة بالفن ، لأن الفن علم ويدرس .
كيف تري مستقبل المسرح في ظل اختفاء الفرق المسرحية الثابتة التي تعمل كمؤسسة ؟
حاليا لا توجد فرق مسرحية ثابتة وراسخة تعمل كمؤسسة إلا فرقة " استديو الممثل" التي اجدد في دمائها كل فترة ، وما يوجد حاليا علي الساحة اسميها فرق " الشقق المفروشة " لأنهم يتجمعون لعمل مسرحية وليس فرقة ، فالفرقة تعني منهج مثل " الكوميدي فرانسيز " وكان لدينا زمان فرقة " الريحاني " وفرقة " علي الكسار" و" إسماعيل ياسين" و" يوسف وهبي " وغيرها ، فالفن علم يدرس وليس فكاكة وشخص يصعد ليقول نكت ، وللاجابة علي هذا السؤال لابد ان نسأل انفسنا أولا : هل لدينا حراك ثقافي أم لا ؟ هل لدينا حراك فني ووعي أم لا ؟ فالإجابة علي هذه الأسئلة هي من تجيب علي السؤال المطروح ، فنحن لدينا اجتهادات فردية وأشبهها بمن يرتدي بدلة بيضاء وبها بقعة سوداء وقد قدمت هذا النموذج في برنامج " مفيش مشكلة خالص" فقد كنت انزل للجمهور وأسأله : ايه رايك في البدلة ، فتكون الإجابة بها بقعة سوداء ، فقد نظر كل من سألته علي النقطة السوداء ولم يري جمال البدلة ، ومثال آخر" تركيا " فهل شاهدنا أي مسلسل تركي يتحدث عن البغاء والعشوائية ؟ لم نشاهد برغم انهم لديهم عشوائيات وشاهدتها بنفسي ولديهم شارع ومنطقة للبغاء ، فهل شاهدنا مثلا مهند في العشوائيات ؟ بالطبع لا!! ، لكننا هنا نقدم العشوائيات في السينما ونشوه صورتنا بأنفسنا مع ان هذا استثناء لدينا وليس قاعدة ، فالفن الذي ينهل من الاستثناء ويقدمه علي أنه قاعدة يضر المجتمع بالكامل ويعطي صورة سلبية عن مصر .
كيف استطاع الفنان محمد صبحي أن يؤثر بأعماله في المجتمع ؟
حلقة في مسلسل " يوميات ونيس" كانت عن النظافة قدمتها ولم اتخيل أن تتحقق عمليا فقد دعيت لحارة في منطقة امبابة قاموا سكانها بتنظيف المكان وتلوينه وارتدوا ملابس نظيفة مثلما شاهدوا ونيس وأولاده ، فهذا كان تأثير العمل الإيجابي ، وفي مسلسل " سنبل بعد المليون " بعد إذاعة 10 حلقات منه قامت الدولة بعمل قانون جديد من أجل تملك الصحراء بمبالغ رمزية وبالفعل تملك شباب وقاموا بتعمير الصحراء وزراعتها بل وصدروا ما اخرجوه من خيرات الأرض للخارج لإيطاليا واسبانيا وفرنسا ، وأنا بكيت لأن هذا التاثير جاء نتيجة الدعوة التي اطلقتها بالمسلسل ، وبالمناسبة هذا الموضوع جعلني اغير من تفكيري وغيرت من إقامة مسرحي ومينة سنبل في ميدان سفنكس بالمهندسين إلي مدينة سنبل في الطريق الصحراوي .
هل بالفعل قام محمود المليجي بمساندتك في بداياتك المسرحية ؟
تعلمنا وعشنا في جيل أفضل منا بكثير وهو جيل الرواد بجد ، ولم نتعلم منهم الفن فقط ولكن الالتزام ، فعندما يأتي محمود المليجي بنجوميته الكبيرة وتوفيق الدقن بقامته أيضا ويقدموا عمل مسرحي مع ممثل وقتها كنت غير معروف ويوافقا علي أن أكون بطلا مطلقا معهم ويساعدوني فهذا أكبر دعم من فنان كبير لممثل في بداياته ، وأتذكر وقتها أن الفنان محمود المليجي دخل لي بعد أسبوع من العرض و" زعقلي " وقالي : احنا وقفنا جنبك أنا وتوفيق الدقن واحنا موجودين علشان تبقي نجم وانا واقف بجوارك علي المسرح ولكنك مرعوب ليه ؟ قول الإفيهات ولا تخاف ، ولا انس أيضا في تونس عندما جعلني أحي الجمهور في آخر العرض وهو الذي يقدمني للجمهور ووقتها حصلت علي أعلي نسبة تصفيق في حياتي بسبب محمود المليجي علي المسرح البلدي بتونس وقال لي المليجي : انت هنا قد ولدت وأصبحت نجما .
هل المسرح أخذ محمد صبحي من السينما برغم أن لك أعمال سينمائية مهمة ومنها " هنا القاهرة " و" الكرنك " ؟
تعالي نتفق أنه لا يوجد بطل في كل المجالات معا لابد من اختيار مجال لتكون فيه متميزا ، مثل العلماء هناك تخصص فلا يوجد عالم في كل العلوم ، وانا رجل مسرحي تخرجت من معهد الفنون المسرحية بأكاديمية الفنون ودرست في المعهد كمعيد لمدة 16 سنة ، ومع ذلك قدمت في السينما 22 فيلما ولكني توقفت عندما عرضت علي أفلاما كانت بداية عصر المقاولات ، فيقال لي هنعمل الفيلم خلال 3 أسابيع ونرفع اجرك من 30 الف الي 50 وتعالي امضي 10 أفلام ،ولذلك توقفت فانا لم افشل في السينما ولكن السينما هي من فشلت في ، والحمد لله لدي 22 فيلم لم اخجل من أي فيلم بل افخر بالكثير من التجارب السينمائية التي قدمتها فمثلا فيلم مثل "أبناء الصمت" عن حرب أكتوبر، وفيلم " الكرنك " ، وفيلم " هنا القاهرة " وفيلم " وراء الشمس " مع نادية لطفي ، وفيلم " وبالوالدين احسانا " و" العميل رقم 13 " وغيرها من الأعمال المهمة التي قدمتها ، وبالمناسبة سوف اعود بفيلم له قيمته وله تأثيره حاليا .
هل لديك مشروع درامي قريبا تقدمه بعد ونيس ؟ أو تقدم جزء آخر من ونيس ؟
يطالبوني حاليا باستكمال ونيس لكنه صعب جدا لأني عندما قدمتها عام 1994 كنت افكر في جزء واحد ولكن نجاحه واستكمال احداثه هو من فرض تقديم أجزاء منه ، ووقتها وجدت بعض "هنات" في أسلوب التربية ممكن أن اقدمها لكن حاليا أنت لابد ان تمسك عصا وتسير في الشارع لكي تربي ، ولكني حاليا اجهز مسلسل جديد بعنوان " رحلة المجنون " أناقش فيه فكرة مجنونة في هذا العصر .
كيف شاهدت أزمة هاني شاكر مع مطربي المهرجانات ؟
هاني شاكر فنان سمعناه وتفاعلنا معه في عصر لم يكن فيه ما نراه حاليا ، وحتي في عصره عندما هوجم المطرب أحمد عدوية فقد كان مظلوما ظلما كبيرا ومنع من التليفزيون والإذاعة برغم انه لم يكن يقدم أي كلمة مبتذلة وحتي اغنيته " حبة فوق وحبة تحت " أغنية ليس بها أي اسفاف لكنه يتحدث عن المستوي الاقتصادي وظلم بالفعل ولم يكن ما يقدمه به ما يؤذي ، ولكن حاليا هناك ابتذال وانا في صف النقيب ومن حقه وضع ضوابط للمهنة ولكني اختلفت معه وقلت له : بدل ما تضيع وقتك وترد ، اوجد البديل ، ولماذا نحن مستغربون من وجود جمهور لهؤلاء ؟ اوجد البديل للجمهور ستجده لا يستمع للإسفاف والابتذال .
كيف كانت علاقتك بعادل امام ؟
عادل إمام نجم اسمه شرف لمصر وقدم أعمالا سينمائية مهمة وناقش قضايا كثيرة ، ولكن في المسرح قدم 5 مسرحيات فقط فهو اختا السينما ولكن انا قدمت أكثر من 40 مسرحية لأنني قررت اختيار المسرح ، ومع ذلك لدي تجربة سينمائية اعتز بها وتوقفت عن السينما بإرادتي .
هل من الممكن ان نري عملا يجمع محمد صبحي بعادل امام ؟
( يضحك ) والله شوف لنا منتج يدفع لنا احنا الاتنين واحنا نقدم عمل سويا ، ولكن الحقيقة أنه من وجهة نظر أي منتج لو جاء بمحمد صبحي بمفرده فهو له جمهوره ، ولوجاء بعادل امام بمفرده فله جمهوره وكل نجم له طعمه وله أسلوبه ونحن لسنا شبه بعض فهو له توجه وانا لي توجهي ولذلك صعب علي أي منتج أن يجمعنا سويا في عمل .
هل ستقدم مسرحيات جديدة من تراث الريحاني ؟
السؤال جيد جدا ، ولكن انا عندما اخترت "لعبة الست" لم اخترها لمجرد انها من تراث الريحاني ولكن لانها بها فكرة تمس اليوم في طرحها ، وأيضا عندما قدمت " غزل البنات " كانت بها فكرة وهي أن "أستاذ حمام" هو اول مدرس خاص في التاريخ وبداية فكرة الدروس الخصوصية ، فانا اختار المسرحيات التي يكون لي فيها وجهة نظر جديدة مثل "سكة السلامة" أيضا فقد وضعت لها رؤية جديدة أشاد بها سعد الدين وهبه .
وما حكاية الـ 50 جنيها التي منحتها لك كوكب الشرق أم كلثوم ؟
كنت اعمل في شباك التذاكر منذ الصف الثاني الإعدادي مع والدي في حفلات ام كلثوم ووظيفتي هي حجز التذاكر في الشباك ، وفي احدي الحفلات وكنت وقتها في الصف الثاني الثانوي قررت أن احجز لنفسي تذكرة لأشاهد أم كلثوم من الصف الأول وفي المنتصف ودفعت الـ 5 جنيه قيمة التذكرة من اموالي لكي اشاهد ام كلثوم ، ولكن هذا المقعد احتاجته السيدة ام كلثوم لضيف مهم وجاء مدير المسرح ليأخذ المقعد فرفضت في البداية ولكن الست ام كلثوم طلبت رؤيتي لتري من هذا الذي رفض منحها التذكرة ، فقابلتها وكانت جالسة عكس الباب ولم تنظر لي وقالت : تعالي يا أستاذ ، وأول ما نظرت لي وجدتني صغيرا، وطلبت مني التذكرة فرفضت أيضا ، ولكنها ألحت، فرفضت أيضا ، فقالت لي : طب خلاص مش هغني و" بشكل كوميدي " ، ولكن اخذتني من يدي في مسرح قصر النيل واجلستني في الكواليس وشاهدت حفل ام كلثوم عن قرب ، وهذه الحفلة مسجلة وكانت كلما تنتهي من مقطع تنظر لي ، وفي نهاية الحفل منحتني 50 جنيا .
محمد صبحي في اليوم السابع
محمد صبحي
ندوة محمد صبحي
محمد صبحي في اليوم السابع (2)
تكريم محمد صبحي في اليوم السابع
محمد صبحي في صالة التحرير
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة