يعتبر عبد الرحمن الناصر واحدًا من أقوى حكام الدولة الأموية في الأندلس إذ شهد عصره انتصارات وتوسعات للدولة التى أسسها جده عبد الرحمن الداخل، وقد ولد عبد الرحمن الناصر لدين الله في 11 يناير من سنة 891 ميلادية وتوفي فى 15 أكتوبر 961 ميلاديه وهو ثامن حكام الدولة الأموية في الأندلس التي أسسها عبد الرحمن الداخل في الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية في دمشق، وأول خلفاء قرطبة بعد أن أعلن الخلافة في قرطبة في مستهل ذي الحجة من عام 316 هجرية، والمعروف في الروايات الغربية بعبد الرحمن الثالث تمييزًا له عن جديه عبد الرحمن بن معاوية "عبد الرحمن الداخل" وعبد الرحمن بن الحكم "عبد الرحمن الأوسط".
استطاع عبد الرحمن الناصر إخماد التمردات الداخلية على سلطة الدولة، فاستعاد هيبة الدولة وبسط سلطته على كافة أنحاء دولته، بعد أن كانت سلطة الدولة قد انحصرت في عهد سابقيه في قرطبة ونطاق ضيق حولها.
استطاع عبد الرحمن الناصر تأمين حدود دولته الجنوبية عن طريق السيطرة على الموانئ المقابلة للأندلس في بر المغرب وتقديم الدعم المادي والعسكري لبعض أمراء المغرب لصد مساعي الفاطميين للتوسع غربًا.
وبفضل الاستقرار السياسي والمغانم العسكرية، انتعشت الأندلس في عهد الناصر اقتصاديًا وعسكريًا، مما جعل الأندلس وجهة للبعثات الدبلوماسية من أقطار مختلفة تسعى لخطب ود أو طلب الدعم من عبد الرحمن الناصر.
وقد وصفه ابن الأثير بأنه "رجل أبيض أشهل حسن الوجه عظيم الجسم قصير الساقين" وأضاف ابن حزم أنه كان أشقرَ هو وكل بنيه، ورغم شخصيته الجادة الحازمة، إلا أنه كان أديبا يهوى نظم الشعر، ويقرب الشعراء والأدباء، شغوفا باقتناء نفائس الكتب.
وقد كانت شخصية عبد الرحمن مثار إعجاب العديد من المؤرخين الغربين، فقد وصفه المستشرق دوزي قائلاً: «إن ذلك الرجل الحكيم النابه الذي استأثر بمقاليد الحكم، وأسس وحدة الأمة ووحدة السلطة معًا، وشاد بواسطة معاهداته نوعًا من التوازن السياسي، والذي اتسع تسامحه الفياض لأن يدعو إلى نصحه رجالاً من غير المسلمين، لأجدر بأن يعتبر قرينًا لملوك العصر الحديث، لا خليفة من خلفاء العصور الوسطى".
شيدت في عهده مدينة الزهراء بسفح جبل يسمى "جبل العروس"، وقد بدأ استمر بناؤها ما يقرب من أربعين عامًا، وقد عهد عبد الرحمن الناصر لابنه الحكم بأمر الإشراف على بناء تلك المدينة من بعده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة