حياة المصريين.. كتاب "قصة الحضارة".. أبو الهول جسد أسد ووجه فيلسوف

السبت، 28 أغسطس 2021 03:00 م
حياة المصريين.. كتاب "قصة الحضارة".. أبو الهول جسد أسد ووجه فيلسوف قصة الحضارة
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل سلسلة "حياة المصريين" ونتوقف اليوم مع قصة الحضارة لـ ول ديورانت، ونستكمل معه رحلته إلى مصر وما جرى فيها وتعليقاته على جغرافيتها وتاريخها.

يقول ول ديورانت فى الموسوعة الشهيرة:

ولشد ما تبدو الأهرام صغيرة الحجم حين ينظر الإنسان إليها من الطريق الطويل المؤدى إليها، فهل قطعنا نحن هذه الرحلة الطويلة لنرى هذه الآثار الصغيرة؟ ولكنها لا تلبث أن يزداد حجمها كأن يداً قد رفعتها فى الهواء. 

ونصل إلى منحنى فى الطريق، ونقبل فجأة على حافة الصحراء، تواجهنا الأهرام عارية منعزلة فى الرمال، ضخمة شاهقة تسمو قممها فى سماء مصر الصافية. 
 
ونبصر عند سفوحها خليطا من أجناس مختلفة- منهم رجال أشداء يركبون الحمير ذاهبين بها إلى أعمالهم، ومنهم سيدات فى عربات النقل، ومنهم شبان مرحون على ظهور الخيل، وفتيات يجلسن فى غير اطمئنان على ظهور الجمال تلتمع ثيابهن الحريرية فوق سيقانهن فى ضوء الشمس. ونرى فى كل مكان الأدلاء العرب على استعداد لمعونة القادمين وتأدية ما يلزمهم من خدمات. ونقف حيث وقف قيصر ونابليون، ونذكر أن خمسين قرناً تطل علينا، نقف حيث جاء أبو التاريخ قبل أن يجيء قيصر بأربعمائة عام، واستمع إلى القصص التى دهش منها بركليز.
 
 ثم يسقط من الصورة عامل الزمن فيبدو لنا قيصر وهيرودوت ونحن أيضا كأننا كلنا يعاصر قديمنا حديثنا، ونقف ذاهلين أمام هذه المقابر التى كانت أقدم إلى قيصر وهيرودوت من اليونان بالنسبة إلينا.
 
وإلى جوار الأهرام يربض تمثال أبى الهول، نصفه أسد ونصفه فيلسوف، يقبض بمخالبه القوية على الرمال، ويحدق بعينيه وهو ساكن لا يتحرك فى الزائرين العابرين وفى السهل الأزلى. 
 
إنه لتمثال ينتهى فيه جسم الأسد برأس إنسان له فكّان بارزان، وعينان قاسيتان، كأن المدينة التى صورته "2990 ق.م" لم تنس ما كان عليه الإنسان من وحشية فى سابق عهده. 
 
وكانت الرمال تغطيه فى الزمن القديم، ولذلك لا يذكر هيرودوت كلمة واحدة عنه وهو الذى أبصر بعينيه أشياء كثيرة لا وجود لها فى تلك البلاد. ألا ما أعظم ما كان يتمتع به أولئك المصريون الأقدمون من ثراء. وما أقوى سلطانهم وأعظم حذقهم فى طفولة التاريخ نفسها. لقد استطاعوا بثرائهم وقوتهم وحذقهم أن ينقلوا هذه الحجارة الضخمة ستمائة ميل أو أكثر وأن يرفعوها، وهى تزن عدة أطنان إلى علو خمسمائة قدم وأن يطعموا المائة ألف من العمال الذين ظلوا يكدحون عشرين عاماً كاملة فى تشييد هذه الأهرام إذا لم يكونوا قد أدوا لهم أجورهم على عملهم هذا! وقد احتفظ لنا هيرودوت بنقش وجده على هرم منها يسجل مقدار ما استهلكه العمال الذين شادوه من فجل وثوم وبصل، كأن هذه الأشياء أيضا لابد أن تخلد. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة