ذهب موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، ومعه رئيس الأركان «بارليف»، ومدير وزارة الخارجية إلى مقر كبير المراقبين الدوليين، فى مظاهرة لتسليم احتجاج على مسألة «الصواريخ المصرية»، حسبما تذكر «الأهرام» يوم 15 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1970.
لم يكن تصرف «ديان» ووفده هو الوحيد فى اليوم الذى شهد «ضجة فى إسرائيل حول بطاريات الصواريخ المصرية»، وفقا لمانشيت الأهرام الرئيسى، وإنما «جرت فى إسرائيل اجتماعات أحيطت بسرية كاملة، اشتركت فيها رئيسة الوزراء جولدا مائير، وديان، وأبا إبيان وزير الخارجية، وإيجال آلون نائب رئيسة الوزراء، وكبار الضباط فى هيئة الأركان، واستغرقت الاجتماعات طوال فترة الصباح، ثم استؤنفت فى المساء، وامتدت إلى وقت آخر، ورغم التكتم الشديد الذى أحيطت به المناقشات، إلا أن المصادر المسؤولة، قالت إن البحث تركز حول «الموقف البالغ الصعوبة»، الذى نشأ من نقل بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات إلى مواقع متقدمة جدا من قناة السويس».
تضيف الأهرام، أن جريدة «ها آرتس» الإسرائيلية، قالت «إن رئيسة الوزراء تكلمت بالتليفون مع جوزيف سيسكو مساعد وزير الخارجية الأمريكية فى واشنطن، لتعبر عن القلق الذى تشعر به إسرائيل من هذا الوضع الجديد، وفى الساعة الثامنة من مساء اليوم، قال متحدث عسكرى إسرائيلى، إنه تم كشف بطارية صواريخ جديدة اليوم فى جبهة القناة، وأن أعمال الإنشاءات استؤنفت فى قواعد الصواريخ المصرية».
هكذا كان الغضب والضجة الكبرى فى إسرائيل مما يجرى من بطولات الجيش المصرى على خطوط القتال الأمامية، فما أسرار ذلك؟.. وكيف عبرت عن مدى الإصرار على خوض معركة تحرير الأرض التى احتلتها إسرائيل فى 5 يونيو 1967؟
الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية وقتئذ، يجيب فى مذكراته «حرب الثلاث سنوات - 1967 - 1970»، كاشفا أنه حين تلقت مصر الصياغة النهائية لمبادرة وزير الخارجية الأمريكية «روحرز» يوم 20 يونيو 1970، لوقف إطلاق النار على جبهات القتال بين مصر وإسرائيل ثلاثة شهور، اجتمع به الرئيس جمال عبدالناصر..يؤكد: «ناقشنى الرئيس فى الموضوع من وجهة نظر القوات المسلحة، ذكرت له مزايا وعيوب تطبيق هذا المشروع، كانت الميزة الظاهرة هى تمكين القوات المسلحة من استكمال مواقع الصواريخ التبادلية والاحتياطية والهيكلية المطلوب إنشاؤها فى منطقة غرب القناة، لإعطائها المرونة والوقاية فى خطة عملياتها فى هذه المنطقة، كذلك إمكانية زحزحة مواقع حائط الصواريخ كله إلى الشاطئ الغربى لقناة السويس، وأشار الرئيس إزاء هذه النقطة إلى القيود الموجودة فى نصوص المشروع».. أما عيوب المشروع التى ذكرها فوزى للرئيس فكانت «خفض الروح القتالية لأفراد القوات المسلحة نتيجة إيقاف العمليات العسكرية التى كانت وصلت إلى ذروتها لصالح قواتنا فى شهرى يونيو ويوليو 1970».. يؤكد فوزى: «انتهت مناقشاتى مع الرئيس بقبولى مشروع وقف إطلاق النار «مبادرة روجرز» لمدة 90 يوما، نكون استكملنا خلالها بناء المواقع الاحتياطية والتبادلية والهيكيلة بتجميع الصواريخ ثم تستعد القوات المسلحة لبدء المعركة عقب انتهاء فترة السكون الأولى».
يكشف «فوزى»: «كانت مناقشتى هذا الموضوع مع الرئيس هى بداية تفكيرى فى كيفية زحزحة حائط الصواريخ إلى شاطى القناة قبل وقف إطلاق النيران مباشرة، وهنا عزمت على إتمام العملية فى الليلة السابقة لوقف إطلاق النيران».. يؤكد فوزى: «كان عزمى هذا معتمدا على قدرة وإمكانيات رجال الدفاع الجوى، فى تحقيق مثل هذا التحرك لما لديهم من خبرة عملية سابقة فى دفع كمائن الصواريخ إلى الشاطئ بعد الغروب والعودة بها فى فجر اليوم التالى».
يؤكد الكاتب الصحفى محمود عوض، فى كتابه «اليوم السابع، الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف»: «اتفق جمال عبدالناصر مع الفريق محمد فوزى على وضع خطة عاجلة للقيام بـ«القفزة الأخيرة» لحائط الصواريخ المصرى الجديد فى اتجاه قناة السويس، بحيث تصبح تلك القفزة المفاجئة أمرا واقعا مع الدقيقة الأولى من بدء سريان فترة وقف إطلاق النار».
يكشف فوزى: «عند معرفتى بتاريخ وقف إطلاق النيران بعد 6 أغسطس 1970، والذى تحدد ليكون الساعة الواحدة صباح 8 أغسطس 1970، أمرت قائد الدفاع الجوى «الفريق على فهمى» بعد ظهر 7 أغسطس بتحريك صواريخ النسق الأول كله للتجميع الرئيسى إلى شاطئ القناة، كما كنا نعمل فى عمليات الكمائن، وكانت هذه الدفعة تشمل حوالى أربعة عشرة كتيبة، دُفعت بعد غروب ليلة 7 أغسطس 1970، وكانت فى محلاتها المخططة قبل الساعة الواحدة صباح يوم 8 أغسطس، ونجحت المعجزة وتم بناء تحصينات لها لأغراض الوقاية، واستكمال بقية المواقع الاحتياطية والتبادلية والهيكلية داخل التجميع الرئيسى للصواريخ، وتحققت المرونة والوقاية فى نفس الوقت لأكبر تجمع صواريخ شهده العالم فى منطقة جغرافية محدودة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة