على مدار ثمانية أشهر، ارتكب جيش إثيوبيا انتهاكات لا حصر لها بحق المدنيين فى إقليم تيجراى فى حرب، زعم رئيس وزراء البلاد أنها لن تستغرق أكثر من أسبوع. وفى الآونة الأخيرة، وقبل أن يضطر أبى أحمد لإعلان وقف إطلاق النار عقب هزيمة قواته، رصدت الصحف ووسائل الإعلام الغربية هذه الانتهاكات التى تسببت فى نزوح نحو مليونى مدنى من تيجراى فى أزمة إنسانية فاقمها الجوع وغياب الاحتياجات الأساسية لسكان الإقليم.
صحيفة فاينانشيال تايمز تحدثت عن الأوضاع فى تيجراى، وقالت إن أبى أحمد متهم بمواصلة الصراع الذى أطلق العنان للاغتصاب والقتل.
وأوضحت الصحيفة أن جبهة التحرير الشعبي فى تيجراى كانت قد طالبت حكومة أديس أبابا، بعد دعوتها لوقف إطلاق النار، بأن تسحب الحكومة الفيدرالية كل قواتها وقوات حلفاء من المنطقة الشمالية، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل فى الفظائع التى ارتكبتها قوات إثيوبيا وإعادة حكومة جبهة التحرير فى تيجراى.
وأشارت فاينانشيال تايمز إلى أن أبى متهم بمواصلة الصراع الذى أطلق العنان للاغتصاب والمذابح والتطهير العرقى، وهو ما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات على مجموعة من المسئولين الإثيوبيين.
وذكرت الصحيفة إن الكثيرين شككوا فى وقف إطلاق النار باعتباره حيلة تسمح لأبى أحمد بإعادة تجميع صفوف قواته وتسليحها. وقال ويليام دافيسون، كبير محللى إثيوبيا فى مجموعة الأزمات الدولية إن وقف إطلاق النار "الإنسانى" الذى اتخذته الحكومة الفيدرالية لا يبدو صادقا.
من ناحية أخرى، تحدثت صحيفة نيويورك تايمز عن الهزيمة المذلة للقوات الاثيوبية، وقالت إن استعراض الآلاف من القوات الإثيوبية الذين تم أسرهم فى عاصمة إقليم تيجراى، ميكيلى، يظهر حجم الخسارة التى تكبدها جيش قالت إنه يعتبر من أقوى الجيوش فى أفريقيا.
وكانت قوات تيجراى قد استعرضت آلاف من أسرى الحرب الإثيوبيين، حيث اصطفت الحشود المبتهجة فى الشوارع للاستهزاء بالأسرى وتشجيع قوات تيجراى التى هزمت الجيش مؤخرا.
وذكرت الصحيفة أن كثير من الجنود خفضوا رؤوسهم وكانت أعينهم إلى الأسفل، والبعض منهم حُمل على نقالات، بينما كان البعض الآخر يرتدى ضمادات ملطخة بالدماء.
وقالت نيويورك تايمز إن الهزيمة السريعة للقوات الإثيوبية كانت قلب لأوضاع الحرب الأهلية التى أدت إلى نزوح ما يقرب من مليونى شخص فى منطقة تيجراى وانتشار الجوع وتقارير عن تعرض المدنيين لأعمال وحشية وعنف جنسى.
واعتبرت الصحيفة استعراض السجناء توبيخا واضحة لرئيس وزراء إثيوبيا أبى لأحمد الذى كان قد أعلن فى خطاب قبل أيام قليلة أن التقارير التى تتحدث عن هزيمة قواته كانت كذبة، وأصر على أنه أعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد لأسباب إنسانية.
وكان أحمد قد أعلن الانتصار العام الماضى بعد نحو شهر من بداية العملية العسكرية فى تيجراى فى نوفمبر، لكن القتال استمر لسبعة أشهر أخرى.
وقالت نيويورك تايمز إنه بينما سخر بعض الحاضرين وسط الحشود فى ميكيلى من الجنود الأسرى، ألقى المتفرجون بأغلب غضبهم على رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد. فقبل ثمانية أشهر تقريبا، أرسل أبى قواته إلى ميكيلى لانتزاع السلطة من قادة الإقليم وزعم أن هذه الخطوة ضرورية لأن التيجرايين أجروا انتخابات محلية دون إذن من الحكومة الفيدرالية وحاولوا الاستيلاء على قاعدة عسكرية إثيوبية. لكن الآن يعود قادة تيجراى إلى ميكيلى ويشغلون مكاتبهم الساب
ولا تكتفى قوات اثيوبيا بإشعال شرارة الحرب فى تيجراى فقط. ففى تقرير لها هذا الشهر، قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن القوات فى إقليم تيجراى تحتشد من أجل صراع جديد ضد ميليشا من منطقة مجاورة داخل إثيوبيا، حيث انضم آلاف من المتطوعين الجدد إلى صفوفهم بعد انسحاب القوات الحكومية منذ أكثر من ثمانية أشهر.
ورغم إعلان القوات الإثيوبية وقف إطلاق النار من جانب واحد وانسحابها من عاصمة تيجراى ميكيلى، إلا أن شهود شهود عيان فى تيجراى صرحوا لصحيفة الجارديان بأنهم رأوا قوافل من القوات الموالية لجبهة التحرير فى تيجراى تتجه نحو الغرب لإعادة الانتشار على ما يبدو فى مواقع لمواجهة ميليشيا من إقليم أمهرة، الموالية للحكومة.
وأشارت الجارديان إلى أن حكومة أديس أبابا كانت قد رفضت بشكل دائم الحوار مع جبهة التحرير الشعبى فى تيجراى وصنفتها كجماعة إرهابية بمرسوم برلمانى. وقال أبى أحمد أن حكومته قد تحشد عدد هائل من القوات، بما فى ذلك نصف مليون من قوات الميليشيا ومليون شاب يمكن تدريبهم.
ورجحت الجارديان أن تكون أحد مناطق العداوات الجديدة على طول الخط الأمامى الجديد بين قوات تيجراى وقوات أمهرة التى حاربت مع القوات الفيدرالية منذ نوفمبر الماضى. وواجهت ميليشا أمهرة اتهامات بالتطهير العرقى المنهجى فى غرب تيجراى، وتظل مسيطرة على قطاع من غرب الإقليم الذى يقول مسئولو جبهة التحرير أنهم يريدون استعادته.
ويدفع شعب أثيوبيا ثمن هذه الحرب التى قادها أبى أحمد وصورها فى البداية على أنها أشبه بالنزهة العسكرية التى لن تستغرق سوى أسابيع قليلة لكنها تحولت إلى صراع دموى مستمر لأشهر. وبدأت أحمد فى إتباع سياسة تقشف بسبب هذه الحرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة