نحتفل هذه الأيام بـ العشر الأوائل من شهر ذى الحجة وتأدية مناسك الحج المبارك، حيث زيارة بيت الله الحرام، لكن ماذا عن الكعبة وتاريخها، وما الذى فعله سيدنا النبى محمد عليه السلام مع الحجر الأسود؟
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير "فصل فى تجديد قريش بناء الكعبة قبل المبعث بخمس سنين":
ذكر البيهقى فى بناء الكعبة قبل تزويجه عليه الصلاة والسلام خديجة، والمشهور أن بناء قريش الكعبة بعد تزويج خديجة كما ذكرناه بعشر سنين، ثم شرع البيهقى فى ذكر بناء الكعبة فى زمن إبراهيم كما قدمناه فى قصته، وأورد حديث ابن عباس المتقدم فى صحيح البخارى، وذكر ما ورد من الإسرائيليات فى بنائه فى زمن آدم ولا يصح ذلك.
فإن ظاهر القرآن يقتضى أن إبراهيم أول من بناه مبتدئا، وأول من أسسه، وكانت بقعته معظمة قبل ذلك، معتنى بها مشرفة فى سائر الأعصار والأوقات، قال الله تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا } [آل عمران: 96-97].
وثبت فى الصحيحين عن أبى ذر قال: قلت يا رسول الله: أى مسجد وضع أول؟
قال: "المسجد الحرام ".
قلت: ثم أى؟
قال: "المسجد الأقصى".
قلت: كم بينهما؟
قال: "أربعون سنة ".
وفى الصحيحين أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة.
ويقول الكتاب:
قال يعقوب بن سفيان: أخبرنى أصبغ بن فرج، أخبرنى ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب قال: لما بلغ رسول الله ﷺ الحلم جمرت امرأة الكعبة، فطارت شرارة من مجمرها فى ثياب الكعبة فاحترقت فهدموها، حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن، اختصمت قريش فى الركن أى القبائل تلى رفعه، فقالوا: تعالوا نحكم أول من يطلع علينا.
فطلع عليهم رسول الله ﷺ وهو غلام عليه وشاح نمرة، فحكموه فأمر بالركن فوضع فى ثوب، ثم أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب، ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن، فكان هو يضعه، فكان لا يزداد على السن الأرضى حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي، فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا التمسوه، فيدعو لهم فيها.
وهذا سياق حسن وهو من سير الزهري، وفيه من الغرابة قوله: فلما بلغ الحلم، والمشهور أن هذا كان ورسول الله ﷺ عمره خمس وثلاثون سنة، وهو الذى نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله.
وقال موسى بن عقبة: كان بناء الكعبة قبل المبعث بخمس عشرة سنة، وهكذا قال مجاهد، وعروة، ومحمد بن جبير بن مطعم وغيرهم، فالله أعلم.
وقال موسى بن عقبة: كان بين الفجار، وبين بناء الكعبة خمس عشرة سنة.
قلت: وكان الفجار وحلف الفضول فى سنة واحدة، إذ كان عمر رسول الله ﷺ عشرون سنة، وهذا يؤيد ما قال محمد بن إسحاق، والله أعلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة