احتفالية هامة، تشهدها جامعة الدول العربية، غدا الإثنين، بمناسبة اليوم العالمى للاجئين، والذى يوافق 21 يونيو من كل عام، تحت رعاية الأمين العام أحمد أبو الغيط، بمشاركة عدد من الدبلوماسيين البارزين، وذلك بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فى انعكاس صريح للتعاون الكبير، والتنسيق الدائم بين المنظمة الأممية والجامعة، فى العديد من المناحى، وعلى رأسها أزمة اللاجئين، والتى تشهد زخما كبيرا بسبب تفاقمها المتصاعد، خاصة خلال العقد الأخير مع تنامى حالة الفوضى التى ضربت العديد من الدول العربية، إثر ما يسمى بـ"الربيع العربى".
ولعل الاهتمام الكبير بأزمة اللاجئين، من قبل "بيت العرب"، ليس بالأمر الجديد تماما، حيث إنها تحركت مرارا وتكرارا من أجل احتوائها، عبر مسارين أولهما السعى نحو تقليص أعدادهم، بما يسهم فى تخفيف الأزمة، بينما يبقى المسار الثانى قائما على فكرة تحسين أوضاعهم، فى ظل الظروف الصعبة التى يواجهونها، إما بسبب الظروف الاقتصادية التى تواجهها الدول التى تحمل على عاتقها مسئولية استضافتهم، أو جراء تحديات جديدة ساهمت فى تفاقم الأزمة، على غرار تفشى فيروس كورونا المستجد، والذى ترك تداعيات صحية واقتصادية كبيرة، لم تستطيع أعتى الدول وأكثرها إمكانيات التصدى لها فى السنوات الأخيرة، ليحظى دور الجامعة العربية بثقة دولية كبيرة، خاصة من قبل الأمم المتحدة، للقيام بدور مسئول من شأنه التصدى للأزمة فى المرحلة المقبلة.
فمن حيث تقليص أعداد اللاجئين، نجد أن الجامعة العربية وجهت العديد من النداءات التى من شأنها تحسين الأوضاع فى البلدان الأصلية، والتى تشهد تدفقات كبيرة من اللاجئين إلى العديد من مناطق العالم، وهو ما ساهم فى تفاقم الأزمة بصورة كبيرة، حيث قدمت دعوات عدة إلى ضرورة العمل الدولى المشترك فى تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية فى تلك البلدان، واحتواء ما تشهده من فوضى عارمة، بالإضافة إلى الإجراءات التى تتخذها العديد من الدول لمنع تدفق التحويلات المالية إلى تلك البلدان، بالإضافة إلى تشديد قيود السفر، مما ساهم فى زيادة وتيرة الهجرة غير الشرعية، والتى تراها عدة دول، خاصة فى الغرب الأوروبى، بمثابة تهديد مباشر لها، سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الأمني.
جامعة الدول العربية
وفى هذا الإطار، شددت الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفيرة هيفاء أبو غزالة، في بيان سابق، على أهمية التماسك الاجتماعي في تحقيق السلام والتنمية، وأن هذا التماسك لا يمكن تحقيقه إلا بتشجيع السياسات التي تؤدي إلى الحفاظ على التنوع الثقافي وتعمل على إدماج ومشاركة الجميع، بما يتفق مع الإعلان العالمي بشأن التنوع الثقافي وخطة التنمية المستدامة 2030 وإعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين والاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، حيث يعد التقريب والتواصل بين الثقافات أمراً ضرورياً وعاجلاً للسلام والاستقرار والتنمية.
ولكن بعيدا عن التصريحات والتحذيرات، ركزت الجامعة العربية في تحركاتها على التعاون مع كافة المنظمات الدولية، والمهتمة بشئون الهجرة، واللاجئين، من أجل احتواء الأزمة، وذلك من خلال استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تحقيق التعاون وتبادل المعلومات بين الدول للتصدى إلى الأزمة الشائكة، خاصة وأن العديد من الدراسات أكدت أن أكثر من نصف اللاجئين في جميع أنحاء العالم وحوالي 40% من النازحين داخلياً متواجدون في المنطقة العربية، كما تشير نفس التقديرات إلى أن نصف الميزانية السنوية لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين مخصصة للعمليات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الأمين العام أحمد أبو الغيط يوقع اتفاقية تعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين
وفى هذا الإطار، وقعت جامعة الدول العربية مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في عام 2017، بهدف وضع إطارٍ عام للتعاون من أجل الاستجابة الفعالة لاحتياجات اللاجئين في المنطقة العربية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والاستجابة الإنسانية في حالات الطوارئ، وهى الخطوة التي أشادت بها المفوضية آنذاك، مؤكدة على موقعها الإلكترونى أنها تعمل بالتعاون مع الجامعة على مناصرة وحشد الدعم والتوعية بقضايا اللجوء في المنطقة، وتعزيز الدعم السياسي بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الاثنين والعشرين وتوسيع نطاق الحماية في جميع أنحاء المنطقة.
ومن جانبه، قال المفوض السامى لشئون اللاجئين فيليب جراندى إن هذا الاتفاق يعزز من التعاون الطويل الأمد الذي تتشارك فيه المفوضية مع جامعة الدول العربية والدول الأعضاء فيها من أجل التصدي للتحديات الإنسانية الأساسية ومشاكل النزوح.
وأضاف "نظراً لحجم ونطاق النزوح القسري في المنطقة، فإن الشراكة الإقليمية مع جامعة الدول العربية ستتيح لنا بشكل أفضل إمكانية الاستجابة الجماعية لاحتياجات اللاجئين والنازحين داخلياُ والاشخاص عديمي الجنسية، وفي الوقت نفسه، دعم الحكومات والمجتمعات التي تستضيفهم بسخاء".
ويمثل تفشى فيروس كورونا بعدا جديدا، أضاف المزيد من الثقل على عاتق الدول العربية، خاصة تلك التي تستضيف اللاجئين على أراضيها، في ظل ما أدى إليه من أزمات اقتصادية وصحية، وهو الأمر الذى وضع اللاجئين في خطر حقيقى، خلال السنوات الماضية، حيث تبقى هذه الفئة هي الأكثر عرضة لخطر الأوبئة، نظرا لظروفهم المعيشية داخل المخيمات.
أزمة اللاجئين تفاقمت فى العديد من الدول العربية
ولذا فقد حرصت الجامعة العربية على دعوة المجتمع الدولى، عدة مرات، على تقديم الدعم لهذه الفئة لضمان توفير سبل الرعاية اللازمة للاجئين والنازحين وتقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي لهم، مؤكدة على أهمية ألا يؤثر إعادة توجيه الموارد المالية من أجل مكافحة وباء كورونا، على الاستجابة الإنسانية لأزمات النزوح واحتياجات اللاجئين.
بينما كان للاجئين الفلسطينيين اهتماما خاصا من قبل الجامعة العربية، وهو ما تجلى في الدعم الكبير الذى قدمته في السنوات الماضية إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، حيث اعتبرتها العنوان الذى يجسد مسؤولية المجتمع الدولى تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ بداية عملها الميداني فى 1 مايو 1950.
ودعا الامين العام المساعد السفير سعيد ابو على، في تصريحات سابقة، الدول المانحة والأمم المتحدة لسرعة التحرك للوفاء بالتزاماتها والمبادرة إلى تعجيل تقديم المساهمات والالتزامات المالية المعتمدة للأونروا لتمكينها من القيام بمهامها كعنوان للالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين ولحين التوصل لحل عادل لقضيتهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة