يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسى اليوم إلى العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة فى كلٍ من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية، واللذين سيعقدان يومى 17 و18 مايو الجارى على التوالي.
وقتل السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن مشاركة الرئيس السيسى تأتى تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسى "إيمانويل ماكرون"، وذلك فى ضوء العلاقات الوثيقة والمتنامية التى تربط بين مصر وفرنسا، فضلًا عن الدور المصرى الحيوى لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان الشقيق على الصعيدين الإقليمى والدولى، وكذلك للثقل الذى تتمتع به مصر على مستوى القارة الأفريقية بما يساهم فى تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم الدول الأفريقية.
ويعتزم الرئيس التركيز خلال أعمال "مؤتمر دعم المرحلة الانتقالية فى السودان" على أهمية تكاتف المجتمع الدولى لمساندة السودان خلال المرحلة التاريخية المهمة التى يمر بها، واستعراض الجهود المصرية الجارية فى هذا الصدد على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
كما سيلقى الرئيس الضوء خلال أعمال "قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية" على مختلف الموضوعات التى تهم الدول الأفريقية فيما يتعلق بأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها فى الاقتصاد العالمى، بما يساهم فى تحقيق نمو اقتصادى فى مواجهة تداعيات أزمة كورونا، وكذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول الأفريقية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبى إليها.
برنامج زيارة الرئيس إلى فرنسا يتضمن أيضًا عقد مباحثات قمة مع الرئيس الفرنسى "إيمانويل ماكرون"، وذلك لبحث موضوعات العلاقات الثنائية التى تشهد طفرة نوعية خلال الأعوام الأخيرة، فضلًا عن مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المقرر كذلك أن يعقد الرئيس عددًا من اللقاءات مع المسئولين الفرنسيين وكذلك رؤساء بعض الشركات الفرنسية العالمية، وذلك لبحث سبل دفع التعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين.
كما يجتمع الرئيس على هامش الزيارة بعدد من رؤساء الدول والحكومات، وذلك للتباحث حول دفع أطر التعاون الثنائى والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وتعد هذه هى الزيارة السادسة للرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى فرنسا منذ رئاسته للجمهورية، حيث كانت الزيارة الأولى فى نوفمبر 2014 والثانية فى نوفمبر 2015، أما الزيارة الثالثة للرئيس السيسى إلى باريس فكانت فى أكتوبر 2017 حيث استقبله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.
الزيارة الرابعة كانت فى أغسطس 2019 حيث زار الرئيس السيسى مدينة "بياريتز" الفرنسية، للمشاركة فى قمة مجموعة الدول السبع، تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسى "إيمانويل ماكرون".
وتناولت قمة الدول السبع عددًا من الموضوعات، من بينها قضايا الأمن الدولى ومكافحة الإرهاب والتطرف، ومواجهة استخدام الإنترنت للأغراض الإرهابية، وسبل مواجهة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وكذلك مكافحة عدم المساواة ودعم تمكين المرأة خاصة فى أفريقيا، فضلًا عن قضايا البيئة والمناخ والتنوع البيولوجى، وتطورات النظام الاقتصادى والمالى العالمي.
كما ألقى الرئيس السيسى كلمة أمام قمة شراكة مجموعة السبع وأفريقيا، باعتبار الرئيس السيسى - وقتها- رئيسًا للاتحاد الأفريقى، وتناولت الكلمة عرض الرؤية الأفريقية إزاء سبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة، وترسيخ أسس الشراكة العادلة بين أفريقيا ودول مجموعة السبع فى إطار المصالح المشتركة والمتبادلة.
كما التقى الرئيس السيسى على هامش فعاليات القمة مع عدد من قادة الدول المشاركة، لبحث العلاقات الثنائية، وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
أما آخر زيارة للرئيس السيسى إلى باريس فكانت فى ديسمبر 2020 تلبيةً لدعوة من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون". وتضمنت هذه الزيارة لقاءات للرئيس مع رئيس الوزراء الفرنسى، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين الفرنسيين، ورئيسى الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسى، حيث تم عرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، خاصة تلك المتعلقة بشرق المتوسط ومنطقة الشرق الاوسط، فضلًا عن زيادة التعاون المشترك بين البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية خاصة فى المجالات الاستثمارية والتجارية فى ضوء جهود مصر لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية للمشاركة فى المشروعات القومية الكبرى فى إطار عملية التنمية الشاملة التى تشهدها مصر.
وفى المقابل، شارك الرئيس السابق "هولاند" فى حفل افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة فى أغسطس 2016، كما قام الرئيس ماكرون بزيارة القاهرة فى يناير 2019.
من جانبه، أكد السفير علاء يوسف، سفير مصر لدى فرنسا، على تطابق وجهات النظر بين مصر وفرنسا تجاه قضايا التنمية والتعافى الاقتصادى ودعم الاستقرار والأمن بالقارة الافريقية، وعلى رأسها الأزمة الليبية، مشيرا إلى أن قيادتى البلدين تحرصان على مواصلة التنسيق والتشاور تجاه مختلف القضايا الإقليمية، من بينها الإفريقية.
وقال السفير علاء يوسف، فى تصريحات صحفية، قبيل ساعات من توجه الرئيس السيسى لباريس، أن السنوات الماضية شهدت مزيدًا من التقارب والاتفاق فى الرؤى فى مواقف مصر وفرنسا تجاه مختلف القضايا والأزمات المختلفة، مشددًا على أن البلدين لديهما رؤية مشتركة تجاه الأزمة الليبية تركز على ضرورة استعادة الأمن والاستقرار وخروج القوات الاجنبية وإجراء الانتخابات بتلك الدولة؛ بما يحافظ على سيادتها واستقلالها ووحدة اراضيها.
وأضاف أنه توجد مواقف متطابقة بين مصر وفرنسا تجاه الملف اللبنانى، حيث أيدت مصر المبادرة الفرنسية لدعم الاستقرار والخروج من الأزمة السياسية وتشكيل الحكومة اللبنانية.
وأشار "يوسف"، إلى أن التعاون المصري- الفرنسى يركز أيضًا على القارة الإفريقية، حيث تحرص البلدين على مواصلة التشاور والتنيسيق بشأن مختلف القضايا الإفريقية، من بينها قضية الساحل التى تشكل اهمية كبرى للبلدين.
وأوضح "يوسف"، أن العلاقات المصرية الفرنسية شهدت تطورا ملحوظا - خلال السنوات القليلة الماضية - مدعومة بتبادل الزيارات بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، والتى دشنت مرحلة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وأكد أن الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا تركز على عدة محاور، يتمثل أولها فى العلاقات الثنائية ومدى التلاقى فى الرؤى تجاه مختلف القضايا، ورغبة الجانبين فى دفع العلاقات وتعزيزها، وتنفيذ مشروعات مختلفة فى العديد من المجالات، كالبنية التحتية والنقل.
ونوه السفير علاء يوسف، إلى أن شركات فرنسية تنفذ حاليًا العديد من المشروعات فى مصر، من بينها مشروع مترو القاهرة وخط المونوريل الجديد، وهناك أيضًا مجالات ومشروعات أخرى فى سبيلها للتنفيذ؛ كالتعاون فى المجال السياحى وهو محور رئيسى فى العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة أن هناك حالة ولع شديد من جانب الفرنسيين بالحضارة المصرية وزيارة مصر، لاسيما المزارات الثقافية فى الأقصر وأسوان.
وأضاف "يوسف"، أن البلدين يتعاونان أيضًا فى مجالى التعليم والثقافة، حيث يجرى حاليا إنشاء عدد كبير من أقسام التعليم الفرنسى فى مصر، مشيرًا إلى أن الجانب الفرنسى حريص على الانتهاء من مشروع الجامعة الفرنسية فى مصر، والتى ستجسد - إلى جانب جامعة سونجور، التى تعد جامعة فرانكوفونية - الاهتمام الكبير الذى توليه فرنسا لتعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية والتربوية مع مصر خلال الفترة القادمة.
ولفت "يوسف"، إلى أن التعاون الصحى بين مصر وفرنسا - الذى بدأ منذ سنوات عديدة مع إنشاء مستشفى القصر العينى الفرنسى - شهد أيضًا تطورا ملحوظا، لافتا إلى أن الجانب الفرنسى حريص على دعم جهود مصر فى المجالات الصحية والطبية، خاصة التعاون فى مجال جهود مواجهة جائحة فيروس كورونا والتلقيح والتصنيع، حيث يبحث الجانبان - حاليا - إمكانية التعاون لتصنيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وغيرها من اللقاحات الأخرى، خاصة أن مصر تمتلك البنية التحتية والمصانع والخبرة اللازمة لذلك المجال.
وحول التعاون بين مصر وفرنسا فى منطقة الساحل والصحراء، قال السفير علاء يوسف، أن فرنسا تعطى أهمية كبيرة للتطورات بتلك المنطقة، خاصة عقب مقتل الرئيس التشادى إدريس ديبى، مشددا على وجود تنسيق مشترك بين مصر وفرنسا لمتابعة تطورات الوضع بمنطقة الساحل فى ضوء مشاركة قوة مصرية ضمن قوات حفظ السلام فى مالي.
وفيما يتعلق بجهود مصر فى دعم التنمية والاستقرار بالقارة الافريقية، أكد "يوسف"، على وجود اهتمام غير مسبوق من جانب مصر بتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية بالقارة الافريقية، خاصة مع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة الاتحاد الإفريقى، والتى ركز فيها على عدد كبير من المبادرات سواء لإعادة إعمار مناطق النزاعات بإفريقيا، وكذلك مبادرة اسكات البنادق وهى محاولة لوقف النزاعات ونزع فتيل الأزمات المختلفة.
وفيما يتعلق بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قمتى "دعم السودان" و"تمويل التنمية بإفريقيا"، والتى تستضيفهما باريس يومى الإثنين والثلاثاء المقبلين، قال السفير علاء يوسف، أن فرنسا تنظر إلى مصر على أنها شريك هام بإفريقيا وتحرص دائما على التنسيق معها فى مختلف المجالات والقضايا الإفريقيا، مشيرا إلى أن فرنسا تعى جيدا ثقل مصر بالقارة الإفريقية وحرصها على دعم جهود الاستقرار والأمن بإفريقيا وتعزيز نموها الاقتصادى وتحسين الأوضاع المعيشية لشعوب القارة، وهى رسائل رئيسية توجها مصر للعالم كله.
وأوضح "يوسف"، أن الرئيس السيسى حرص خلال مشاركته فى القمم الدولية المختلفة- ومن بينها قمة مجموعة السبع الصناعية وقمة مجموعة العشرين - على التركيز على كيفية مساعدة إفريقيا، وتوفير السبل اللازمة لتنفيذ مشروعات البنية التحتية وغيرها من مشروعات التنمية المختلفة بالقارة الإفريقية، لافتا إلى أن مصر وفرنسا طرحتا فكرة التعاون الثلاثى لتنمية إفريقيا وتنفيذ مشروعات بها، ويجرى حاليا بحث إمكانية تنفيذ مشروعات مشتركة مع الجانب الفرنسى بعدد من الدول الافريقية.
وأشار إلى أن فرنسا، تنظر لأول مرة، لقمة "إفريقيا فرنسا" بشكل مختلف؛ حيث جرت العادة بأن تلك الاجتماعات تكون بمثابة قمة حكومات، ولكن القمة المقرر عقدها يوم /الثلاثاء/ القادم شهدت نهجا مختلفا؛ حيث ركزت فرنسا على أن تكون تلك القمة بمثابة قناة للتعبير عن مواقف الشعوب والمجتمع المدنى بإفريقيا مستلهمة تجربة مؤتمرات الشباب فى مصر؛ مشيرًا إلى أن القاهرة حرصت على توصيل رسالة إلى المجتمع الدولى بضرورة مد يد العون إلى الدول الإفريقية ومساعداتها على التعافى من تداعيات جائحة كورونا.
وقال أن جميع الدول عانت من خسائر تداعيات جائحة كورونا، فعلى سبيل المثال تكبدت فرنسا خسائر تقدر بنحو 160 مليار دولار جراء تلك الجائحة، مشيرا إلى أن فرنسا وحدها ليست قادرة على الوفاء باحتياجات قارة إفريقيا، لكن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حريص على مد يد العون لإفريقيا خلال الفاعليات الدولية، ومن بينها مجموعة السبع الصناعية، ومجموعة دول العشرين.
ولفت إلى أن قمة "فرنسا إفريقيا" - التى ستعقد بباريس يوم /الثلاثاء/ القادم سوف تركز على كيفية دعم جهود الدول الافريقية على مواجهة تداعيات جائحة كورونا.
وفى السياق ذاته، قال السفير علاء يوسف، أن فرنسا قررت تنظيم قمة عن السوادان ودعم المرحلة الانتقالية لتلك الدولة نظرا لدورها فى القرن الإفريقى، مشيرا إلى أن الجانب الفرنسى حريص على أن تخرج تلك القمة برسالتين هامتين: الأولى تتعلق بدعم سياسى دولى للسلطة الانتقالية فى السودان خلال تلك المرحلة الهامة وأهمية استمرار الإجراءات التى تستهدف تحقيق الاستقرار وتلبية طموحات الشعب السودانى، أمام الرسالة الثانية للقمة تتمثل فى بحث سبل التخفيف عن مديونية السودان لدى مؤسسات التمويل الدولية.
وأضاف أن باريس تسعى من خلال قمة فرنسا افريقيا التى تعقد تحت شعار (تمويل الاقتصاديات الإفريقية) إلى توفير دعم للاقتصاديات الإفريقية للتعافى من تداعيات جائحة كورونا، مشيرا إلى أن البيان الختامى للقمة سيتضمن مقترحات قابلة للتنفيذ وجداول زمنية محددة لمساعدة الدول الإفريقية على التعافى الاقتصادي.
وأشار "يوسف"، إلى أن التعاون مع القارة الافريقية تصدرت أولوية اهتمام القيادة المصرية؛ حيث شارك الرئيس السيسى فى كل الفاعليات الإفريقية، من بينها القمة الإفريقية بملابو، حيث تغيرت نظرة إفريقيا إلى مصر التى ترأست مجلس السلم الإفريقى، والاتحاد الإفريقى، وكلها دلائل تؤكد مدى التقدير الإفريقى لمصر ومواقفها وسياساتها، والجهود المضنية التى بذلتها مصر لاستعادة مكانتها بالقارة الافريقية.
من ناحية أخرى، أكد سفير مصر لدى فرنسا، أن إفريقيا تثق بدور مصر التى لا تمتلك أية أجندات خاصة، بل أنها تهدف إلى مد جسور الشراكة والتنمية وتعزيز الصداقة والاستقرار وتحقيق مصالح إفريقيا وإعادة الإعمار بإفريقيا، والشعوب الإفريقية تقدر جهود مصر.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات بين مصر وفرنسا، أوضح "يوسف"، أن إجمالى حجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر يبلغ 5 مليارات يورو، ويوجد أكثر من 165 شركة فرنسية عاملة فى مصر؛ توفر حوالى 350 ألف فرصة عمل، ونسعى إلى زيادة الاستثمارات الفرنسية فى مصر.
وأضاف "يوسف"، أنه حرص على عقد لقاءات مع الشركات الفرنسية المختلفة؛ حيث لمس خلالها اهتماما كبيرًا من جانبها لبحث فرص الاستثمار فى مصر، خاصة الفرص الواعدة فى محور قناة السويس، والاستفادة من إمكانيات السوق المصرية الكبيرة التى تضم حوالى 100 مليون مستهلك، كما أن إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عززت اهتمام فرنسا والمجتمع الدولى بالاستفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية بالقارة الإفريقية.
وأكد "يوسف"، أن حجم التجارة بين البلدين يقدر بنحو 3 مليارات يورو، و"نسعى إلى زيادتها وفتح مجالات كثيرة للمنتجات المصرية بالسوق الفرنسية، خاصة المنتجات الزراعية، وسنعمل على زيادة حجم الصادرات المصرية إلى فرنسا خلال الفترة القادمة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة