لعل من أصعب وأسوأ اللحظات التى مرت على التاريخ الإسلامى فى مختلف العصور هى لحظة سقوط عاصمة الدولة العباسية والحاضرة الإسلامية فى بغداد على يد جيوش المغول، والتى أدت إلى سقوط الخلافة وتدمير المدينة، وتدمير واحدة من أكبر المكاتب الثقافية على مر العصور هناك، والحقيقة أن تلك اللحظة كانت الدافع للكثير من المؤرخين والباحثين للتعمق فيها وفهم تلك الأسباب التى أدت إلى سقوطها بذلك الشكل المؤسف والمفجع.
ومن الكتب التى ناقشت تلك اللحظة المهمة فى تاريخ الدول الإسلامية، كتاب عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)، تأليف محمد أسعد أطلس، ويتناول المؤلف فى هذا الكتاب الظروف التاريخية، والسمات السياسية والثقافية والاجتماعية التى اتسم بها ذلك العصر، والتى أثرت فيه وتأثَرت به، مسلطا الضوء على المراحل التاريخية المختلفة التى تقلبت فيما بينها البلدان العربية فى تلك الفترة، ويخص منها تفصيلا العراق موئل الخلافة التى بدأ بنهايتها الانحدار المشار إليه، ويفصل كذلك تاريخ الشام ومصر اللتين كانتا فى الغالب الأعم أقرب إلى وحدة سياسية تعاقبت عليها الدول، ويفصل أيضا ما يتعلق بكل من الجزيرة العربية والمغرب العربي.
وسرد المؤلف الأحداث التاريخية لسقوط بغداد بالتسلسل، حيث أوضح أن ظهر تيمورلنك عام 773ﻫ/1371م فى بلاد سمرقند فاستولى عليها، ثم استولى على بلاد بخارى جميعها، ثم قصد بلاد هراة وما إليها فضمها إلى مملكته، ولم تأتِ سنة 777ﻫ حتى كان مستوليًا على جميع بلاد ما وراء النهر وتركستان وخوارزم، وفى سنة 784ﻫ قوى نفوذه جدّا، وخرج بجموعٍ كثيرة من المغول والتتار ودخل بلاد خراسان ففتحها، ثم اتجه إلى بلاد أذربيجان فخربها، واستولى على أموالها وفعل الأفاعيل بأهلها؛ لأنهم حاولوا مقاومته، ثم سار نحو أصفهان فأخضعها، واتجه نحو تبريز فاجتاحها، واضطر السلطان أحمد بن أويس أن يهرب بنفسه.
وأوضح أنه بعد سقوط بغداد وفتك بأهلها أفظع الفتك، وأتلف تحفها وذخائرها ودورها وقصورها ومكاتبها ومرافقها ومدارسها وجوامعها وحماماتها، واستولى على كنوزها وتحفها وغالى أثاثها ورياشها، بعث جنوده فاستولوا على سائر النواحى المحيطة بالعاصمة، وقد لقى الناس منهم أشدَّ الويلات حتى أقفرت المدن، وأضحى جميع أهلها فقراء أو كالفقراء، ومات ناسٌ كثيرون من التعذيب والجوع والأوبئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة