سيطرت الموضوعات الإنسانية والهموم الحياتية لسكان القارة الأفريقية، على موضوعات الأفلام التى عرضت فى الدورة العاشرة من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، بالإضافة لقضايا أخرى كالانتماء والهجرة والحرب كانت لها أيضًا نصيب من الأفلام. المهرجان هذا العام رفع شعار «10 سنوات من الخيال»، واحتفى بمرور 10 سنوات على انطلاقه، حملت أفلاما سينمائية بها الكثير من الخيال والواقع، و10 سنوات والمهرجان يتواصل مع أشقائنا فى القارة السمراء ومع نجومها ومثقفيها.
منحت لجنة النقاد الدولية «فيبرسى» جائزتها لفيلم «إنها ليست جنازة، هذه قيامة»، للمخرج ليموهانج جيرمى موزيزى من لوسوتو، والفيلم يتناول قضية إنسانية ممزوجة بقضية سياسية، وتدور أحداثه فى جبال ليسوتو، حيث تنتظر أرملة تبلغ من العمر 80 عامًا تدعى «مانتوا» بفارغ الصبر عودة ابنها من العمل فى مناجم جنوب أفريقيا، لتعلم وفاته بدلًا من ذلك، تتوق إلى وفاتها بعد فقدان آخر فرد من أفراد عائلتها المتبقين، تستعد مانتوا للنهاية بترتيب جنازتها وتوديع حياتها الدنيوية، وتتخذ الترتيبات لدفنها فى المقبرة المحلية، تتعثر خططها بشكل مفاجئ حين تعلم أن الحكومة تعتزم إعادة توطين سكان القرية، وإغراق المنطقة بأكملها، وبناء سد خزان، وتقرر مانتوا نفسها للدفاع عن التراث الروحى للمجتمع، وتكونت لجنة تحكيم، لجنة النقاد الدولية التى منحت هذا الفيلم الجائزة من الناقد أحمد شوقى من مصر والناقدة إيلينا روبا شفشسكا من أوكرانيا وبيلاجى انجونانا - كاميرون.
الفيلم المصرى للإيجار تناول أيضًا موضوعًا إنسانيًا نفسيًا فى شكل كوميدى، وهو من بطولة خالد الصاوى ومحمد سلام وإخراج إسلام بلال، حيث يتم انتداب خالد من قبل العمل لفرع الإسكندرية لمدة شهر عوضًا عن موظف قام بالانتحار فى ظروف غامضة، إلى أن يعين موظف آخر بدلًا منه، ليسكن مع مختار عبدالحى فى شقته «قبطان بحرى متقاعد» يعيش بمفرده فى الشقة التى تطل على البحر، ليدخل خالد فى رحلة مليئة بالمواقف والغموض، فيما يخص حياة مختار والشقة التى يسكن بها، وكذلك معرفة سبب قدوم الموظف الذى حل مكانه فى العمل على الانتحار، والفيلم حصل على جائزة «رضوان الكاشف» والتى تقدمها مؤسسة شباب الفنانين المستقلين الفيلم المصرى، وسلمها الناقد فاروق عبدالخالق رئيس مؤسسة شباب الفنانين المستقلين.
عرض فى مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة فيلم «مع التيار نحو كنشاسا»، للمخرج ديودو حمادى الكونغو، وحصل على جائزة لجنة التحكيم، وتناول هذا الفيلم كفاح ضحايا حرب الأيام الستة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية فى كيسنغانى، من أجل انتزاع الاعتراف بهذا الصراع الدموى والمطالبة بالتعويض، بعد أن سئموا من المناشدات غير الناجحة، فقرروا أخيرا التعبيرعن مطالباتهم فى كينشاسا، بعد رحلة طويلة فى نهر الكونغو.
وفى مسابقة «الدياسبورا» منحت لجنة التحكيم شهادة تقدير لفيلم «تيلو كوتو» لصوفى باشولييه وفاليرى مالك، وتناول موضوع الهجرة من خلال منفى يانكوبا بادجى، القادم من منطقة كازامنس، فى عمر الـ17 فقد اضطر حينها إلى مغادرة بلده قاصدا غامبيا، التى اضطر إلى الهرب منها عام 2016، وصد حلمه فى الوصول إلى أوروبا فى الجنوب التونسى، بعد أن حاول قطع المتوسط عدة مرات من السواحل الليبية بعد عام ونصف العام من المغامرات، التى كادت تودى بحياته عدد لا يحصى من المرات، تيلو كوتو يروى عبور هذا الجحيم الذى يعيد تجسيده بجمالية عالية فى لوحاته.
وحصل على جائزة لجنة التحكيم فيلم «أن تكون صاحب بشرة سمراء» للمخرجة إينيس جونسون، ويتناول موضوعا مؤثرا جدا، حيث يخبر والدا المخرجة السمراء إينيس جونسون-سباين ابنتهما بأن لون بشرتها مجرد مصادفة، وليس شيئا له أهمية، حتى تكشفت ذات يوم فى سن المراهقة الحقيقة، عن طريق الخطأ، فالفيلم يناقش فكرة العنصرية والتمييز.
أما جائزة أحسن فيلم فذهبت إلى «وداعا أيها الحب» للمخرجة أكوا ماسانجى، ويتناول موضوعا لمهاجر أنغولى يستقدم زوجته وابنته للولايات المتحدة الأمريكية بعد 17 سنة من الهجرة والبعد عنهما، ويتشارك الجميع شقة صغيرة من غرفة واحدة، حيث يكتشفون أن أكثر ما يجمع بينهم حب الرقص، الذى ربما يساعدهم على التغلب على المسافات الفكرية والعاطفية بينهم، وتكونت لجنة تحكيم تلك المسابقة من كانلى أفولايان مخرج نيجريا، وجيمى جون لوى ممثل أمريكى- هاييتى، ومجدى أحمد على مخرج من مصر.
وحصل الفيلم الأنجولى «مكيف الهواء» للمخرج فراديك، على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ويتناول موضوع مكيفات الهواء فى مدينة لواندا، عندما تبدأ بالسقوط فى الشوارع فى ظروف غامضة، يبدأ كل من فرد الأمن «ماتايدو» والخادمة «ززينها» مهمة لاسترداد مكيف رئيسهما فى العمل، يبحث الفيلم عن نبضات قلب هذه المدينة، ويصور المبانى فى لواندا، التى تحمل تاريخها بشكل واضح، ويحاول الفيلم أيضا توثيق حياة الشعب، الذى يحاول إعادة بناء حياته بعد الحرب الأهلية.
أما جائزة أحسن فيلم، فذهبت إلى فيلم «زنقة كونكا كت» للمخرج إسماعيل العراقى من المغرب، والفيلم يكشف فردوسا رومنسيا ورحلة مليئة بالأحداث لعازف سابق لموسيقى الروك، وفتاة ليل ذات صوت ذهبى فى مدينة كازابلانكا. يحاول الرجل الإقلاع عن تعاطى الهيروين، بينما تحاول هى الهروب من حياة الشارع، ولا يجدان أمامهما مخرجا سوى الموسيقى، فيقلب حبهما المغرب رأسا على عقب لتظهر البلاد بصورة غير معروفة، ليلية وخطيرة.
المهرجان كرم عددا من نجوم السينما الأفارقة، منهم المخرج شيخ عمر سيسكو، والفنانة نادية الجندى نجمة الجماهير، ومحيى إسماعيل وسمير صبرى، وأقام ندوة حول صناعة السينما ومدى تأثير المنصات الإلكترونية على تلك الصناعة، وعلى وجود الجمهور فى دور العرض، وشارك فيها سينمائيون من كل الدول الأفريقية، كما أقيمت ندوة موسعة للنجمة الكبيرة مديحة يسرى، وخصص لها كتاب بعنوان «جميل وأسمر» كتبه محمد محمد مستجاب، وناقش الجمهور الكتاب وحضر حفل توقيعه، كما أصدر المهرجان كتابا بعنوان «10 سنوات من الخيال» كتبه الناقد سعد القرش، وحلل فيه ورصد كل الدورات السابقة للمهرجان، وشرح وخصص له ندوة موسعة حضرتها الدكتورة أمانى الطويل، التى طالبت الدولة بتخصيص ميزانية ثابتة للمهرجان والقضاء على البيروقراطية التى تواجهه كل عام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة