لا شك أن للأسرة دورًا كبيرًا فى تحديد دالة الاستهلاك فى المجتمع، ذلك أن المجتمع كقطاع عريض من البشر، يتفرع فى أساسه إلى وحدات صغيرة هى الأسرة أو العائلة، والتى بمفهومها البسيط تعنى عددًا من الأفراد يتمثلون فى أب وأم وأولاد.
ولا شك فى أن المرأة تلعب دورًا مهمًا وأساسيًا فى اتخاذ قرارات الاستهلاك فهى التى تحدد نوع السلع المراد استهلاكها، وهى أيضا التى تحدد كَمَّها، فالمرأة غالبا هى التى تضطلع بأعباء التصرف فى ميزانية الأسرة، ويتوقف على حسن تدبيرها الوصول إلى الإشباع الأمثل.
والمرأة المسلمة تضطلع بهذه المهمة فى نطاق أسرتها وتستطيع بوعيها أن ترشد من استهلاكها، فهى عماد الأسرة.
وهنا يبرز دور الدولة فى ضرورة توعية المرأة بأهمية ترشيد الاستهلاك والقضاء على مظاهر الترف.
والإسلام يعترف بدور المرأة فى الأسرة، ويقدر دورها ويرشدها إلى أهمية عدم الإسراف والتبذير، فهى مخاطبة كالرجال بأحكام الشريعة الإسلامية التى تأمر بالإنفاق بدون إسراف، وتنهى عن الترف، والتبذير، فالمرأة مسؤولة فى بيتها، مسؤولة عن رعاية أولادها، مسؤولة عن القرارات الاستهلاكية، والأنماط الاستهلاكية التى تتبعها، وهى مؤتمنة على مال زوجها وأولاده، وهذا ما يتضح بجلاء من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذى يقول فيه: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسؤولة عنهم». ومن ثم فيجب على المرأة تحقيقا لمسؤوليتها أن ترشد استهلاكها، فتلتزم بضرورة اتباع إرشادات الشريعة فى الإنفاق كما يجب عليها أن تتخلى عن العادات السيئة فى الاستهلاك.
ومن العادات السيئة فى الاستهلاك شراء سلع لم تكن فى الحسبان، وإنما تشتريها المرأة بمجرد وجودها فى المتجر، أو رؤيتها معروضة بشكل مغر، وقد لا يكون لها حاجة إليها أصلا، فيجب عليها ألا تشترى إلا ما يلبى حاجاتها فقط، وتتفاقم هذه العادة الاستهلاكية السيئة حتى تصل إلى ما يشبه حمى الشراء أو النهم الاستهلاكى، وهذا ترف يجب تركه، ولا حاجة للأسرة به.
فيجب على المرأة ترك كل ما يؤدى إلى الترف، فتنأى بأسرتها عن مظاهره ولا تقدم على شراء ما يزيد عن حاجتها، فتشترى فقط ما يحقق لها ولأسرتها الكفاية فقط حتى لا ينطبق عليها ما ورد فى الأثر «يأتى على الناس زمان همهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، وأولئك شر الخلق، لا خلاق لهم عند الله».
كما يجب عليها أيضا أن تتبع سياسة التقشف عند الأزمات المالية والاقتصادية حتى تخرج الأسرة من أزمتها، أو الأمة من كبوتها، فتبقى من يومها لغدها متبعة لهدى نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: «رحم الله امرءًا اكتسب طيبا، وأنفق قصدًا، وقدم فضلا ليوم فقره وحاجته».
فللمرأة دور مهم فى إكساب الأبناء عادات الاستهلاك الطيبة، وترشيد نفقات الأسرة بما يعود بالنفع على الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة