يسرى عبد الله يختبر الاتجاه الاشتراكى فى الإبداع بمنتدى المستقبل بوسط البلد

الأربعاء، 29 ديسمبر 2021 10:00 ص
يسرى عبد الله يختبر الاتجاه الاشتراكى فى الإبداع بمنتدى المستقبل بوسط البلد الأستاذ الدكتور يسرى عبد الله أثناء المناقشة
أحمد طنطاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عقد منتدى المستقبل للفكر والإبداع فى السابعة من مساء أمس الثلاثاء، ندوة نقدية لمناقشة كتاب (الاتجاه الاشتراكى فى الإبداع والنقد فى الصحافة المصرية من 1952 إلى 1967) للباحث وجدى زين الدين، وذلك بمكتبة خالد محيى الدين بشارع كريم الدولة المتفرع من ميدان طلعت حرب بوسط البلد، وقد ناقش الكتاب الأستاذ الدكتور يسرى عبد الله أستاذ النقد الأدبى بجامعة حلوان، والكاتبة أمينة النقاش، وأدار الندوة الشاعر والقاص أمل سالم .

وقد بدأ الدكتور يسرى مناقشته للكتاب بالترحيب بالحضور المتنوع فى اتجاهاته ومهنه، ما يعكس أهمية الكتاب، فهو كتاب يفتح مجموعة من الأسئلة ويثير عددا من الإشكاليات المتعلقة بالملامح المركزية لحقل النقد فى النصف الثانى من القرن الماضى، كما أنه ينفتح على موضوعات خارج نصه out of text، فهو يثير من الإشكاليات ما هو سياسى واجتماعى وفكرى، كما يثير أسئلة تتعلق بحركة النقد المصرى والعالمى لكون النظرية النقدية إنسانية الطابع لا تتخندق جغرافيا.

WhatsApp-Image-2021-12-29-at-5.06.55-AM

ويأتي عنوان الكتاب منفتحا على مقولات كبرى تشكل داخل ذهن المتلقى تصورات عن الأدب والصحافة وهما حقلان دلاليان كبيران، يتعلقان بجدل السياسى والثقافى، فجاء العنوان تجاريا أكثر منه علميا، فالكاتب لم يدقق مصطلحاته بشكل كان حرى به اتباعه، فـ"الاتجاه الاشتراكى" الذى يتصدر العتبة الأولى يغاير الواقعية الاشتراكية المنبثة في المتن، والتى أسس الكاتب لفلسفاتها ومفهومها وأصولها الفكرية والنظرية، إلا أنه يحسب لهذه الدراسة أنها لا تتعامل مع الخطاب النقدى بوصفه بنية مغلقة بل بنية منفتحة على الخارج، هذا الخارج فرض نفسه بالحديث الضرورى عن الجوانب السياسية والاجتماعية للحقبة الناصرية، ومن ثم يفضل أن يعدّل الكاتب عنوانه من "الاتجاه الواقعى" إلى "الواقعية الاشتراكية"، ليكون مصطلح عتبته الأولى أكثر دقة واتصالا بالموضوع.

كما يشير الكتاب للعلاقة بين الإبداع والنقد، على أساس مهيتها كعلاقة جدلية، فالنقد ليس فقط تالٍ للعملية النقدية بل هو نشاط يحمل رؤية، ويشكل نسقا إبداعيا ويلعب دورا محوريا بمسارات جديدة للكتابة، فهو لا يحمل مستوى واحدا من التصور، وذلك بعد أن تطور عبر العصور من النابغة الذبيانى، حتى وصل لمرحلة الكشف عن الجوانب الجمالية للنص، ومن ثمّ صار النقد رؤية للعالم تتشكل في نص إبداعى موازٍ يتمتع بالتنوع.

WhatsApp-Image-2021-12-29-at-5.06.57-AM

وواصل الأستاذ الدكتور يسرى تحليله قائلا أن "الكتاب الذى بين أيدينا يمزج بين الإطار النظرى والوعى التطبيقى بفصول بحثية، تتأتى بهذا الشكل لكون المادة فى الأصل أطروحة دكتوراه، وتبدأ بفترة خصبة فى تاريخ الأمة المصرية تزخر بالأحداث السياسية والتحولات الاجتماعية ومن ثمّ الحراك الثقافى، وإذا كانت الدراسة الجيدة تبدأ باختيار جيد فإن المادة التى بين أيدينا تحقق هذا، فقد جاءت فترة الكتاب موفقة لاحتوائها على تحولات ومقولات كبرى".

وأشار الأستاذ الدكتور يسرى إلى أن تناول هذا الكتاب يتطلب توظيف إجراءات نقد النقد، وهى التى تعتمد على مساءلة المقولات الموجودة وتفكيكها لاستكشاف الملامح الأساسية للخطاب النقدى، والحقيقة أننا ـ فى البداية ـ أمام جهد حقيقى مبذول فى جوانب عدة وإن كان لا يخلو من بعض الملاحظات، فمن النواحى الإيجابية نجد الوعى الثاوى بداخل النص وخارجه، وتقديم صورة بانورامية للواقع الثقافى المصرى فى الفترة موضوع الدراسة، ويعبر الكاتب عن ذلك بمقاطع متناثرة عن حال المسرح وإشارات للنشاط النقدى وتنويعاته، وملامح للواقع الثقافى المصرى.

كما أكد الناقد الكبير أن هناك إشكاليات "أرجو من الكتاب أن يتوخى تعديلاتها فى الطبعات الجديدة لأن هذا سيحقق للكتاب قدرا أكبر من العمق، وعلى رأسها إشكالية المصطلح النقدى، وهى إشكالية ناتجة عن تعدد الترجمات وتعدد الرؤى الفكرية والخلفيات الثقافية، وهذا جزء من أزمة النقد التى كتبت عنها فى كتبى ومقالاتى، وأزمة النقد جزء من أزمة العقل العربى، التى من ملامحها غياب الفلسفة وغياب علم الجمال".

ولعل من الأمور التى تؤخذ على الكتاب ـ كما يقول الناقد ـ عدم الاستناد إلى كتب عُمد للواقعية ككتب جورج لوكاتش، واكتفائه بالإشارة العارضة، ذلك أن الواقعية مفهوم غامض ومتنوع، ولا يمكن النظر إليها من زاوية واحدة، وفكرة الكتابة الواقعية هى فكرة مغذية للكتابة بشكل عام، وهى منهج تفكير ورؤية متطور للعالم، هنا يأتى غياب الوجود المكثف للكتب المركزية للواقعية أمرا محل استفهام، وبالتالى كان يجب على الكاتب تطعيم هذا الجانب من الدراسة بفصل واضح عن اتجاهات الواقعية.

ثم أشاد الدكتور يسرى عبد الله بالجانب التطبيقى للكتاب، قائلا: إنه من أفضل الجوانب لأنه يخلو من اللغة الإنشائية، ما يتواءم وخصائص لغة العلم التي تتسم بالدلالة والقصدية، ولهذا السبب نهتم بالمصطلح، فهو عصب الدرس النقدى، وبحقق علمية العلم بدقته ووضوحه، كما كانت الإشارة إلى محمود أمين العالم مهمة للغاية فقد طور من أدواته، وكان ممارسا حصيفا لهذه المهمة ذات المسئولية، ومن دلائل ذلك أنه تنبأ مبكرا بتيارات البنيوية، ورغم ذلك ظلم نقديا.

وأخيرا أشار الدكتور يسرى إلى أن الكتاب فتح إشكالية تطور الفن وطبيعة الدور الاجتماعى له، فهل الفن للفن أم الفن للواقع أو للمجتمع؟.. وقد تبنت الواقعية الاشتراكية اتجاه أن الفن للواقع والمجتمع والحياة بتنويعات مختلفة، وفى النهاية فهذا الكتاب يمثل درسا نقديا ينفتح على واقعه، وهو أمر مهم للشكل الأكاديمى بشكل عام. كما يجب أن نشجع على هذا الانفتاح، وبعامة فيجدر بنا الإشارة إلى أن المؤسسة الأكاديمية المصرية ماتزال عفية وتملك باحثين متميزين، وهذا الكاتب من هؤلاء وكتابه ينهض دليلا على هذا.

WhatsApp-Image-2021-12-29-at-5.06.58-AM

وكان الباحث وجدى زين الدين قد افتتح الحدث بعرض للصعوبات التى واجهته أثناء تسجيله لموضوعه، وكان أبرزها التأويل الخاطئ للعنوان، بسبب المدة التاريخية التى اختارها للدراسة (من 1952 إلى 1967)، والتى رشحت فرضية غير دقيقة بأنه إنما قصد إلى إدانة هذه الفترة ووصف المشروع الناصرى بالفشل، ما أدى إلى إقحام المضامين السياسية فى عمل هو فنى وعلمى بالأساس، وأشاد الباحث بمن ساعدوه، وكان على رأسهم الأستاذ الدكتور يسرى عبد الله الذى وفر له ما احتاجه من مادة.

وتلقت الكاتبة "أمينة النقاش" طرف الحديث من الكاتب لتشير إلى عدد من الملاحظات، قادتها إلى حديث تاريخى تناول الفترة الناصرية والتأثير السلبى لليمين على الحياة الثقافية والسياسة المصرية فى إطار العلاقة بين الثورة والمثقفين، ونفت "أكذوبة" سيطرة اليسار على مفاصل الحياة الثقافية فى مصر أبان الفترة الناصرية، كما دافعت عن الفترة المختارة للدراسة باعتبارها الفترة التى تبلورت فيها التجربة الناصرية ووصلت إلى قمة نضجها قبيل نكسة عام 1967، فقد أحدثت هذه الفترة تغييرا كبيرا فى المجتمع المصرى، على كافة المستويات، سواء السياسة والاقتصاد والثقافة، ولهذا انتقل اسمها من "حركة" إلى "ثورة" رغم أن البعض يسمها انقلابا، وكان من أبرز ثمار هذه الفترة "العقد الاجتماعى الجديد" والتوجه نحو الاشتراكية على النمط المناسب للمجتمع العربى، وكان ذلك من عام 1962 إلى 1972، ولهذا كان زمن الدراسة نموذجيا.

كما أشادت الكاتبة بغنى القضايا التى احتوها الكتاب، وأبرزها تأكيده على الدور الإيجابى للثورة والنهضة الثقافية، ومن دلائل ذلك دخول الدولة فى نشاط النشر، وذلك لأول مرة على مستوى العالم، ورغم أن النشر كان يخسر ماديا إلا أن الدولة كانت تسد هذا المسد لإغلاق الباب على تزييف الوعى القومى، فكانت خسارتها المادية تترجم مكسبا وجدانيا وثقافيا.

وأخيرا تم فتح الباب لمداخلات الحضور وأسئلتهم التى دارت حول موضوع الكتاب وأهميته للمكتبة العربية، وكانت مشيدة بالجهد المبذول فيه.

ويعد منتدى المستقبل للفكر والإبداع من أهم الحلقات النقدية فى الثقافة المصرية والعربية التى تهدف إلى تعضيد الثقافة الوطنية، ويطمح المنتدى كما جاء فى بيانه التأسيسي" إلى أن يكون أعلى تمثيلات الموضوعية عبر إعادة الاعتبار لمفهوم القيمة من خلال تقديم النماذج الإبداعية المعبرة عن القيم الطليعية المتجددة".

 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة