ناقشت دراسة حديثة للباحثة مى الرمسيسى، صدرت فى مجلة "كاسل الحضارة والتراث" قضية البحث عن قبر الإسكندر الأكبر استمدتها من كتاب الدكتور عزت قادوس "آثار الإسكندرية القديمة" تشير إلى أن الإسكندر الأكبر تمكن من الاستيلاء على مصر عام ٣٣٢ قبل الميلاد بعد هزيمته للملك الفارسى دارا، والذى تراجع وقرر الإسكندر أن يتركه يجهز صفوفه ريثما يزيد هو من قوته بالاستيلاء على موانى شرقى البحر المتوسط، وبذلك يقطع عنه الإمدادات وبالفعل اتجه إلى الساحل السورى الشمالى واستولى عليه ثم مدينة صور ثم توجه إلى مصر ووقتها حاول الملك دارا مفاوضته وأفاض له بالوعود إلا أنه أبى وأكمل مسيرته إلى مصر برًا ودخل لميناء بلوزيوم ومنها إلى العاصمة منف ثم إلى نقراطيس فكانوب ثم برايتنيو
وتشير الباحثة مى الرمسيسى، إلى استقبال المصريين له بالاحتفاء والترحيب فقد كانوا يعانون ويلات الحكم الفارسى كما أن الإسكندر عُرف عنه حسن معاملة العامة فسلموه الحكم وتم تتويجه فى معبد بتاح بمنف وقد وصل تبجيلهم له أن اعتبروه ابنًا للإله ووضع فى يده سلطة حاكم الوجهين القبلى والبحرى واتجه لزيارة معبد آمون فى سيوة، وعند مروره بقرية راقودة التى تقابلها جزيرة فاروس وفى الجنوب منها تقع بحيرة ماريا "مريوط"، قال هنا تؤسس مدينتى وأمر أن تتخذ عاصمة للبلاد لأنها تتناسب مع أهدافه الاقتصادية والسياسية والحربية فكانت الإسكندرية المصرية وقد كان الإسكندر قائد فذ عبقرى امتدت إمبراطوريته بعد نهر السند ولكنه أثناء ذلك شعر بالمرض فعاد إلى العراق والبعض قالوا أنه مرض فى العراق ولكن الأهم أنه توفى فى قصر نبوخذ نصر سنة ٣٢٣ قبل الميلاد حسب أغلب الأقوال وتم نقل جثمانة ليدفن فى مدينته الإسكندرية.
ويلقى خبير المصريات الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا: أن الإسكندر الأكبر توفى عن عمر 33 عاما وفى اليوم التالى اجتمع قادته واقترح القائد برديكاس أحد قواد الإسكندر الأكبر وقد كان أقوى رجل فى بابليون وله كلمة مسموعة وتزوج فيما بعد من كليوباترا المقدونية شقيقة الإسكندر أن يتم تنصيب على العرش كلًا من أخيه فيليب اريدايوس الثالث وكان مختل عقليًا وابنه الإسكندر الرابع وكان مازال جنينًا عند وفاة والده، وقد أقر القادة هذا الاقتراح وتم تعيين برديكاس وصيًا على العرش وعهد لأرهيدايوس أن يتولى تنظيم جنازة الإسكندر الأكبر، وبالفعل بعد أيام قلائل تم تحنيط جثمان الإسكندر ولكن تم تأخير الجنازة وقتًا طويلًا بعض الشيء فقد استغرق الأمر حوالى عامين حاولوا فيهما أن يستقروا على مكان الدفن فى مكان يليق بملك عظيم كالإسكندر وليست أى جنازة ينالها وقد اختلفت الآراء بين أن يُدفن فى "بدنا بايجاى" عاصمة مقدونيا السابقة مع العائلة المالكة أو أن يدفن فى معبد أبيه آمون بسيوه وقد كان واضحًا حب و احترام الإسكندر لآمون وحدث جدال فى ذلك واسع وخاصة بعد أن ترددت أقوال أن البلد التى يُدفن بها الإسكندر سيحل عليها الرخاء
ويتابع الدكتور ريحان بأن الكثير من الأقاويل ترددت وأغلبية الظن أن الإسكندر نفسه هو من طلب أن يتم دفنه فى معبد أبيه زيوس آمون فى سيوه ولكن كان كل حاكم من قواده يريد أن يدفن الإسكندر فى البلد التى أخذها فهذا يضيف لحكمه شرعية.
ويوضح الدكتور ريحان أن جنازة الإسكندر بموكبها الفريد فى عام ٣٢١ قبل الميلاد أخذت طريقها من بابل إلى مقدونيا إلّا أن قابلها بطلميوس فى سوريا وكان قد تولى حكم مصر مبررًا ذلك برغبته أن يضيف على الموكب الجنائزى عظمة إلّا أنه بعد ذلك حصل على الجثمان وتوجه به إلى مصر وهذا ما أثار غضب برديكاس بشده وفى حين لم يكن قد تم الانتهاء من بناء مدينة الإسكندرية أمر بطلميوس بدفن الإسكندر فى ممفيس العاصمة حين ذاك فهى أفضل مكان لدفن الإسكندر لتكون مقبرته تحت رعاية ومعية بطلميوس عكس ما ستكون فى سيوه نظرًا لبعدها فى الصحراء ولكن لم يستمر الأمر هكذا طويلًا
ويتابع الدكتور ريحان بأنه بعد بناء الإسكندرية أُمر باستخراج جثمان الإسكندر ونقله ليدفن بمدينته التى وضع ركيزتها وتم بناء قبرًا جديد له فى وسط الإسكندرية القديمة ولفت موقع مقبرته أنظار العالم أجمع فى ذلك الوقت وكان يزورها أدباء وعلماء ومفكرين وقادة حتى أباطرة الروم كانوا يزورون القبر تقديسًا للإسكندر الذى اعتبر إله ومن الذين زاروا المقبرة كان يوليوس قيصر و أوغسطس وكاليوجولا وسبتميوس سفيروس و ابنه كاراكالا وذلك يؤكد وجود قبر الإسكندر الأكبر فى الإسكندرية المصرية وهذا ما أكده علماء تلك الفترة مثل استرابو والذى أشار إلى أن الإسكندر الأكبر قد دفن فى الحى الملكى، ولكن الحى الملكى و الإسكندرية القديمة اختفت معالمها أسفل الإسكندرية الحديثة ففى القرن الثالث الميلادى وقعت أحداث كثيرة فى الإسكندرية مثل الزلازل وانتشار الفوضى والحروب والنزاعات وفى أثناء ذلك فُقد قبر الإسكندر الأكبر .
ولفت الدكتور ريحان إلى أن الاعتقادات تتراوح بين أمرين إما أن قبر الإسكندر غرق مع الأجزاء الغارقة من الإسكندرية القديمة، أو أنه أسفل الإسكندرية الحديثة، وقد تم إجراء أكثر من حوالى ١٤٠ عملية بحث معتمدة عن مقبرة الإسكندر الأكبر واهتم به الكثير من العلماء مثل هاينريش شليمان «مكتشف طرواده القديمة» وعالم الآثار هوارد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون حتى نابليون بونابرت حاول العثور عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة