لا يزال تمثال نهضة مصر الذي نحته الرائد الاستثنائي الكبير محمود مختار إلى اليوم رمزا لمستقبل أفضل، وأفق مفتوح على العلم والاستنارة والتقدم.. منتصب القامة في هذا المكان يقف (نهضة مصر) ليحكي صفحة طويت مع الأسف من سجل الفن التشكيلي المصري، حين كان الفن التشكيلي علامة على عصر جديد سياسيا واقتصاديا وعلميا وفنيا وثقافيا، ويندهش المتابع للفن التشكيلي في بلادنا حين يراه منزويا على هذا النحو بينما مصر تخوض حربين كبريين في عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي: حربا بالسلاح على الإرهاب.. وحربا بالهمم والعزائم في معركة التنمية.
أليس غريبا أن تحقق مصر انتصارات يومية، ويخوض أبناؤها الأطهار في القوات المسلحة والشرطة معارك ضد الإرهاب، ولا نجد لوحات أو منحوتات تعبر عن هذا المشهد؟ أليس غريبا أن تكون لدينا (مدينة صغيرة) كالأسمرات - وهي بالفعل ليست حيا بل مدينة صغيرة- تمثل علامة على نهاية عصر العشوائيات، ورمزا للملحمة المصرية في عصر الرئيس السيسي للبناء والتعمير والبيت الإنساني الملائم لكل مصري، ثم لا نجد مثلا نصبا تذكاريا هائلا أو تمثالا عظيما يخلد هذا العمل في قلب الاسمرات ذاتها؟
الفن التشكيلي في واد والناس في واد ثان.. في الستينيات سقطت مقولة أن الفن التشكيلي هو ثقافة للنخبة وحدها، استرد الفن التشكيلي وقتها دوره في المساهمة في بناء المجتمع.. واليوم هو أبعد ما يكون عن المجتمع.. لماذا؟ لأن قطاع الفنون التشكيلية الذي هو جزء من وزارة الثقافة يعمل وفق آليات ليس فيها جديد.. آليات يتوارثونها عن السابقين والسابقون ورثوها عن سابقيهم وهكذا.. سيقولون لك انهم يقيمون البينالي والترينالي والمعرض القومي و.. و... و.... فتسألهم: ولكن أين ذلك من عموم الناس؟ فيردون: هذه مشكلة الذوق العام لا مشكلتنا نحن.!
مطلوب أن ينتقل الفن التشكيلي إلى الشارع.. لماذا لا تحتضن شوارع مدننا معارض لفناني كل مدينة.. للوحات والمنحوتات؟ معرض أسبوعي لكل فنان من أبناء المدينة.. وللمناسبة فإن مصر غنية بالفنانين التشكيليين بدرجة تفوق تصور القائمين على أمر الفن التشكيلي في مصر ..هناك آلاف من للرسامين والنحاتين لا يجدون جاليري لإقامة معرض لأعمالهم. .ولا يستطيعون دفع إيجارات الصالات الخاصة وللمناسبة فإن عدد هذه الصالات ضئيل بالقياس لعدد الفنانين وهذه إشكالية إضافية. الشوارع ستفتح الأفق على مصراعيه أمام هؤلاء.. وستعيد تأسيس الثقافة البصرية التي فقدها الناس، وستوجد نزعة جمالية تحل محل القبح.. إنها ضربة ثلاثية الأهداف.
لماذا أيضا لا يكون هناك معرض ضخم المساحة على مدار 365 يوما في السنة لا يغلق أبوابه أبدا.. يستطيع استضافة 10 معارض على سبيل المثال في ذات الوقت كل أسبوع؟
لقد حطمت مصر في عصر الرئيس السيسي مستحيلات كثيرة.. ولا أظن أن ما نطلب سواء من معارض الشوارع في كل مدينة أو فكرة (الجاليري الوطني) الذي يستضيف 10 معارض أسبوعيا وغيرهما من الأفكار.. لا أظن أنها مستحيلة.. مصر في حاجة إلى فن تشكيلي يجاري النهوض العظيم في عصر الرئيس السيسي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة