تمر اليوم الذكرى الـ 504 على قيام مارتن لوثر بتعليق وثيقة مكونة من 95 أطروحة على باب كنيسة القلعة في فيتنبرغ وذلك أثناء الفترة التي عرفت باسم الإصلاح البروتستانتى.
ومارتن لوثر، راهب ألماني، وقسيس، وأستاذ للاهوت، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا، بعد اعتراضه على صكوك الغفران. نشر في عام 1517 رسالته الشهيرة المؤلفة من خمس وتسعين نقطة تتعلق أغلبها بلاهوت التحرير وسلطة البابا في الحل من "العقاب الزمني للخطيئة"؛ رفضه التراجع عن نقاطه الخمس والتسعين بناءً على طلب البابا ليون العاشر عام 1520 وطلب الإمبراطورية الرومانية المقدسة ممثلة بالإمبراطور شارل الخامس أدى به للنفي والحرم الكنسي وإدانته مع كتاباته بوصفها مهرطقة كنسيًا وخارجة عن القوانين المرعيّة في الإمبراطورية.
وكان الراهب الألمانى قد قام لقد أمضى لوثر وقتا أطول فى ترجمة الإنجيل مما أمضاه فى تأليف أى كتاب آخر، وظلت ترجمته إلى اللغة الألمانية بمساعدة زملائه، التى ما تزال تدعى إلى الآن بإنجيل لوثر، رمزًا ثقافيًّا لقرابة 500 عام.
وكانت ترجمة لوثر للعهد الجديد الأكثر مبيعًا آنذاك، فبعد أن نشِرت فى سبتمبر عام 1522— لتعرف من ثم ﺑ "عهد سبتمبر"، نَفِدَ ما بين 3000 نسخة منها فى غضون ثلاثة أشهر، وصدرت فى ديسمبر طبعة جديدة منها، ثم ظهرت طبعات أخرى يقارب عددها المائة طبعة على مدى الاثنى عشر عامًا التالية، حتى بلغ عدد نسخ ترجمة لوثر للعهد الجديد، التى وزعت فى البلاد بحلول الوقت الذى صدر فيه إنجيل فيتنبرج الكامل قبل عام 1534؛ حوالى 200 ألف نسخة.
ومما يذكر لـ مارتن لوثر أنه فى عام 1542 قرأ مارتن لوثر ترجمة لاتينية للقرآن، وكتب عدة تعليقات عن الإسلام الذى كان يدعوه "المحمدية" أو "الأتراك"، ويذكر له أنه عارض منع نشر القرآن فى أوروبا، وعبّر عن أهمية تعرضه للتدقيق والتمحيص فى الغرب، كما أبدى عدم مبالاة تجاه العبادات الإسلامية وكتب: "دعوا الترك، يؤمنون ويعيشون كما يشاؤون".
وكانت أول ترجمة للقرآن الكريم باللغات الأوروبية باللاتينية، وتمت بإيعاز وإشراف رئيس دير "كلونى" فى جنوب فرنسا الراهب "بطرس المبجل" وكان ذلك سنة 1143م، وعلى يد راهب إنجليزى يدعى "روبرت الرتينى" وراهب ألمانى يدعى "هيرمان".
وجاء فى خطاب "بيتر المحترم" إلى القديس "برنار": "قابلت روبرت وصديقه "هرمان الدلماطى" العام 1141م، فى أسبانيا وقد صرفتهما عن علم الفلك إلى ترجمة القرآن باللاتينية، فأتماها سنة 1143م، وكانت أول ترجمة للقرآن استعانا فيها باثنين من العرب".
والغريب أن الدوائر الكنسية منعت طبع هذه الترجمة، لأن إخراجها من شأنه أن يساعد على انتشار الإسلام، وظلت هذه الترجمة مخطوطة فى نسخ عدة، تتداول فى الأديرة مدة أربعة قرون فقط إلى أن قام "ثيودور بيبلياندر" بطبعها فى مدينة "بال" سويسرا فى 11 يناير 1543م. وسميت هذه الترجمة ترجمة "بيبلياندر" وتميزت بمقدمة لـ المصلح الدينى "مارتن لوثر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة