"اللى بنى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى، وعشان كده مصر يا ولاد مصر يا ولاد حلوة الحلوات" تلك كلمات تتر مسلسل "بوابة الحلوانى" التى غناها الفنان على الحجار، من كلمات الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب، والتى ربما جاءت لتعبر عن الروعة والجمال الذى أسس عليها القائد الفاطمى مدينة القاهرة.
لكن يبدو أن الأغنية التى تغنى بها على الحجار، ولا تزال واحدة من أيقونات أغانى المسلسلات المصرية، كانت تعبر عن حقيقة حيث إن واحدا ممن بنوا مصر وبالتحديد مدينة القاهرة كان يعمل حلوانيا، لكن مهن أخرى ومناصب كانت وراء اللى بنوا مصر، ومن بينهم:
الملك مينا
يعتبر الملك مينا أحد أبرز الملوك المؤسسة والمؤثرة فى التاريخ المصرى القديم، واختلف علماء الآثار فى تحديد هوية الملك مينا إلا أن بعضهم نسب أصوله إلى الفرعون نارمر بينما البعض الآخر نسب أصوله للفرعون "حورعحا"، ويعد "مينا" هو أول من استطاع أن يوحد القطرين وهما مملكتى الشمال والجنوب بالرغم من أن هناك محاولات أخرى من ملوك سابقين لتوحيد القطرين لكنها فشلت ولم تكتمل، ولهذا لقب بـ موحد القطرين بالإضافة إلى عدة ألقاب منها: ملك الأرضين، صاحب التاجين، نسر الجنوب، ثعبان الشمال، يعتبر الملك مينا هو مؤسس الأسرة الأولى الفرعونية.
اسم مينا هو فى الأصل يرجع إلى اسم "مينى" لكن تم تحريف هذا الاسم إلى أن وصل إلى اسم مينا، ويعتبر هذا الاسم هو اسم من الأسماء المسيحية التى كان يلقب به العديد من القديسين فى الماضى. وحكم الملك مينا البلاد لمدة 62 عاماً وكانت هذه الفترة مليئة بالانتصارات والإنجازات المختلفة له، فقد استطاع الملك مينا خلال هذه الفترة أن يحارب الأعداء وأن يحافظ على بقائهم بعيداً عن البلاد.
عمرو بن العاص
القائد المسلم الشهير، والذى فتح مصر، اختار مكانًا جديدًا لأول عاصمة لمصر فى العهد العربى والإسلامى وهى مدينة "الفسطاط"، كان قائدا محكنا ودبلوماسيا بارزا، لكنه فى الأصل كان تاجرا، حيث كان عمرو بن العاص يعمل بالتجارة مثل والده وأغلب سادة قريش، ويتاجر ببضاعة اليمن والحبشة مثل الجلود ويبيعها بالشام، ويتاجر ببضاعة الشام مثل الطيب والزبيب والتين وغيره ويبيعها باليمن، وذكر أبو عمرو الكندى أن عمرو كان يذهب للتجارة فى مصر ويبتاع العطور والأدم. واكتسب عمرو خلال رحلاته التجارية العلاقات مع أهل هذه البلاد، وتوطدت علاقته مع ملوك الحبشة وغيرها، وقد ذكر السيوطى أن عمرًا سافر إلى مصر فى الجاهلية، ودخل الإسكندرية، فرأى عمارتها وآثارها، وأعجبه ذلك، وعرف مداخل مصر ومخارجها.
جوهر الصقلى
وفقا للكاتب محمد الفقى فى كتابه "الخرتية" فإن جوهر الصقلى، مؤسس مدينة القاهرة، عاصمة مصر الخالدة، كان حلوانيا، فكان يعمل صنايعى حلويات فى صقلية بعد التحاقه بجيش الفاطميين، ويرى عدد من المؤرخون أن "جوهر" برع فى الحروب فانتصر على الإخشيديين وأسقط دولتهم، وأسس للعصر الفاطمى فى مصر، كما أجاد صناعة الحلوى، برع فى الفن والمعمار.
وكشف الباحث الأثرى سامح الزهار عن أصل عبارة "اللى بنى مصر كان فى الأصل حلواني" قائلا: "جوهر الصقلي" بانى القاهرة الفاطمية حيث تعود أصوله إلى الأرمن فى كرواتيا وقد ولد وعاش فيها قبل ان ينتقل إلى صقلية التى ذاعت شهرته و صيته بها، وكان يجيد صناعة الكنافة والحلوى قبل ان يباع كمملوك للخليفة المنصور بالله الذى ألحقه بالجيش وترقى فيه حتى صار أشهر قواده و لذلك سمى بالحلواني.
محمد على باشا
محمد على باشا، ولد فى مدينة قوله، إحدى موانئ مقدونيا، وكان له سبعة عشر شقيقًا، توفوا جميعًا وهم أطفال، جاء إلى مصر ضمن الجيش العثمانى لتحرير مصر من قبضة الفرنسيين، حيث تولى الحكم فى سنة 1805.. لكن قبل أن يجلس على عرش "أم الدنيا" ويؤسس لدولتها الحديثة، وأسرته "العلوية" التى استمرت فى الحكم أكثر من 140 عامًا، وفى ظل نشأة قاسية، ماذا كان يعمل الباشا قبل التحاقه بجيش العثمانيين؟
وبحسب كتاب "محمد على باشا بدايات قاسية ومجد عظيم" للكاتب نشأت الديهى، أنه بعد زواج الباشا من إحدى السيدات الثريات من قرية "نصرتلى" تدعى السيدة أمينة، بدأ رحلته مع تجارة التبغ من خلال صديق فرنسى، وأصبح كثير الترحال والتنقل بين المدن والمناطق لإدارة تجارته التى درت عليه أموالا طائلة.
ويوضح الكتاب أن تلك التجارة اهتم بها اهتمامًا خاصًا، وأصبح تاجرًا كبيرًا للتبع وأصبحت التجارة فى قلبه وعقله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة