لقد كان مقتل الإمام على ابن أبى طالب، كرم الله وجهه، واحدة من الكوارث الكبرى التى أثرت فى التاريخ الإسلامى، لم يكن الموت سهلا، فقد طعن عبد الرحمن بن ملجم عليًا، رضى اله عنه، وظل يعانى من الجرح ثلاثة أيام حتى رحيله.
يقول كتاب "أسد الغابة فى معرفة الصحابة" لـ ابن الأثير، تحت عنوان "مقتله وإِعلامه أَنه مقتول رضى الله عنه": حدثنا أبو الْحسن على بن محمد بن على بن عبد اللَّه بن يحيى بن زاهر بن يحيى الرازى، بالبصرة، حدثنى أحمد بن محمد بن زياد القطان الرازى، عن على قال: حدثنِى الصادق المصدوق صلى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال: "لا تموت حتى تضرب ضربة على هذه فَتخضِب هَذِه"، وَأَوْمَأَ إِلَى لِحْيَتِه وَهَامَتِهِ، " ويقتلك أَشقاهَا، كما عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ أَشْقَى بَنِى فُلانٍ مِنْ ثَمُودَ " نَسبه إِلَى جَدّه الأدنى.
وقَالَ على بْن عُمَر: هَذَا حديث غريب من حديث الْأَعْمَش، عَنْ زَيْد بْن أسلم، عَنْ أَبِى سنان، عَنْ على تفرد بِهِ عَبْد اللَّه بْن زاهر، عَنْ أَبِيهِ.
وعن أبى حرب بن أبى الأسود، عن أبيه، عن على قال: أتانى عبد الله بن سلام، وقد وضعت رجلى فى الغرز، فقال لى لا تقدم العراق، فإنى أخشى أن يصيبك فيها ذباب السيف، فقال على: وأيم الله لقد أخبرنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الأسود: فما رأيت كاليوم قط، محاربا يخبر بذا عن نفسه.
وأنبأنا أحمد بن على، عن عبد الله بن سبع، فقال: خطيبنا على ابن أبى طالب، فقال: والذى فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه وهذه، يعنى لحيته من دم رأسه، فقال رجل: والله لا يقول ذلك أحد إلا أبرنا عترته، فقال: وأنشد أن يقتل منى إلا قاتلى.
وعن عكرمة عن ابن عباس، قال: قال على، يعنى للنبى صَلى اللَّه عليه وسلم: إِنك ققلت لى يوم أحد حين أَخرْت عَنِّى الشَّهَادَة وَاسْتشهِد من استشهد: "إِن الشهَادة مِنْ وَرَائِك، فَكَيْفَ صَبْرك إِذَا خَضَبْت هَذِه مِن هَذِه بِدم"، وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ، فَقَالَ عَلِي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِمَّا أَنْ تُثْبِتَ لِى مَا أُثْبِتَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاطِنِ الصبر، وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالْكَرَامَة.
حدثنا إسحاق بن سليمان عن فطر بن خليفة، عن أبة الطفيل، أن عليا جمع الناس للبيعة، فجاء عبد الرحمن بم ملجم، المرادي، فرده مرتين، ثم قال: علام يحبس أشقاها؟ فوالله ليخضبن هذه من هذه.
حدثنا زيد بن على، عن عبيد الله بن موسى، حدثنا الحسن بن كثير عن أبيه، قال: خرج على لصلاة الفجر، فاستقبله الأوز يصحن فى وجهه، قال فجعلنا نطردهن عنه، فقال: دعوهن فإنهن نوائح، وخرج فأصيب.
وعن أبى عبد الرحمن السلمى، قال، قال لى الحسين ابن على، قال لى على سنح لى الليلة رسول الله صلى الله عليه وسيلم فى منامى، فقلت : يا رسول الله، ما لقيت من أمتك الأود واللدد؟ قال: ادع عليهم، قلت: اللهم أبدلنى بهم من هو خير لى منهم، وأبدلهم بى من هو شر منى، فخرج، فضربه الرجل.
وأنبأنا محمد بن أسعد، قال: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادى، وهو من حمير، وعداده فى بنى مراد، وهو حليف بنى جبلة من كندة، والبرك بن عبد الله التميمى، وعمرو بن بكر التميمى، فاجتمعوا بمكة، وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة على بن أبى طالب، ومعاوية، وعمرو بن العاص.
ويريحوا العباد منهم فقال ابن ملجم: أنا لكم بعلى، وقال البرك: أنا لكم بمعاوية؟ وقال عمرو بن بكر: كافيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا عليه، وتواثقوا أن لا ينكص منهم رجل عن صاحبه الذى سمى له، ويتوجه له حتى يقتله أو يموت دونه، فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل منهم إلى المصر الذى فيه صاحبه، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة، فلقى أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد، وكان يزوروهم ويزورنه، فزار يوما نفرا من بنى تيم الرباب، فرأى امرأة منهم، يقال لها: قطام بنت شحنة بن عدى بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب، وكان على قتل أباها وأخاها بالنهروان فأعجبته فخطبها، فقالت:
لا أتزوجك حتى تشتفى لى، فقال: لا تسألينى شيئا إلا أعطيتك، فقالت: ثلاثة آلاف، وقتل على ابن أبى طالب، فقال: والله ما جاء بى إلى هذا المثر إلا قتل علي، وقد أعطيتك ما سألت، ولقى ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعى، فأعلمه ما يريد، ودعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك، وظل ابن ملجم تلك الليلة التى عزم فيها أن يقتل عليا فى صبيحتها يناجى الأشعث بن قيس، الكندى، فى مسجده، حتى يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقام ابن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التى يخرج منها على.
فما خرج من الباب نادى: أيها الناس، الصلاة، الصلاة، كذلك كان يصنع كل يوم يخرج ومعه درته يوقظ الناس فاعترضه الرجلان، فقال بعض من حضر، ذلك بريق السيف، وسمعت قائلا: لله الحكم يا على لا لك، ثم رأيت سيفا ثانيا فضربا جميعا، فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع فى الطاق، فسمع على يقول: لا يفوتنكم الرجل وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ ابن ملجم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة