ما حدث فى بنى قريظه.. ما يقوله التراث الإسلامى

الأربعاء، 20 يناير 2021 05:00 م
ما حدث فى بنى قريظه.. ما يقوله التراث الإسلامى كتاب البداية والنهاية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حاصر النبى محمد، عليه الصلاة والسلام، بنى قريظة بعدما خانو عهده ووتحالفوا مع قريش والأحزاب، وبعد أيام من الحضار أصابهم الرعب، ثم جاء حكم الله فيهم، فما الذى يقوله التراث الإسلامي؟

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير :

قال ابن إسحاق: ونزل رسول الله ﷺ على بئر من آبار بنى قريظة، من ناحية أموالهم، يقال لها بئر أنى، فحصرهم خمسة وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله فى قلوبهم الرعب.

 
وقد كان حيى بن أخطب دخل معهم حصنهم، حين رجعت عنهم قريش وغطفان، وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه.
 
فلما أيقنوا أن رسول الله ﷺ غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب بن أسد: يا معشر يهود قد نزل بكم من الأمر، ما ترون وإنى عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا بما شئتم منها.
 
قالوا: وما هن؟
 
قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبى مرسل، وأنه للذى تجدونه فى كتابكم، فتُأمنون به على دمائكم، وأموالكم، وأبنائكم، ونسائكم قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره.
 
قال: فإذا أبيتم على هذه فهلم، فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه، رجالا مصلتين بالسيوف، لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك، ولم نترك نسلا نخشى عليه، وإن نظهر، فلعمرى لنجدن النساء والأبناء.
 
قالوا: أنقتل هؤلاء المساكين؟ فما خير العيش بعدهم؟
 
قال: فإن أبيتم على هذه، فالليلة ليلة السبت، وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها، فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة.
 
قالوا: أنفسد سبتنا، ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا، إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عنك، من المسخ فقال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة من الدهر حازما.
 
ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله ﷺ أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بنى عمرو بن عوف، وكانوا حلفاء الأوس نستشيره فى أمرنا، فأرسله رسول الله ﷺ فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون فى وجهه فرق لهم وقالوا يا أبا لبابة: أترى أن ننزل على حكم محمد؟
 
قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح.
 
قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماى من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه، ولم يأت رسول الله ﷺ حتى ارتبط فى المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكانى حتى يتوب الله على ما صنعت، وعاهد الله أن لا أطأ بنى قريظة أبدا، ولا أرى فى بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.
 
قال ابن هشام: وأنزل الله فيما قال سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن عبد الله بن أبى قتادة: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الأنفال: 27] .
 
قال ابن هشام: أقام مرتبطا ست ليال، تأتيه امرأته فى وقت كل صلاة، فتحله حتى يتوضأ ويصلي، ثم يرتبط حتى نزلت توبته فى قوله تعالى: { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحا وَآخَرَ سَيِّئا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 102] .
 
وقول موسى بن عقبة: إنه مكث عشرين ليلة مرتبطا به، والله أعلم.
 
وذكر ابن إسحاق: أن الله أنزل توبته على رسوله من آخر الليل وهو فى بيت أم سلمة، فجعل يبتسم، فسألته أم سلمة فأخبرها بتوبة الله على أبى لبابة، فاستأذنته أن تبشره فأذن لها، فخرجت فبشرته، فثار الناس إليه يبشرونه، وأرادوا أن يحلوه من رباطه، فقال: والله لا يحلنى إلا رسول الله ﷺ، فلما خرج رسول الله ﷺ إلى صلاة الفجر حله من رباطه، رضى الله عنه وأرضاه.
 
قال ابن إسحاق: ثم إن ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، وهم نفر من بنى هدل ليسوا من بنى قريظة ولا النضير، نسبهم فوق ذلك، هم بنو عم القوم أسلموا فى تلك الليلة التى أنزلت فيها قريظة على حكم رسول الله ﷺ، وخرج فى تلك عمرو بن سُعدى القرظى فمر بحرس رسول الله ﷺ وعليهم محمد بن مسلمة تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟
 
قال: أنا عمرو بن سعدى - وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بنى قريظة فى غدرهم برسول الله ﷺ وقال: لا أغدر بمحمد أبدا - فقال محمد بن مسلمة حين عرفه:
 
اللهم لا تحرمنى إقالة عثرات الكرام، ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات فى مسجد رسول الله ﷺ بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب لم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا، فذكر شأنه لرسول الله ﷺ فقال: «ذاك رجل نجاه الله بوفائه».
 
قال: وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بنى قريظة، فأصبحت رمته ملقاة ولم يدر أين ذهب، فقال رسول الله ﷺ فيه تلك المقالة، والله أعلم أى ذلك كان.
 
قال ابن إسحاق: فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله ﷺ، فتواثبت الأوس فقالوا: يا رسول الله إنهم كانوا موالينا دون الخزرج، وقد فعلت فى موالى إخواننا بالأمس ما قد علمت، يعنون عفوه عن بنى قينقاع، حين سأله فيهم عبد الله ابن أبى كما تقدم.
 
قال ابن إسحاق: فلما كلمته الأوس قال رسول الله ﷺ: «يا معشر الأوس ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟».
 
قالوا: بلى.
 
قال: «فذلك إلى سعد بن معاذ».
 
وكان رسول الله ﷺ قد جعل سعد بن معاذ فى خيمة لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة فى مسجده، وكانت تداوى الجرحى، فلما حكمه فى بنى قريظة أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطئوا له بوسادة من أدم، وكان رجلا جسيما جميلا.
 
ثم أقبلوا معه إلى رسول الله ﷺ وهم يقولون: يا أبا عمرو أحسن فى مواليك فإن رسول الله ﷺ إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم، فلما أكثروا عليه قال: قد آن لسعد أن لا تأخذه فى الله لومة لائم.
 
فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بنى عبد الأشهل، فنعى لهم رجال بنى قريظة قبل أن يصل إليهم سعد عن كلمته التى سمع منه، فلما انتهى سعد إلى رسول الله ﷺ والمسلمين، قال رسول الله ﷺ: «قوموا إلى سيدكم».
 
فأما المهاجرون من قريش فيقولون: إنما أراد الأنصار، وأما الأنصار فيقولون: قد عم رسول الله ﷺ المسلمين، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عمر إن رسول الله ﷺ قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم.
 
فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه، إن الحكم فيهم لما حكمت؟
 
قالوا: نعم.
 
قال: وعلى من ها هنا فى الناحية التى فيها رسول الله ﷺ، وهو معرض عن رسول الله ﷺ إجلالا له، فقال رسول الله ﷺ: «نعم».
 
قال سعد: فإنى أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذرارى والنساء.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة