تمر اليوم الذكرى الـ71 على رحيل العالم المصرى الشهير على مصطفى مشرفة، إذ رحل فى 15 يناير عام 1950، وهو يلقب بأينشتاين العرب لأن أبحاثه كانت فى نفس المجال ونفس الموضوعات التى كانت أبحاث ألبرت أينشتاين تدور حولها، تخرج فى مدرسة المعلمين العليا عام 1917، وحصل على دكتوراه فلسفة العلوم من جامعة لندن عام 1923، ثم كان أول مصرى يحصل على درجة دكتوراه العلوم من إنجلترا من جامعة لندن عام 1924.
عين أستاذًا للرياضيات فى مدرسة المعلمين العليا ثم للـرياضيات التطبيقية فى كلية العلوم عام 1926م، منح لقب أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون الثلاثين من عمره، انتُخب فى عام 1936 عميدا لكلية العلوم، فأصبح بذلك أول عميد مصرى لها. حصل على لقب الباشاوية من الملك فاروق، وتتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر، ومن بينهم سميرة موسى.
كان الدكتور مشرفة من المؤمنين بأهمية دور العلم فى تقدم الأمم، وذلك بانتشاره بين جميع طوائف الشعب؛ حتى وإن لم يتخصصوا به، لذلك كان اهتمامه منصبا على وضع كتب تلخص وتشرح مبادئ تلك العلوم المعقدة للمواطن العادى البسيط، كى يتمكّن من فهمها والتحاور فيها مثل أى من المواضيع الأخرى، وكان يذكر ذلك باستمرار فى مقدمات كتبه، ومن أهم مؤلفاته:
نحن والعلم
«نحن والعلم» هو كتاب للعالم المصرى الكبير على مصطفى مشرفة، يوضح فيه ما المقصود بالعلم، وما التأليف العلمي، وما أهميته بالنسبة إلينا؛ حيث يرى مشرفة أننا فى حاجة إلى كتب عربية فى كل حقل من الحقول العلمية، ويرى أننا إذا لم نهتم بنقل العلوم وإنتاجها فإننا سنبقى عالة على غيرنا من الأمم، ويضرب أمثلة بنقل العرب لعلوم وفلسفات الإغريق، ونقل الأوربيين للعلوم عن العرب، كما يتطرق مشرفة إلى بيان العلاقة بين العلم والمجتمع، وأثر كل منهما على الآخر، ويبين لنا أيضًا كيف تتم عملية البحث العلمى وكيف يمكن تنظيمها.
العلم والحياة
يُفرد لنا الكاتب رأيه بين طيات هذا الكتاب موضحا أهمية العلم، والدور البارز الذى يلعبه فى شتى مناحى الحياة، وكيفية ارتقاء العلم بها، فدور العلم فى السياسة يجب أن يكون مساندًا لها؛ حتى تحقق السياسة غاياتها النبيلة المرجوة منها، ويُجلى عنها شرورها الكامنة، وكيف أن العلم بمختراعاته الحديثة جدد للصناعة شبابها وأسهم فى حل مشكلاتها — وقد عددَّ لنا الأمثلة للدلالة على ذلك — وأبان لنا كيف أن المال لا تُحْسَن إدارته إلا بالعلم الذى يعمل على نموه وسمو غايات مصارفه، و كيف أن الدين هو الداعم الأول للعلم وليس مقيدا له.
وكيف أن الشباب يجب عليهم أن يهتموا بالعلم واستنباط أسانيده؛ ويرى مشرفة أن الدول العربية لن تتقدم إلا بتمكين العلم فيها، ويرى أيضًا أن الأخلاق هى التى ترتقى بالعلم فوق الصغائر والدنايا.
الذرة والقنابل الذرية
«الذرة والقنابل الذرية» واحدة من القضايا الشائكة التى تشغل العلماء، والمشتغلين بالسياسة الدولية؛ باعتبارها مأساة تؤرق العالم، ويتناول هذا الكتاب كل ما يتعلق بتركيب الذرة، والعناصر التى تتألف منها، والأشعَّة التى تُسهم فى تكوينها، ثم يتطرق بعد ذلك إلى الحديث عن النواة، والبحوث العلمية التى أُجريت حولها، وكيفية الاستفادة من النواة فى مجال توليد الطاقة الذرية، والدوافع العلمية التى أدت إلى نشوء فكرة الطاقة، ومدى وثاقة العلاقة بين الطاقة ومدنية الأمم، وفى نهاية هذا المُؤَلَّف العلمى النفيس يتطرق الدكتور مشرفة إلى أهمية اليورانيوم فى مجال الطاقة النووية، ثم يشير إلى أن الطبيعة الجيولوجية المصرية مؤهلة لاكتشاف هذا العنصر الهام على أراضيها، وأنه لا ينقصنا سوى البحث الجاد لاستغلال مواردنا الطبيعية على النحو الذى يكفل لنا حسن السير فى موكب التقدم العلمي.
آراء حرة
يجمع هذا الكتاب عددا من المحاضرات المحتوية على آراء هامة لثلاثة من كبار المفكرين العرب؛ وهو من تأليف على مصطفى مشرفة وطه حسين، ففى القسم الأول منه يتحدث «محمد كرد علي» عن الأثر الذى أحدثته الحضارة العربية فى الحضارة الغربية، وعن أهم المراكز الحضارية العربية لا سيما فى مصر والأندلس، التى أسهمت فى نشر العلم والمعرفة فى شتى أرجاء الأرض، وكذلك عن الدور الذى قام به الأوروبيون فى إحياء الثقافة العربية من جديد، وخاصة فى أواخر القرنِ الثامن عشر الميلادي، مع عقد مقارنة سريعة بين الحضارتين، أما فى القسم الثانى فيتناول «على مصطفى مشرفة» الأثر العلمى فى الثقافة المصرية الحديثة. وفى القسم الثالث والأَخير يتعرض عميد الأدب العربى «طه حسين» لنشأة حرية الرأى والتعبير، وأهم الفلاسفة الذين دافعوا عنها ببسالة، ومن بينهم: «فولتير»، و«جان جاك روسو»، و«إرنست رينان»، و«الفيلسوف تين».
الحياة والحركة الفكرية فى بريطانيا
كتاب من تأليف طه حسين وأحمد محمد حسنين باشا وعلى مصطفى مشرفة وحافظ عفيفي، لا يمكن إنكار فضل الحضارة الرومانية القديمة وما قدَّمَتْه لمسيرة الثقافة الإنسانية؛ حيث كانت أعمال الروَّاد القدامى من الفلاسفة والمفكرين والعلماء الذين نبغوا فى «أثينا» وحواضر الثقافة الباعثَ الرئيسى لأوروبا العصورِ الوسطى التى بدأت نهضتها من «إيطاليا» ثم لحقت «إنجلترا» و«فرنسا» بمواكب النور والحضارة فاشتعلت بين البلدين منافسة حميدة على الريادة العقلية والعلمية لقرون، فأُنشئت فيهما الجامعات ومُوِّلَت الأبحاث العلمية والرِّحلات الاستكشافية من أصحاب الحَظْوة السياسية، وإذا تحدثنا عن النموذج البريطانى الإنجليزى كمثال، نجد أن مؤسساته الجامعية والعلمية قد قدمت الكثير والكثير من الإنجازات العلمية والفكرية؛ فكانت ولا تزال الجزر البريطانية قبلة طلاب العلم والباحثين من كل بلاد العالم، والكتاب الذى بين يديك يرصد فيه كوكبةٌ من علماء ومفكرى مصر الحياةَ الفكريةَ والعلميةَ البريطانيةَ وأسسَ نجاحها ونقاطَ قوَّتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة