أثار تمثال للملك شيشناق، الذى صممه النحاتان الجزائريان حميد فردى وسمير سالمى، على هيئة رجل فرعونى قوى البنية، جدلا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعى، حول أصول التمثال ما إذا كان مصريا أم جزائريا من أصول مصرية أم ليبيا مصريا، والذى تم وضعه وسط مدينة تيزى وزو بالجزائر، أمس احتفالا بمناسبة رأس السنة الأمازيغية لعام 2971 أو ما يعرف بـ"عيد يناير"، ولهذا نستعرض قصة حياة الملك الذى أثار الجدل.
شيشناق
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، على الرغم من أن الملك شيشناق الأول كان من أصول ليبية، غير أنه عاش فى مصر وتربى فى أرض مصر وتعلم الثقافة المصرية والتحق بالجيش المصرى، وتزوج من ابنة الملك المصرى السابق عليه، وتولى حكم مصر، فأدى أداء عسكريًا وسياسيًا مبهرًا كأى فرعون مصرى من قبل مقلدًا أسلافه من الملوك الفراعنة العظام خصوصًا سلفه العظيم الملك تحتمس الثالث، وأعاد مجد الإمبراطورية المصرية إلى بلاد الشرق الأدنى القديم بعد أن اختفى الوجود المصرى منذ نهاية عصر الدولة الحديثة ونهاية عهد الفرعون المحارب العظيم الملك رمسيس الثالث.
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، حكم شيشناق الأول من عام 945 إلى عام 924 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وعرف باسم شيشناق مرى آمون حكا خبر رع ستب إن رع، وكان هو البداية للفرع الليبى المتمصر الذى حكم مصر لمدة مائتى عام، وربط الملك شيشناق الأول نفسه بالأسرة السابقة من خلال الزواج من ابنة الملك السابق عليه، بوسينس الثانى، وزاد من دعم موقف الملك شيشناق الأول أنه جاء من خلفية عسكرية، إذ كان القائد الأعلى لكل الجيوش المصرية.
الملك شاشانق الأول
وتشير النقوش القادمة من منطقة طيبة أو الأقصر الحالية إليه على اعتباره القائد العظيم لقبيلة المشوش الليبية الأصل، والذى تم تعيينه من قِبل القبائل الليبية كقوة شرطية داخلية. وكى يظهر نفسه كفرعون مصرى قادر على حكم مصر، اتخذ لنفسه العديد من الألقاب الملكية مثل أسلافه من ملوك مصر السابقين، وتحديدًا اتخذ لنفسه ألقاب سلفه الملك سمندس الذى سبقه بحوالى مائة عام.
وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، أن الملك شاشانق الأول كان حاكمًا قويًا قام بتوحيد مصر المقسمة إلى مدينتين حاكمتين: الأولى فى تانيس فى شرق الدلتا فى الشمال، والأخرى طيبة فى الجنوب، فى دولة واحدة موحدة تحت سلطته الحاكمة، وكان من الذكاء بمكان حين قام بتعيين العديد من أبنائه فى المناصب المهمة والحساسة فى الدولة، وجمع فى يديه بين السلطة الدينية والمدنية وفى شخص واحد.
وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون"، أنه بعد وفاة الملك سليمان، تعرضت كل من مملكتى يهودا وإسرائيل تحت حكم رحبعام ابن سليمان ويربعام الأول للهجوم العسكرى المصرى القوى بقيادة الملك شيشناق الأول، أو الملك شيشاق كما تطلق عليه التوراة، وهزم الملك المصرى شيشناق الأول المملكتين شر هزيمة فى عام 925 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام فى حملة عسكرية لم تر أرض فلسطين مثلها منذ أيام المحارب العظيم الملك رمسيس الثالث، آخر فراعنة مصر العظام.
وتعود القصة فى البداية كما استعرض كتاب "الفراعنة المحاربون"، عندما تحرك الملك شيشناق الأول ضد مملكة يهودا التى كان يحكمها رحبعام، ووصل إلى أسوار القدس العتيقة. وحاصر الفرعون شاشانق الأول المدينة غير أنه لم يدخلها لأنه تم منحه "كل كنوز بيت الرب، وكنوز بيت الملك، حتى أخذ كل شئ، وأخذ كل الدورع الذهبية التى صنعها سليمان" كما تذكر التوراة فى سفر الملوك. ولقد أخذ شاشانق الأول كل كنوز سليمان، ما عدا الأرك المقدس، ثم توجه الفرعون إلى إسرائيل متتبعًا يربعام الذى هرب إلى الأردن. وتوقف شيشناق الأول فى مجدو، نفس المكان الذى حارب وانتصر فيه الفرعون المحارب الأشهر الملك تحمتس الثالث العظيم منذ حولى خمسة قرون ماضية، وأقام لوحة انتصار هناك كى يخلد شاشانق الأول انتصاره بهذه الأراضى مثلما كان يفعل أسلافه من الملوك الفراعنة المحاربين العظام.
وقام الفرعون شيشناق الأول بتصوير انتصاره على جدران معبد ربه الإله آمون فى طيبة فى جنوب مصر. وتم إعادة فتح محاجر الحجر الرملى النوبى فى جبل السلسلة فى أسوان كى تمده بالأحجار المطلوبة للبناء. وكان إيبوت كبير كهنة الإله آمون هو المشرف على أعمال البناء تلك. وتم بناء فناء عظيم جديد أمام الصرح الثانى من صروح معابد الكرنك، وتم تزيين جدار الفناء الجنوبى الخارجى بمنظر ضخم للملك المنتصر شيشناق الأول بفضل ربه الإله آمون، ويظهر بالمنظر العديد من الأسرى يتساقطون بسبب قوة الفرعون الطاغية، وكذلك تم ذكر المدن الأسيرة التى خضعت لسلطان جلالة الفرعون شيشناق الأول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة