ماذا يحدث بعد الموت وقبل أن تقوم القيامة؟ هذا السؤال مطروح دائما، ونستقى إجاباتنا عنه من خلال أدياننا ومعتقداتنا، وغالبا لا تكون "واحدة" بل تختلف حسب الدين الذى نؤمن به والثقافة التى نعيش فيها.
رحلة الميت عند الفراعنة
المعروف أن المصريين القدماء اهتموا بالموت والحياة بعده، ويحمل "كتاب الموتى" تصورا للحياة الآخرة، ويساعد الكتاب الميت بعد تحنيطه على عبور العالم السفلى الموحش ببواباته الـ12، والتى تحرسها الثعابين والوحوش، وإن تمكن الإنسان من العبور، يجد المحاكمة فى انتظاره، تتشكل المحكمة من أوزيريس الجالس على عرشه فى العالم السفلى، وخلفه إيزيس ونفتيس، وأمامه أبناء ابنه حورس، ثم 42 قاضياً".
الحضارة السومرية
قامت الحضارة السومرية فى بلاد ما بين النهرين فى العراق و سوريا، ويقول "قيس حاتم هانى الجنابى" فى بحث بعنوان "فكرة الموت والشعائر الجنائزية المقدسة عند السومريين" وتشير الملاحم والأساطير السومرية كـ(ملحمة جلجامش) إلى انتقال الإنسان بعد موته إلى العالم الثانى (العالم السفلى)، وتطلق على هذه الأرض تسمية (أرض اللا رجعة)، إذ توجد بوابات تؤدى إلى هذا العالم وعددها على وفق ما ورد فى أسطورة (نزول اينانا إلى العالم السفلى) سبع بوابات، ويوجد على كل بوابة حراس، كما أن لهذا العالم مزالج وجنازير خاصة به، ويتوجب على الداخلين إلى العام السفلى أن يكونوا عراة، إذ يخلع الميت جزء مما يرتدى عند كل بوابة قبل أن يجتازها، حتى يقف عارياً أمام آلهة العالم السفلى ووزرائها فتصوب نظرات الموت إليهم.
فى التراث الإسلامى
فى كتاب الجنائز "باب الجريدة على القبر"، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: مَرّ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ. فَقَالَ: أَمَا إِنّهُمَا لَيُعَذّبَانِ، وَمَا يُعَذّبَانِ فِى كَبِيرٍ، أَمّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنّمِيمَةِ، ثُمّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقّهَا نِصْفَيْنِ، ثُمّ غَرَزَ فِى كُلّ قَبْرٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَعَلّهُ يُخَفّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا.
وفى كتاب الأذان "باب الدعاء قبل السلام"، عن عائشة رضى الله عنها، زوج النبى صلى الله عليه وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فى صَلاَتِهِ: "اللّهُمّ إنّى أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عليه مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ، إنْ كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، وإنْ كانَ مِن أهْلِ النَّارِ فَمِنْ أهْلِ النَّارِ، فيُقَالُ: هذا مَقْعَدُكَ حتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ)
ودخلت يهودية على عائشة -رضى الله عنها- فقالت لها: (أعَاذَكِ اللَّهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَذَابِ القَبْرِ، فَقالَ: نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ، قالَتْ عَائِشَةُ رَضِى اللَّهُ عَنْهَا: فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إلَّا تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْرِ).
فى صحيح الإمام مسلم:
روى الإمام مسلم فى صحيحه فى كتاب الكسوف "باب ذكر عذاب القبر فى صلاة الخسوف"، من حديث عائشة رضى الله عنها، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال - فى حديث طويل: إِنِّى قَدْ رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُورِ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
ما رواه الترمزى:
ومن السنة قول النبى صلى الله عليه وسلم: «إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار». وإذا كان القبر ونعيمه قد ثبتا بهذه الدلائل فيجب علينا الإيمان بذلك، دون أن نسأل عن الكيفية.
ما رواه الألبانى:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت قال: (استغفِروا لأخيكُم، وسَلوا لَهُ التَّثبيتَ، فإنَّهُ الآنَ يُسأَلُ)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنزلٍ من مَنازلِ الآخرةِ، فإن نجا منهُ فما بعدَهُ أيسرُ منهُ، وإن لم ينجُ منهُ فما بعدَهُ أشدُّ منهُ، قالَ: وقالَ رسولُ اللَّهِ: ما رأيتُ مَنظرًا قطُّ إلَّا القبرُ أفظعُ منهُ)
أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يدعو فى صلاتِهِ، ويقول: (اللَّهمَّ إنِّى أعوذُ بِكَ من عذابِ القبرِ وأعوذُ بِكَ من فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ وأعوذُ بِكَ من فتنةِ المَحيا والمماتِ اللَّهمَّ إنِّى أعوذُ بِكَ منَ المأثَمِ والمغرَمِ فقالَ لَهُ قائلٌ ما أَكثرَ ما تستعيذُ منَ المغرَمِ فقالَ إنَّ الرَّجلَ إذا غرِمَ حدَّثَ فَكذبَ ووعدَ فأخلفَ).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة