تتعدد القصص الإنسانية فى الريف المصرى لذوى القدرات الخاصة الذين تحدوا الظروف، وحققوا ما لم يحققه الأصحاء، ومن بين هؤلاء طالب يقطن فى إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، شاء الله أن يظل طوال 12 سنة كاملة منذ مولده فى الشهر السابع، يزحف على الأرض لا يستطيع الوقوف على قدميه، وبعد 12 سنة أعاد الله له الأمل بعد إجراء 3 عمليات جراحية ساعدته على المشى والحركة، ليتفوق فى دراسته طوال 18 سنة ويحصل على الثانوية العامة بنسبة 94.6%، رافضا أن يكون من بين طلاب الدمج .
أكد محمد أحمد عبد اللطيف، طالب بمدرسة أبو مصطفى الثانوية، مركز الرياض بمحافظة كفر الشيخ، أنه يحمد الله أنه ولد بهذا الشكل، وتحمل الصعاب، ليكون مثله مثل الأسوياء، رافضًا أن يكون غير ذلك، فمنذ صغره عانى والده ووالدته الآلام المتعددة، أثناء نقله من بيته لمدرسته، ومتابعة والديه له، فلم يشعر أنه يومًا من ذوى الاحتياجات الخاصة، بل أنهم زرعوا فيه الأمل والثقة بالله أولًا والثقة بالنفس ثانيًا.
وأضاف محمد عبد اللطيف، أن ما أصيب به منذ صغره نعمة وليست نقمة، ليتحمل ويعانى الكثير من أجل التفوق على أمله بأن يدخل كلية الصيدلية، وأنه أصر على التفوق فى جميع مراحل تعليمة سواء فى التعليم الابتدائى أو الإعدادى أو الثانوى، وفضل أن يكون بالقسم العلمى ليحق أمله فى الالتحاق بكلية الصيدلة، مناشدًا اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، بمساعدته فى الحصول على منحة لدراسة الصيدلة.
وقال محمد، أنه كان يتعامل مع المعلمين والطلاب بشكل طبيعى، ولم يجد أى إساءة من زملائه، وكان يعاملونه معاملة طيبة، ولم يقصر والديه فى معاملته، ولم يحرجوه ولم يشعروه بأنه أقل من الأصحاء، بل زادوه ثقة فى نفسه، مؤكدًا أنه لن يستطيع الوفاء للجميع، " مهما وصلت لدرجات العلم لن أستطيع الوفاء بحقهم" .
وأكد أحمد عبداللطيف، وكيل مدرسة الحصفة الابتدائية، والد محمد، أن نجله ولد فى الشهر السابع، ومنذ مولده كان لا يستطيع الحركة والمشى، فكان يزحف طوال 12 سنة، وأجريت له 3 عمليات الأولى كان عمره 6 سنوات بالإسكندرية، ولكنها لم تنجح، والثانية كان عمره 12 سنة، ثم أجرى عملية فى قدمه اليمنى وعملية فى قدمه اليسرى، وبدأ عملية السير.
وقال عبداللطيف: "أحمد يعشق التعليم، منذ صغره رافضًا أن يكون من طلاب الدمج، لرغبته أن يكون طبيعيًا ويتعامل معاملة الأصحاء، فسار فى التعليم بتفوق، برغم معاناته من صعوبة الكتابة، وختمها بحصوله على نسبة 94.4%، فى الثانوية العامة"، متمنيًا مساعدته من قبل المسئولين للحصول على منحة دراسية لدراسة الصيدلة.
وأكدت نوران أحمد، شقيقته، أنها تتمنى أن تكون مثل محمد شقيقها، وتتمنى أن تكون بكلية الصيدلة ومحبوبة من الجميع مثله، فهى تسعى لهدفها مثله، وكانت تشجعه على الثقة فى نفسه، ولا يجعل أى كلام خارجى أو سلبى يؤثر عليه، مشيرة إلى أنهت تفتخر بشقيقها لأنه حصل على شهادات تقدير وتكريم من المعلمين وإدارات المدرسة والإدارة التعليمية لتفوقه طوال سنوات دراسته، لأنه من الأوائل.
وقال فارس محمد، إنه فخور بشقيه الأكبر، فدائمًا معه، ويفضل مرافقته، ليكون سنده، ودائما يطالبه بأن يتجاوز الأزمات، ويحمد الله لأنه هناك حالات أصعب من حالة شقيقه، ولم يشعر يومًا أن محمد من ذوى الاحتياجات الخاصة، بل أنه يرفض أن يكون إلا من الأصحاء القادرين على تحقيق هدفهم..
وأكدت هدى جابر محمد، معلم بمدرسة الحصفة الابتدائية، والدة محمد، أن نجلها محمد بركة المنزل، ومهما وصفت عن مدى حبها له فلن تستطيع الوصف، وبرغم أن لديها 3 من الأبناء، ولكنه له مكانة خاصة، فهو حياتها، وتعيش من أجله، فمنذ صغره كافحت من أجله تعلمه وتذاكر له، وتحاول تحسين خطة حياته، وظل فى المنزل طوال فترة انتشار فيروس كورونا، وفى أغلب المواد كان اعتماده على نفسه، لما لديه من روح وإرادة ويشعر بأن شخصيه متميزة، ونعامله معاملة الشخص الطبيعى، مشيرة إلى أنها تحمد الله على تغير أحواله فعلى مدار 12 سنة كان يحبى مثل القطة، مؤكدة أنه يحرص على صلاته فبرغم ظروفه إلا أنه لا تفوته الصلاة فى المسجد إلا عندما أغلقت المساجد، حفاظا على حياة المواطنين من انتشار فيروس كورونا، مشيرة إلى أن معاناته كانت سببًا فى تفوقه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة