محمد ثروت

لماذا سمي علم الحديث بـ"علم الرجال" رغم وجود راويات؟

الأحد، 23 أغسطس 2020 01:18 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

العقلية الفقهية الذكورية المناهضة للمرأة في علم أصول الحديث هي التي سمت أهم علومه والمفترض أنه أدق علوم السنة "علم الجرح والتعديل" أي نقد الرواة وتعديل شهاداتهم وبيان صحة أساندينهم، بـ "علم الرجال" أو "علم رجال الأثر". نفس العقليات السلفية المتشددة من الفقهاء رفضت قبول تعديل النساء، رغم أنه لم يثبت لدى العلماء أن امرأة كذبت في حديث أو اختلقته فهن نوعان لا ثالث لهما إما ثقاة أو مجهولات، قال الإمام الحافظ الذهبي (ت1348 م): "لم يُؤثر عن امرأة أنها كذبت في حديث"، وقال الفقيه بدر الدين الشوكاني(1834م): "لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر امرأة لكونها امرأة، فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدة من الصحابة، وهذا لا ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة".

لقد تناسى بعض هؤلاء الفقهاء وعلماء الحديث أن واقعة الإفك التي نزل فيها القرآن الكريم (النور: 11/18) تبرئة لأم المؤمنين عائشة، احتوت إشارات بليغة في بيان مشروعية تعـــديل النســاء وتجريحــهن، إذ لمــا خـــاض المنافقون في الكــلام على أم المؤمنين ومكث النبي (ص) شهرًا لا يوحى إليه، أشار علي بن أبي طالب على النبي (ص) بسؤال جارية عائشة بريرة، فدعا النبي (ص)بريرة وقال لها: أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرًا قط أغمصه، غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله.

ففي السؤال ما يبين أن بريرة مطالبة بالإخبار عن شيء زائد غير معلوم، ثم قد تحقق أنها أهل لهذه الشهادة لقول الإمام على رضي الله عنه: اسأل الجارية تصدقك.

إن من يطالع كتب الحديث والسير وتاريخ الإسلام في قرونه الأولى - بعقلية علمية بعيدة عن التحيز والتعصب والتشدد، يرى بوضوح كيف أن المرأة تبوأت مكانة مهمة في رواية الأحاديث النبوية، وتشير الباحثة الجزائرية آمال قرداش بنت الحسين في كتابها" دور المرأة في خدمة الحديث النبوي في القرون الثلاثة الأولى" (ط2015) عن دور أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها التي كانت أكثر الصحابة رواية للحديث بعد أبي هريرة ، ويشغل مسندها حيزا كبيرا من مسند الإمام أحمد بن حنبل ، كما تجاوزت دورها إلى إعداد الرجل المحدث نفسه مثل دور أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث في إعداد عبد الله بن عباس ودور أم سليم بنت ملحان في إعداد أنس بن مالك وكذلك دور أم سلمة في تربية الحسن البصري.

  كما أن كريمة المروزية (ت1071م) أنفقت حياتها في علم الحديث ولم تتزوج، وقال عنها المؤرخ ابن الأثير "إليها ينتهي علو الإسناد الصحيح". 

إذا الإسلام لم يحتقر المرأة ولم يقلل من شأنها وإنما دعاة التشدد والفقه الذكوري الذي يرفض إعلاء شأن النساء في العلم والتأويل ونقد الرواة، والمطلوب تحديث الفقه وعلوم السنة، فالعبرة بمن قدم من جهود بغض النظر عن جنسه أو لونه أو أصله وفصله، وكما لدينا فقهاء، هناك أيضا فقيهات ومحدثات وعالمات ينافسن الرجال، بل يتفوقن عليها أحيانا.

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة