عرف المصريون القدماء الأدب الدينى منذ فجر التاريخ، وتنوعت كتبهم المقدسة التى جاء أغلبها عن الموت والعالم الآخر، وكتبهم عادة مجموعة من النصوص الدينية التى تعبر عن تصور المصريين لحياة الموتى فى العالم الآخر، وتضم مجموعة من التعاويذ التى تتلى عند تجهيز الجسد للدفن.
ولعل الفراعنة القدماء أدهشوا العالم بتنوع تلك النصوص، وزخمها بالتعاويذ والآداب الدينية القديمة، والتى ظلت أيقونة لا تقل أهمية عن الآثار الباقية من العهود الفرعونية مثل المعابد والمقابر الملكية والمسلات، ومن أهم تلك الكتب:
"متون الأهرام"
من أهم النصوص الدينية التى ترجع إلى هذا العصر السحيق، ويقول عنها الدكتور سليم حسن "تعد متون الأهرام بحق، أهم مصدر يضع أمامنا صورة عن الحالة الدينية فى تلك الأزمان السحيقة".
كانت تعاويذ أو "مقولات" نصوص الأهرام، كما كانت نصوص الآخرة التى ظهرت بعد ذلك فى الدولة المصرية الحديثة بغرض حماية بقايا الفرعون وإعادة إحياء جسده بعد الموت -وتسمى الآخرة بالمصرية القديمة دوات- ومساعدته على الصعود إلى السموات، ويعد أقدم النصوص الدينية المعروفة فى العالم. نحتت نصوص الأهرام باللغة المصرية القديمة على جدران الأهرام والتوابيت الحجرية فى أهرامات سقارة خلال عصرى الأسرتين الخامسة والسادسة. تاريخ أقدم تلك النصوص يرجع إلى بين عامى 2400-2300 ق.م.
كتاب الطريقان
بحسب عالم الآثار المصرية الدكتور سليم حسن، كان أول كتاب ظهر من هذا النوع فى مقابر الشعب يرجع تاريخه إلى عهد الدولة الوسطى على التوابيت المصنوعة من الخشب، وهو الكتاب الذى اصطلح على تسميته حديثًا كتاب "الطريقين" ومن غريب الصدف أن كل التوابيت التى دون عليها فصول هذا الكتاب قد وجدت فى بقعة واحدة بعينها، وأعنى بذلك جبانة «البرشة» الواقعة فى المقاطعة الخامسة عشرة من مقاطعات الوجه القبلي، وهى التى كان يطلق عليها قديمًا «مقاطعة الأرنب» وعاصمتها «الأشمونين»، الحالية.
وصل إلينا حتى الآن من الكشوف الأثرية عشر نسخ من كتاب الطريقين، تسعٌ منها محفوظة على رقع توابيت موجودة بالمتحف المصرى.
كتاب المرشد
يُسمى أيضا (ما يوجد فى عالم الآخرة السفلي)، وكان مثله مثل كتاب الموتى يستعمله الملوك والشعب على السواء كما سبق، وهو يفسر لنا العقيدة الشمسية، وهو وفقا لما جاء فى كتاب "فجر الضمير" لجيمس هنرى برستد، يصف لنا هذا الكتاب الرحلة السفلية التى تقوم بها الشمس خلال الليل، حيث تخترق الممرات ذات الكهوف الاثنى عشر التى فى أسفل الأرض، وكل منها تمثل مسيرة ساعة، وباحتياز الاثنى عشر كهفا تنتهى الشمس من آخر مطافها وتبلغ النقطة التى تطلع منها فى الشرق صباحا.
والكتاب هو أحد النصوص الجنائزية المصرية القديمة فى عصر الدولة الحديثة فى مصر، ويعرف كذلك بـ "كتاب ما هو كائن فى العالم السفلي"، ويشار إلى كتب العالم السفلى فى الدولة الحديثة وأقدمها على أنها "كتاب القاعات السرية".
كتاب البوابات
أحد كتب العالم السفلى، ويكاد يكون نسخة من كتاب "ما فى العالم الآخر". ظهر فى معظم مقابر الدولة الحديثة جنباً إلى جنب مع كتاب (ما فى العالم الآخر)، كما ظهر فى مقبرة واحدة بالنسبة للأفراد. يتميز هذا الكتاب عن كتاب "ما فى العالم الآخر" بأنه يتضمن محكمة أوزير.
وفى نهاية كل ساعة من الساعات الإثنتى عشرة كانت توجد بوابة يحرسها ثعبان. وفى قاعة محكمة أوزير، حيث تجرى عملية المحاكمة للمتوفى، نجد 42 قاضياً، والتاسوع وحورس وجحوتي. وبعد المحاكمة يتجه الأبرار إلى حقول "يارو"، أما المذنبون فإن مصيرهم الفناء، حيث يبتلع الكائن الخرافى "عمعم" قلوبهم، ويتلو المتوفى أمام الإله أوزير الاعترافات الإنكارية (الفصل 125 من كتاب الموتى).
كتاب الموتى (الخروج للنهار)
يقول عالم الآثار المصرية سليم حسن، إن هذا الكتاب يحتوى على عدة فصول وتعاويذ تساعد المتوفى فى آخرته، وتعاونه على الحساب أمام الإله الأكبر "أوزير"، وكذلك لخروجه ودخوله فى القبر وسياحته إلى عالم الآخرة، وهذه الفصول وجدت مكتوبة على بردى موضوعة مع المتوفى فى تابوته منذ الأسرة الثامنة عشر، وتعتبر هذه التعاويذ المرحلة الثالثة فى نمو الأدب الدينى عند المصريين، ومعظمها يرتكن على السحر، كما يمتاز هذا الكتاب بأنه يحتوى على متون دينية من العصر المتأخر ولكنها مترجمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة