قرأت لك.. "نشأة النظام الأبوى" يرى الرجل والمرأة مخلوقين بطريقة مختلفة

الخميس، 23 يوليو 2020 07:00 ص
قرأت لك.. "نشأة النظام الأبوى" يرى الرجل والمرأة مخلوقين بطريقة مختلفة غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقرأ معا اليوم كتاب "نشأة النظام الأبوى" تأليف جيردا ليرنر ترجمة أسامة أسبر ويونس وهبة، وصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية، والذى يرى أن هذه الفكرة متعمقة بقوة داخل كثير من النفوس البشرية. 

يقول أسامة إسبر فى مقدمته لترجمة الكتاب:

ترى جيردا ليرنر  أن الأفكار الرئيسية للنظام الأبوى، إذا ما بسطناها قليلاً، هى أن الرجال والنساء خلقوا على نحو مختلف، ولهدفين مختلفين، وأن الرجال يمتلكون ذهناً مفكراً وذكاء متفوقاً وقدرة على القيادة، بالتالى من المقدر عليهم أن يمثلوا النظام والحكم، فيما النساء أدنى على المستوى الفكري، بالتالى يجب أن يُخضعنَ ويصبحن متكلات على الرجال، وهنّ غير قادرات على التفكير والتنظيم، وبسبب من هذا، لا تحتاج النساء إلى التعليم إلا كى يحضرن أنفسهن لهذا الدور الداعم، وربما كانَ المظهر الأكثر تدميراً لهذه الخُطة هو أن الله لا يتحدث مع النساء، ولا تستطيع النساء التحدّث مع الله، ولا يستطعن الوصول إلى الله إلا عبر توسط الرجال. وفى فترة ألفى سنة من التاريخ المسيحي، اعُتنقت هذه الأفكار كأنها أوامر من الله وصارت متضمنة فى المنظومة التربوية الغربية على جميع المستويات.

نشأة النظام الأبوي
 
إن كتاب غيردا ليرنر كتاب تفكيكى وتأسيسى فى آن، فهو يفكك آليات السيطرة على النساء وإخضاعهن، التى مُنعت منذ بدايات الحضارات الأولى المعروفة فى الشرق الأدنى القديم، منذ أن بدأ الإنسان فى تدجين الحيوانات والسيطرة على الطبيعة، وهو تأسيسى لأنّه من الكتب الأولى فى مجاله، التى تحلل بعمق واستبصار وإحاطة النظام الأبوى وتأصله فى الأسطورة والدين والتاريخ المدوّن، جاعلاً من نفسه كتاباً نسوياً رائداً بامتياز، بعكس تمكّن المرأة وقدرتها على نقد وتفكيك الخطاب المتمركز ذكرياً.
فالكتاب مؤلف من قبل امرأة، مما يُلقى ضوءً على دور النساء فى العمل على تحرير أنفسهن من سيطرة النظام الأبوى الذى دفع بهن إلى مرتبة متدنية وأخضعهن لسيطرة الرجل الذى صار الآمر الناهى فيما يتعلق بحياتهن. هذا الرجل الذى تعلم السيطرة على المرأة فى البداية من تدجينه للحيوانات، كما تذهب المؤلفة.
إن مؤلفة الكتاب مؤرخة وأستاذة فى جامعة وسكنسون – ماديسون وأستاذة زائرة فى جامعة ديوك، فى الولايات المتحدة الأميركية، وهى إحدى مؤسسات ميدان تاريخ النساء، ورئيس سابق المنظمة المؤرخين الأميركيين. وقدْ درست أول منهج فى العالم حول تاريخ النساء فى الكلية الجديدة للبحث الاجتماعى سنة 1963.ووضعت أول برنامج دراسات عليا حول النساء فى الولايات المتحدة الأميركية.
إن كتاب نشأة النظام الأبوي، الذى حصل على جائزة جون كيلى سنة 1968، التى تمنحها الجمعية التاريخية الأميركية، يُعذ إنجازاً ضخماً فى حفل دراسات المرأة. فهو إعادة بناء جذرية للمفاهيم فى الحضارة الغربية، ويجعل من الجنس، من حيث الذكورة والأنوثة، أساساً لتحليله. يذهب إلى أن هيمنة الرجال على النساء ليست طبيعية، أو بيولوجية، وإنما هى نتاج تطوّر تاريخى بدأ فى الألفية الثانية قبل ميلاد المسيح فى الشرق الأدنى القديم. وبما أن النظام الأبوى كنظام، ينظم المجتمع تأسّس تاريخياً، فإنّه يُمكن أن ينتهى بسيرورة تاريخية.
يركز الكتاب على التناقض بين دور النساء المحورى فى إنشاء المجتمع ودوره الهامشى فى سيرورة صناعة المعنى، والتعريف والتأويل، ويستقصى أسئلة مهمّة مثل: ما الذى يفسر عزل المرأة عن السيرورة التاريخية؟ ما الذى يُشرَح التأخير الذى استمر أكثر من 3500 سنة فى وصول النساء لوعى خضوعهن وموقعهنّ المتدني؟ تعود المؤلفة إلى ثقافات الحضارات الأقدم المعروفة فى الشرق الأدنى لكى تكتشف أصول استعارات الجنس الرئيسية للحضارة الغربية، وعبر استخدام الدليل الأركيولوجى والتاريخى والأدبى تتعقب تطور هذه الأفكار والرموز والاستعارات وإدخالها فى الحضارة الغربية على أساس العلاقات بين الجنسين والتى اتخذت طابعاً أبوية.
إن هذا الكتاب الذى يُعد تأويلاً مثيراً ومتحدياً للخضوع التاريخى للنساء، كما ذهب بعض النقاد، يمثل خطوة نحو الأمام فى النقد النسوى للصرح المعرفى البطريركى والكتابة حول النساء. وهو بالتالى يفتتح من جديد فصلاً من تاريخ النساء ظن المؤرخون أنّه قدْ أغلق إلى الأبد، وهو أصول الهيمنة الجماعية على النساء من قِبَل الرجال.
إن ترجمة كتاب نشأة النظام الأبوى للمؤرخة الأميركية غيردا اليرنر (1920-2013) إلى اللغة العربيّة تكتسب أهميتها من كون هذا الكتاب يُلقى الضوء على مسألة جوهرية تتعلق بخضوع المرأة، ليس فى الغرب فحسب، وإنما فى الشرق أيضاً. فعبر تحليله لأصول وجذور هيمنة الرجال على النساء فى النصوص الأسطورية والدينية القديمة، يكشف أيضاً جذور تصنيع خضوع المرأة العربيّة، بالتالي، فإن قراءة هذا الكتاب ستساعد المرأة العربيّة، فى صراعها لتفكيك بنية النظام الأبوي، الذى يهمشها ويلغى دورها ويُخضعها، حارماً المجتمع من نصف قوته الخلاقة. ذَلكَ أن المرأة العربيّة لا تزال تكافح ضدّ النظام الأبوى إلى الآن من دون أن تحقق انتصارات جذرية. ولعل هذا الكتاب سيلقى ضوءً على تعقيدات النظام لأبوى وهيمنته على المستويات كلها.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة