منذ بداية الخلق، وعرف الإنسان الأوبئة والطواعين الفتاكة التى حصدت أرواح الكثير من البشر، وتسببت فى حالات كبيرة من الذعر والخوف بين الناس، بعضها استمر لعدة قرون، مثل طاعون "الموت الأسود" فأصبح مثل شبح الموت الذى يخيم على الناس فى كل ليلة.
وطبيعى مع انتشار الأوبئة كانت السلطات والحكومات تتخذ العديد من الإجراءات للوقاية من الأوبئة والحد من انتشار عدوى الإصابة بالمرض، عن طريق القراءات والمراسيم الحكومية، فكيف كان أول مرسوم لمواجهة وباء "الموت الأسود" أحد أخطر الأوبئة على مدار التاريخ، وأكثرهم حصدا لأرواح الناس.
وبحسب كتاب " عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور" تأليف سوزان سكوت وكريستوفر دنكان، صدر أول إعلان رسمى للوقاية من الموت الأسود عام ١٥٤٣ وقدم تعليمات كاملة حول تدابير الصحة العامة التى يتعين تنفيذها إبان الطاعون، وكان قد صدر مرسوم إلى أعضاء المجالس المحلية، وفيه القرارات التالية:
ينبغى عليهم أن يجعلوا شمامستهم يضعون علامة الصليب على كل بيت من المفترض أنه مصاب بالطاعون، ويظل الصليب هناك لمدة أربعين يوما "على ما يبدو أن فترة الحجر الصحى الموحدة فى القارة الأوروبية صار معمولا بها حينذاك فى إنجلترا".
يحظر على أى شخص قادر على العيش بمفرده ومن المفترض أنه مصاب بالطاعون، أن يخرج من المنزل أو يذهب إلى أى تجمعات لمدة شهر من بعد إصابته بالمرض، وأن كل الذين لا يستطيعون العيش دونَ عملهم اليومي، ينبغى عليهم — بقدر إصابتهم بالمرض — أن يحجموا عن الخروج من المنزل، وينبغى عليهم لمدة أربعين يوما أن يحملوا فى يدهم باستمرار قضيبًا أبيض طوله قدمان.
ينبغى على كل شخص كان بيته مصابًا أن يحمل بعد انتهاء الابتلاء كل القش ليلًا فى الخفاء إلى الحقول وحرقه، وينبغى عليه أيضًا أن يحمل ملابس المصاب إلى الحقول كى يشفى.
يحظر على أى صاحب منزل طرد أى مصاب بالمرض من منزله إلى الشارع أو أى مكان آخر ما لم يقدم له سكنًا بديلًا فى منزل آخر.
جميع الأشخاص الذين يقتنون كلابًا فى منازلهم بخلاف سلالة كلاب الهاوند (كلاب الصيد) أو السبانيل أو الماستيف (الدرواس)، الضرورية لحماية أو حراسة منازلهم، ينبغى أن يبدءوا على الفور فى نقلها خارج المدينة، أو قتلها وحملها خارج المدنية ودفنها فى مقالب القمامة والنفايات العامة "بُنى هذا الأمر على الاعتقاد بأن الكلاب كانت تحمل العدوى فى شعرها، وفى وقت لاحق إبان الطواعِين العظيمة فى الأعوام ١٦٠٣، و١٦٢٥، و١٦٦٥، قُتل آلاف من الكلاب، وكان كثير منها قد تركتها الطبقات الموسرة لدى فرارها".
ما دام المرء محتفظًا بكلاب الهاوند أو السبانيل أو الدرواس، يحظر عليه أن يسمح لها بالخروج من المنزل، وإنما يحكم حبسها.
يتعين على وكلاء الكنائس فى كل أَبرشية أن يعينوا شخصا ما كى يمنع دخول جميع المتسولين البذيئين إلى الكنائس فى أيام الأعياد المقدسة، وإبقائهم فى الخارج. كما يتعين تطهير كافة الشوارع والطرقات، إلى آخره، الواقعة فى ضواحى المدينة. و يتعين على أعضاء المجالس المحلية التأكد من تلاوة هذا المرسوم فى الكنائس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة