تمر اليوم الذكرى الـ104، على اندلاع الثورة العربية الكبرى فى مكة، ضد الحكم العثمانى، إذ بدأت فى 5 يونيو عام 1916، بقيادة حاكم مكة الشريف حسين بن على، والثورة العربية الكبرى، وهي ثورة مسلحة ضد الدولة العثمانية، بدأت في الحجاز، حينما أطلق الشريف الحسين بن علي طلقة واحدة من بندقيته.
وامتدت الثورة ضد العثمانيين بعد إخراجهم من الحجاز حتى وصلت بلاد الشام، وإسقاط الحكم العثماني فيها، وفي العراق؛ وذلك نتيجة للسياسة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، والتى تمثلت بالتجنيد الإجبارى، ومصادرة الأملاك والأرزاق، ومن ثم مجاعة 1915، والسياسة القمعية لجمال باشا، الحاكم العسكرى للولايات السورية العثمانية، إلى جانب تراكمات العلاقة المعقدة بين العرب، والأتراك منذ أواسط القرن التاسع عشر، وحتى مؤتمر باريس عام 1913.
الثورة العربية الكبرى
ولم تكن الثورة العربية ضد الاحتلال العثمانى، الذى أدى إلى سوء الأوضاع الاقتصادية فى أغلب المناطق العربية، وبدلا من أن يسعى الحكام العثمانيين لخدمة المسلمون، كانوا يفرضون عليهم الضرائب من أجل أن ينعموا فى الترف، وخلال قرون وجود الأتراك فى المناطق العربية، واجهت تلك المناطق العثمانيون بالغضب والثورات من أجل إنهاء احتلالهم، ومن هذه الثورات:
تمرد الشيخ عبد الدايم بن بقر فى مصر
قامت فى مصر العديد من الثورات والتمردات على الدولة العثمانية، كانت أولى الاضطرابات التى برزت فى مصر مع مطلع الحكم العثمانى تلك التى قادها الشيخ عبد الدايم بن أحمد بن بقر، شيخ العرب فى إقليم الشرقية، وذلك فى عام 1518م، بعد ما خرج عن طاعة والى مصر خاير بك.
وبحسب دراسة بعنوان "أعمال العصيان والتمرد التى واجهتها الدولة العثمانية فى مصر ما بين عامى 1518-1524"، للدكتور أحمد حسين، نشرت بالعدد الرابع من مجلة "الدراسات التاريخية والحضارية" أكتوبر 2012، فإنه بعد استعانة خاير بك بالمماليك الجراكسة، بدأت سوء أحوال الفلاحين، وواجه الوالى العثمانى عصيانا فى منطقة الشرقية، قاده الشيخ عبد الدايم بن بقر، حينما خرج عن طاعته وأعلن نفسه حاكما على المناطق التى كانت خاضعة لسيطرته، واستغل بن بقر فرصة انشغال الجيش العثمانى بالتصدى لفلول الأمراء المماليك، فقام واستولى على الكثير من الأموال، وقتل الكثير من جنود المماليك والعثمانيين.
وفشل خاير بك فى استمالة الشيخ عبد الدايم بن بقر، مما اضطره لتعيين والده الشيخ أحمد بن بقر حاكما على المنطقة الشرقية، لكن أعمال التمرد زادت، وبعد وفاة خاير بك، تولى مصفى باشا، زوج أخت سليمان القانونى، ورغم رفض المصريين وجود حاكما عثمانيا عليهم وقيام أعمال تمرد ضده، إلا أنه استطاع القضاء على العصيان.
ثورة الحليبون ضد الأتراك
انطلقت تلك الثورة يوم السبت 11 أكتوبر سنة 1819، إذ هجم الحلبيون على بيت الكتخدا سليمان بيك وقتلوه، ثم قتلوا العديد من عساكر الوالى الذى أمر جيشه بمحاصرة المدينة وضربها بالمدافع وقطع الماء عنها، وحال دون وصول الذخيرة إليها، كما حاول القبض على مسببى الفتنة، لكن الشعب وقف صفاً واحداً فى وجهه، ورفض الاستسلام .
ثورة الحلبيين على الوالي خورشيد باشا العثماني
وبحسب "ثورة الحلبيين على الوالي خورشيد باشا العثمانى"، لمؤلفيه : المطران بطرس مراياتى ومهران ميناسيان، وعندما لم ينجح الوالى فى قمع الثورة، اضطر إلى طلب العون من الأستانة التى أمرت بعض الولايات القريبة بمؤازرته. ودامت الثورة مئة يوم ويوماً واحداً، عانى الشعب فيها من الغلاء والجوع وهدم البيوت وحرق الأسواق وارتكاب الفظائع. وخير دليل على شجاعة الحلبيين، حسب المؤلفين، ما كان يردده جنود الباشا عنهم: "إننا ما رأينا قط فى مدينة جنكية: (محاربين)، مثل أهل حلب، ولكن لا حيلة لهم".
ويورد المؤلفان أنه بلغ عدد القتلى من الحلبيين، بناء على بيانات موثقة، ثلاثة آلاف قتيل. أمّا عدد العساكر الذين قتلوا، فيحدّد بـ 1127 شخصاً. كما انصب على المدينة 131 ألف طلقة مدفع، و2000 قنبلة.
ثورة الشيخ غومة المحمودي فى ليبيا
هى تمرد ثورى قاده الشيخ الليبى غومة المحمودى، قبل أكثر من 180 عامًا، وهى الثورة الأطول على الإطلاق ضد الوجود العثمانى فى ليبيا (1835 - 1858)، حيث تسبب فرض الإتاوات الباهظة على الليبيين، وإحلال الأتراك والأرناؤوط محل العرب فى الوظائف الرسمية بطرابلس.
سبب ذلك فى قيام الثورة لأول مرة فى الجبل الغربى، معقل الشيخ غومة الذى كان ملقى فى عتمة الحبس. وقدم الليبيون شكوى رسمية ضد نجيب باشا إلى الباب العالى فى إسطنبول، فرد الأخير بعزل نجيب وتولية رئيف باشا بدلا منه، وما إن حل الأخير بولاية طرابلس حتى أطلق سراح غومة المحمودى لتسكين ثائرة قومه. ولكنه زاد فى المقابل من فرض الضرائب على الليبيين.
ثورة الشيخ غومة المحمودي فى ليبيا
أعلن غومة المحمودى الثورة على العثمانيين أمام كل تلك السياسات الهمجية. ووقعت 28 معركة بينه وبين القوات التركية، كان من نتيجتها امتداد سلطان غومة. واستطاع خلالها أن يستولى على الكثير من أسلحة وذخائر الأتراك، فعزل رئيف باشا وعين مكانه طاهر باشا، الذى خبر قوة غومة. فعمد إلى الخديعة، وتظاهر بالاستجابة لمطالب الأهالى. وعين غومة مسئولًا عن منطقة غريان. وتعهد بخفض الضرائب وإعادة العرب لوظائفهم.
استمر الشيخ غومة سنوات طويلة فى ثورته ضد الأتراك، وما أن اشتد عليه الخناق، أن يغادر ناحية الحدود التونسية، مع مجموعة مع أنصاره، لكن قامت فرقة تركية، بتطويق غومة المحمودى ورفاقه، ثم إمطارهم بالرصاص يوم 26 مارس 1858، وقد قام العثمانيون بقطع رأسه وإرسالها إلى طرابلس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة