لا تخلو جلسة حالياً من جدال ونقاش محتد حول من يقوم بدور الفنان الكبير الراحل "أحمد ذكي"، هل يفعلها محمد رمضان أم عمرو سعد -بحكم تقارب الملامح- أم ثالث غيرهم؟
الكفة الأرجح كانت دائماً لصالح رمضان الذي عبر أكثر من مرة في الماضي عن رغبته في ذلك وشاهدناه جميعاً في عدة لقاءات يتقمص شخصية الفنان الراحل، والأكثر من ذلك أنه بالفعل قدم الشخصية في مسلسل "السندريلا" أمام مني ذكي،
وقد كان له حظ وافر من التوفيق وقتها.
ولأن الأمر قد حُسِمَ بالفعل لصالح رمضان وتم إعلان قيامه بمسلسل يحكي قصة الراحل أحمد ذكي وبتوقيع سيناريست كبير بحجم الرائع "بشير الديك"،
إذا فقد بدا لي أن الأمر قد إنتهي وأننا فقط بإنتظار الإنتهاء من التصوير والجلوس متلهفين نشاهد حياة فنان الشعب الراحل ورؤسنا يقظة متلهفة لمعرفة حياة هذا المبدع بعيداً عن البلاتوهات، وقصص الحب في حياته وبالأخص قصته مع زوجته الجميلة الراحلة "هالة فؤاد".
قد تكون حياة الراحل قريبة معاصرة لا تحتاج لتوثيق وأغلبنا يعرفها بالفعل من خلال الراحل نفسه والذى حكي منها الكثير في عدة لقاءات.
لكن الرهان الآن علي قلم المبدع الأستاذ "بشير" الذي لا أشك لحظة أنه سيتناول مشوار الراحل بطريقة تجعلنا نجلس أمام المسلسل مفتوحي الفم مشدوهين.
لكننى بدأت ألحظ كثيرين يعترضون وبشدة علي قيام "رمضان" بالدور، مشككين بحكم خبرتهم ورؤيتهم الفنية والإنسانية في إمكانية أن يفعلها رمضان بصدق ونجاح.
وفق حديثهم فإن الفارق كبير بين أحمد ذكي القادم من رحم المعاناة والذي قدم خلال مشواره أفلاماً بحجم البرئ وحب فوق هضبة الهرم والهروب،...... الخ،
وبين رمضان الذي مازال يعانى من خصام واضح بينه وبين النقاد حول أعماله والتي يهاجم أغلبها حتي وإن حققت نجاحات وطفرات مع الجمهور.
هل من يهاجمون رمضان ويتوقعون فشله هم أصحاب رؤية نافذة، أم أن رؤيتهم مع وافر الإحترام، لا محل لها من الإعراب وأن ميزان قياسهم غير سليم بالمرة؟
دققت في أرائهم وفندتها ووجدتنى اقيم أن أغلبها يأتي من منطقة واحدة وهي الوقوف علي تقييم أعمال كلاً منهما الفنية وبالقياس بينهما وصلوا إلى اعتبار أن الفجوة الكبيرة والقيمة متابينة، ولذلك فإن رمضان ليس الأصلح للقيام بالدور!
الحقيقة أنى وجدت الإجابة الفصل عند الراحل أحمد ذكي نفسه.
الراحل قدم الإجابة منذ سنوات عندما قدم شخصيتي الزعيمين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات.
هل قياس مشوار الفنان الكبير كممثل مع مشوار أي من الزعيمين أتاح له الفوز بالتجسيد؟
إنه نفس ميزان المعترضين، هل ما قدمه احمد ذكي يعادل ويساوي ما قدمه ناصر أو السادات؟!،
الحقيقة أن السؤال بهذا الشكل يقلل من قيمة المسئول عنه بوقاحة، ويظهر السائل بالجهل وعدم القدرة علي طرح الأسئلة من الأساس.
احمد ذكي لم يتخرج من الحربية ولم ينضم للضباط الأحرار ولم يشترك في ثورة ٥٢ ولم يقضي الليالي الطوال مفترشاً الرمال علي الجبهة ولم يقف نداً لأمريكا وإسرائيل ويكتم غضبه من الروس ويصبر علي مشاعر غضب الشعب المطالبة بالحرب وتحرير الأرض وعشرات ومئات الأشياء الأخرى.
كل ما فعله الراحل الفنان الممكن من أدواته أنه درس الشخصية وتشبع بها، تون الصوت.. لغة الجسد.. طريقة الكلام.
كل التفاصيل درسها وتمكن منها وروضها حتي خرج الفيلمين لنا بكل هذا الكم من الصدق والإتقان.
نجاح الممثل وعبقريته تكمن في قدرته علي التقمص والتجسيد بينه وبين الشخصية المجسدة والتي نجح أحمد ذكي في أن يصل بها إلي حد التطابق.
إذاً لا قياس لرمضان غير ما سيصل إليه من قدرة علي التقمص والتجسيد ليشعرنا أننا أمام أحمد ذكي بالفعل وننسي مع المشاهد المتتابعة أن الواقف أمامنا هو محمد رمضان.
مثلي مثل كثيرون أرفض بعض تصرفات رمضان الشخصية والتي يصحبها دائماً الإتهام بالغرور، وأرفض أيضا بعض أعماله والتي قد نتفق جميعاً علي أنها حركت البعض لتقليد شخصيات أفلامه.
لكني لم أراه يوماً غير ممثل بارع وفنان يملك من أدوات التقمص والتجسيد الكثير والكثير، ميزه هذا عن بني جيله وصنع تلك النجومية في زمن قياسي.
دعونا نكف عن النقد والإعتراض علي عمل لم يخرج للنور بعد، ونتمني أن نري مسلسل كبير يطفئ إشتياقنا لفنان أحببناه وتربينا علي إبداعه ولا نختلف مطلقاً.
إن أحمد ذكي بما قدمه من إبداع سيظل منفرداً بالجلوس متربعاً فوق هضبة الهرم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة