نقرأ معا كتاب "نقد التراث" تأليف عبد الإله بلقزيز، الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ونعتمد فى القراءة على ما كتبه عبد السلام طويل، عن الكتاب، حيث يقول تحت عنوان "على سبيل التقديم" يمثل عبد الإله بلقزيز امتدادًا نوعيًا لجيل الرواد المؤسسين لحقل الدراسات الفلسفية بالمغرب، أمثال محمد عزيز الحبابى، ومحمد عابد الجابرى وعلى أومليل، وطه عبد الرحمن ممن بلوروا مشاريع وأطروحات فكرية وفلسفية تأسيسية متنوعة ومتكاملة على صعيد الرؤية كما على صعيد المنهاج، فقد اشتغل على أكثر من جبهة معرفية، وعلى أكثر من مسار استشكالى، فإلى جانب تخصصه الأصلى فى الفلسفة والفكر الإسلامى، أنتج فى الفلسفة السياسية والفكر السياسى قديمه وحديثه، فبلور اجتهادات نظرية معتَبرة حول الدولة، والسلطة، والشرعية، والخلافة، والمجال السياسي، والديمقراطية، والمجتمع المدني، وإشكالية العلاقة بين الدين والسياسة... إلخ.
كما انشغل بمحاولة تفسير واقع التأخر التاريخى للأمة من خلال النظر فى قضايا النهضة والتجديد والإصلاح ونقد الخطاب القومى فى صلتها بإشكالية الحداثة والتحديث، وهى الإشكالية التى جعلته يوسع دائرة النظر إلى مختلف القضايا الاستراتيجية والجيواستراتيجية المتحكمة فى المصير القومى للمجتمعات العربية الإسلامية.
وفى هذا السياق نجد لديه مقاربات عميقة ونافذة لبنية النظام الدولى والعلاقات الدولية فى صلتها العضوية ببنية النظام الرأسمالى المعولم.
كما اهتم بالمسألة الثقافية بمختلف تجلياتها وأبعادها، وأسهم إسهامًا جلى لا فى التاريخ النقدى للفكر العربى الحديث والمعاصر من خلال مشاريعه، وأطروحاته، ومقولاته، واجتهاداته الأساسية، وفق مقاربة ارتفع فيها منسوب الموضوعية والتجرد إلى أبعد الحدود. وهو فى كل هذه الاستشكالات، وعبر مساره المعرفى الغنى والمتصاعد، ما فتئ يطور ويجدد النظر فى عدته العلمية؛ مفاهيم، ومقولات، ونظريات، ومقتربات، ومناهج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة