وصف "البدر" دائما بأنه الصورة الأكثر جمالا واكتمالا للقمر، وظل ذلك "النور" الإلهى رمزا جمالا فى اللغة والاستعارات والخيال الشعرى، ولا يزال "البدر" يضفى سحرا وفتنة وغموضا، ويملأ "نور" و"جمال"، ولا زلنا نستحضر صوره وتشبيهاته الأكثر جمالا وحبا فى جدننا وخيالنا الإبداعى.
وتشهد سماء مصر والوطن العربى، مساء اليوم الثلاثاء، القمر البدر الأخير هذا العام 2020، والذى سيمثل ايضاً القمر البدر الأخير فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين (2011 إلى 2020)، وسيكون مشاهدا طوال الليل.
ولأن للتشبيه روعة وجمال، وموقع حسن فى البلاغة؛ ويزيد المعانى رفعة ووضوحا، ويكسبها جمالا وفضلا، ويكسوها شرفا ونبلا، فكان البدر أحد "التشبيهات" الدائمة فى دلال الحسنوات عند العرب، ولعل العرب لا يتحرجون من اعتماد البدر فى تغزلهم بحبيباتهم، ويهيمون حبا وغزلا مستلهمين من تلك النقطة الساطعة البياض، والناظر فى شعر العرب من الجاهلية حتى ظهور الإسلام يلاحظ اعتمادا كبيرا لصورة القمر فى أشعار الغزل أساسا، ولكن أيضا فى أشعار المدح والفخر.
ومن هذا المنطلق اعتمد الشعراء العرب صورة البدر فى الاستعارات الجمالية، واللجوء إليه ربما لأنه أكثر صور القمر جمالا ورقيا، وربما لأنه استدارته تثمل جمال الوجه وبياضه، الذى كان لدى العرب من مقاييس الجمال..
يقول عنترة:
وبدت فقلت البدر ليلة تمّه قد قلّدته نجومها الجوزاء
ومن أشهر الأبيات فى هذا قول أبى فراس:
سيذكرنى قومى إذا جدّ جدّهم وفى اللّيلة الظّلماء يُفتقد البدر
رغم أنّ الهلال قد يكون ذا دلالة سلبيّة أحياناً، شأن قول الشاعر:
وكن كالشّمس تظهر كلّ يوم ولا تك فى التّغيّب كالهلال
وقالت الخنساء (تماضر بنت عمرو):
أغرُّ أزهرَ مثل البدر صورته صافٍ عتيق فما فى وجهه نُدبُ
وقال ابن زيدون الأندلسي:
يا أخا البدر سناءً وسنا رحم الله زماناً أطلعك
قال المتنبي:
واستقبلت قمر السماء بوجهها فأرتنى القمرين فى آنٍ معا
وقال أبو العلاء المعرّى فى قصيدة غزلية أخرى:
الوجه بدرٌ والعيون كحيلة والفمّ مثل شقائق النعمانِ
فما أجمل القمر، وما أروع نوره الخافت المهيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة