تمر اليوم الذكرى الـ726 على تولى السلطان العادل زين الدين كتبغا حكم مصر، وذلك فى 1 ديسمير عام 1294، ليكون عاشر سلاطين المماليك، إذ تولى الحكم فى الفترة بين عامى 1294 – 1296، وهو كان مغولى الأصل، مع الوضع فى الاعتبار أن بعض المؤرخين يعتبرون الملكة شجر الدر أولى سلاطين المماليك، فى تلك الحالة يكون العادل كتبغا حادى عشر سلاطين المماليك وليس عاشرهم
ووفقا لما ذكره المؤرخ المصرى الشهير تقى الدين المقريزى فى كتابه "السلوك فى معرفة دول الملوك"، فأن "كتبغا" بدأ حياته فى بلاط السلطنة عبدا أسيرا، حتى أميره المملوكى، وترقى بعدها فى وظائف الإمارة، حتى وصل إلى منصب السلطان.
وقع كتبغا المغولى الأصل أسيراً فى أيدى قوات المماليك فى معركة حمص الأولى حوالى العام 1260م، فاشتراه الأمير قلاوون الألفى، فلما تولى السلطنة باسم الملك المنصور قلاوون أعتقه، وجعله من جملة أمراء دولته فترقى بفضل كفاءته الحربية فى الوظائف، على الرغم من كونه مغولى الأصل وكان المماليك الأتراك يعتبرون المغول أبناء عمومة لهم حتى إن كتبغا يوصف فى المصادر التاريخية بأنه التركى المغولي.
عانى كتبغا لأول مرة فى سلطنة الأشرف خليل بن قلاوون الذى قبض عليه وأودعه السجن، ثم أفرج عنه وبعد مقتل الأشرف وتولى شقيقه الطفل الناصر محمد السلطنة أصبح كتبغا ثانى اثنين يسيطران على إدارة دفة الحكم بالبلاد، أما الأول فهو الأمير علم الدين سنجر الشجاعى ونتيجة للمنافسة بين الأميرين على الاستئثار بالحكم نشب صراع بينهما تمكن فيه سنجر من أسر بعض الأمراء الموالين لكتبغا، ولكن الأمور دارت على سنجر وتم قتله ليخلو الجو لكتبغا، وتحالف مع الأمير المغولى الأصل سيف الدين لاجين واتفق معه على عزل الناصر محمد ليتولى كتبغا عرش السلطنة كأول سلطان مملوكى من أصل مغولي.
شاءت الأقدار أن تعصف بالبلاد فى عهد زين الدين كتبغا مجاعة كبرى نتيجة لانخفاض فيضان النيل، فتطير الناس منه وخرجوا فى مظاهرات يهتفون «هاتوا لنا الأعرج يجى الماء يتدحرج» ويقصدون بالأعرج الناصر محمد بن قلاوون الذى تم نفيه إلى حصن الكرك، وزاد الطين بلة قيام كتبغا بالعطف على طائفة من المغول فرت إلى مصر من بطش غازان محمود وهى طائفة عرفت فى تاريخ القاهرة بالأويراتية وأغدق عليهم العطايا وأسكنهم حى الحسينية بالقاهرة، وقلد بعضهم الوظائف فى الدولة، وذلك لعلة القرابة فى الجنس ولما كان هؤلاء لا يدينون بالإسلام، فقد كان ذلك موضع سخط المماليك وعامة الشعب المصرى رغم إقبال الأمراء وكبار التجار على الزواج من الأويريات اللاتى كن مضرب المثل فى الحسن والجمال ببشرتهن الفاتحة وشعورهن المنسدلة، وبعد نحو عامين وعدة أشهر استغل سيف الدين لاجين سخط الشعب على كتبغا فحاربه وأجبره على الهروب إلى دمشق وصار سيف الدين سلطاناً جديداً للبلاد.
ومن الغريب أن كتبغا الذى تصفه المصادر المملوكية بأنه كان رجلا خّيرا ديّنا أسمر اللون ظل ينعم برضا الناصر محمد بن قلاوون بعد عودته لعرش السلطنة المملوكية حتى إنه عين قائدا لبعض القلاع فى شمال الشام، وظل موقراً الجانب إلى أن وافته المنية فى العام 1302 م بعد مرض قصير. وقد ترك كتبغا جزءًا من الشمعدان الذى صنع من أجله وهو سلطان وتمتاز رقبة هذا الشمعدان، إضافة لكثافة استخدام الفضة فى تكفيت زخارفها بهيئات قوائم حروفها التى اتخذت أشكال كائنات حية مثيرة للحيرة فى شأن تفسير مغزاها. (القاهرة - الاتحاد)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة