تختلف الديانات حول المسيح، فاليهود يرون أنه لم يأت بعد، بينما اختلف المسيحيون والمسلمون حول حقيقة صلبه، فاليهود ينتظرون ظهور المسيح، كما أن المسيحيين والمسلمين فى انتظار عودته لإصلاح ما أفسده الناس، ويعد نزول يسوع المسيح مرة أخرى، من الثوابت في الإسلام بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على أن نزول النبي عيسى من علامات الساعة الكبرى.
اليهود
تنبأ موسى عليه السلام بمجىء المسيح فقال: «يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلى. له تسمعون..» (تثنية 15:18)، كما تنبأ عنه إشعياء النبى «وهو مجروح لأجل معاصينا» (إشعياء 5:53»، لكن اليهود كانوا ينتظرون مسيحا «ملكا وقائدًا سياسيًا عظيمًا من نسل داود، وسيكون عليمًا بالشريعة اليهودية وممارسًا لها.
وظل خيال «مسيا» يطارد اليهود، فقد تحدَّثت عنه البروتوكولات، ورأته خصمًا لعيسى ابن مريم، ورآه «شهود يهوه» كامنًا فى الهيكل، أما أقطاب الصهيونية فقد رأوا أنفسهم نوابًا عنه، يُمهِّدون لقيام دولة له كى تستقبله، ورآه «هيرتزل» فى منامه يقول: «أعلن، أعلن أنى آتٍ قريبًا».
ولما كان اليهود ينتظِرون المسيح المُخلِّص الذى يخلصهم من العبودية بعد تشتُّتهم، ويُعيد إليهم مُلكَهم الدنيوى، فلما ظهر «عيسى» وحاول تخليصهم مِن شُرورهم، ولم يظهَر فى صورة ملك يُعيد إليهم سلطانهم الدُّنيوى، أنكروه واضطهدوه، وحتى الآن وهم يَنتظِرون المسيح المُخلِّص فى صورة ملك مِن نَسلِ داود، يُخلِّصهم مِن الاستعباد والتشتُّت.
فاليهود فى انتظار دائم لظهور المسيح «المسيا المنتظر» ويعلقون آمالا جساما على مجيئه، فحين يأتى تَطرح الأرض فطيرًا وملابس من الصوف، وقمحًا حَبُّه بقدر كلاوى الثيران الكبيرة، وفى ذلك الزمن تَرجِع السلطة لليهود، وكل الأمم تَخدم ذلك المسيح وتخضع له، وفى ذلك الوقت يكون لكل يهودى ألفان وثمانمائة عبد يخدمونه وثلاثمائة وعشرة تحت سلطته، لكن المسيح لا يأتى إلا بعد انقِضاء حكم الخارجين عن دين بنى إسرائيل»، على حد زعم التلمود.
ولما يأتى المسيح اليهودى سيرتكب مجزرة فى الأرض كما جاء فى سفر زكريا الإصحاح (13) «وَيَكُونُ فِى كُلِّ الأَرْضِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَنَّ ثُلْثَيْنِ مِنْهَا يُقْطَعَانِ وَيَمُوتَانِ، وَالثُّلْثَ يَبْقَى فِيهَا» وهو أنه يقتل فى ذلك اليوم ثلثا العالم، كما أنه فى عهد المسيح المنتظر تتغير أجسام اليهود وتطول أعمارهم ومن التغير الذى يحدث لليهود بزعمهم أن أعمارهم تطول فيعمرون قروناً كثيرة وكذلك تتغير أجسامهم فتصل قامة اليهودى فى ذلك الوقت إلى مائتى ذراع، حيث جاء فى التلمود عند اليهود ما نصه: «إن حياة الناس حينئذٍ ستطول قروناً والطفل يموت فى سن المئة وقامة الرجل ستكون مائتى ذراع».
المسيحية
يمثل المسيح للمؤمنين «المخلص والفادى»، وهو كما يقول الكتاب المقدس «به نحيا ونتحرك ونُوجد». ويقول: «منه وبه وله كل الأشياء»، وجاء المسيح إلى اليهود خاصة لكنهم لم يقبلوه كما جاء فى «يوحنا 11:1». وقالوا عنه «سامرى» وانتهى الأمر بصلبه حتى إنهم افتدوا «لصا» وتركوه هو معلق على الصليب.
والمسيح جاء ليحقق الخلاص الذى تنبأ عنه أنبياء العهد القديم ويعيد الإنسان مرة أخرى إلى الفردوس بعد سقوط الإنسان الأول فى الخطيئة، ولما لم يحدث هذا فى الوقت الذى كان فيه بين الناس، ولما رفعه الله للسماء، حيا، هناك، فالمسيحيون ينتظرون عودته كى يكمل رسالة السلام التى بدأها.
لكن الكنائس بوجه عام تحاول الالتزام بحرفية الكتاب المقدس، فى أمر عودة المسيح، والتى تعتبر عودة المسيح من الأمور الغيبية التى لا يعلم موعدها إلا الله، يدور الحديث بين المسيحيين عن عصر رجوع المسيح وعودته. فقد ذكرت عودة المسيح فى الكتاب المقدس أكثر من 300 مرّة، فيقول فى إنجيل «متى 24» مَا هِى عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟، فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ، فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِى قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ، وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ، لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِى أَمَاكِنَ».
الإسلام
نزول عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان، لم يختلف في وقوعه أحد من أهل العلم المعتبرين، وقد قامت عليه الدلائل المتواترة من السنة، قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية، في بيان العلامة الثالثة من علامات الساعة العظمى: أن ينزل من السماء السيد المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام-، ونزوله ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة:
أما الكتاب: فقوله: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} [النساء: 159]، أي: ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك عند نزوله من السماء آخر الزمان؛ حتى تكون الملة واحدة ملة إبراهيم حنيفًا مسلمًا، ونوزع في الاستدلال بهذه الآية الكريمة.
وأما السنة: ففي الصحيحين، وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية»، وفي مسلم عنه: «والله لينزلن ابن مريم حكمًا عدلًا، فليكسرن الصليب» بنحوه. وأخرج مسلم أيضًا عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة