مازال لبنان يواجه معضلة تشكيل حكومته الجديدة برئاسة حسان دياب الذى لم يحظى بتوافق من الشارع اللبنانى، فمنذ توليه المنصب يواجه العديد من الاحتجاجات، ووفق الصحف اللبنانية فإن عراقيل مازالت أمام مسار تشكيل الحكومة الجديدة، نتيجة الخلافات الحادة داخل الفريق السياسى الواحد "قوى الثامن من آذار السياسية بزعامة حزب الله"، الذى كلف الدكتور حسان دياب بترؤس وتشكيل الحكومة.
وأعربت صحف لبنان عن خشيتها أن يكون استحقاق تأليف الحكومة قد يتم تأجيله إلى أجل غير مسمى، وأن تبقى الأزمة مفتوحة فترة طويلة، جراء الانكشاف السياسى لقوى تحالف رئاسة الجمهورية والتيار الوطنى الحر من جهة وبقية فريق الثامن من آذار من جهة أخرى، والمتخبط بحسابات متناقضة حيال التشكيلة الحكومية.
مسار تشكيل الحكومة
وأشارت الصحف، إلى أن التراجع الذى طرأ على مسار التأليف الحكومى بدا نتيجة حسابات متأخرة يتصل بعضها بالواقع الإقليمى الطارىء فى ظل تصاعد المواجهة الأمريكية - الإيرانية، كما يتصل بعضها الآخر بطموحات وصفت بأنها "جشعة" فى شأن الحصص الوزارية، معتبرة أن الوضع الراهن فى الملف الحكومى يشبه "وليمة حصص يتصارع عليها أطراف الفريق الواحد ويتقاتلون على نهشها".
وأكدت، أن المعطيات تشير إلى وجود حالة من الإرباك يعترض مسار التأليف، حيث ساد جمود شبه كامل فى اتصالات التفاوض بين حسان دياب والفريق الذى سماه لرئاسة الحكومة، فى ظل إصرار دياب على تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة من غير السياسيين، وهو الأمر الذى لا يقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري، استنادا إلى أن حكومة اختصاصيين غير قادرة على أن تكون درع حماية للبلاد فى خضم العاصفة الإقليمية.
وأوضحت، أن الفريق السياسى المعنى بتشكيل الحكومة يرفض تشكيل حكومة تكنوقراط خالصة واستبعاد الوزراء السابقين والنواب منها، ويرى بوجوب تشكيل حكومة تضم تكنوقراط وسياسيين معا.
وأضافت، أن من بين الأسباب القوية للتعطيل إصرار رئيس التيار الوطنى الحر جبران باسيل على حصة وزارية تتجاوز الثلث المعطل داخل الحكومة المقبلة، حيث طالب التيار بـ 9 وزراء فى حكومة تضم 18 وزيرا، وأن يحصل على نيابة رئاسة الحكومة ووزارات الخارجية والدفاع والعدل والبيئة والطاقة والسياحة والاقتصاد، بما يعنى أن باسيل يحاول "التهام حصة الأسد" فى الحكومة وهو أمر محل اعتراض من سائر مكونات فريق التأليف الحكومي.
ولفتت الصحف، إلى أن القوى المعنية بتشكيل الحكومة، لاسيما رئيس المجلس النيابي، وجهت رسائل مباشرة إلى رئيس الوزراء المكلف، أن المطلوب تأليف حكومة لا أكثرية فيها لأى طرف، وليس حكومة تضم أكثرية تتحكم بها.
ومن جهة أخرى ضاعفت أزمات لبنان الاقتصادية، حتى أصبح على شفا الإفلاس حيث انخفضت قيمة الليرة متخطية نسبة الـ 50% مقابل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار.
الجيش ينفى تعرضه للمتظاهرين
وردا على الأخبار المتداولة بشأن الاشتباكات بين المحتجين والجيش، أصدر الجيش اللبنانى بيانا، نفى فيه ما يتردد فى هذا الشأن موضحا أن هناك حملة من الشائعات والأخبار الكاذبة الممزوجة بالكراهية، تستهدف المؤسسة العسكرية التي تعمل في إطار من الانضباط والقيم والأخلاقيات، داعيا اللبنانيين إلى عدم الانسياق وراء تلك الحملات المغرضة.
وأضاف البيان: "إن قيادة الجيش، إذ تأسف لانحدار المستوى لدى البعض ليصل إلى درجة الإسفاف، تدعو اللبنانيين إلى عدم الانسياق وراء هؤلاء المغرضين الذين لم يجدوا ما يتناولون به المؤسسة العسكرية إلا بث الشائعات الممزوجة بالكذب والكراهية، ونشر الاتهامات المفبركة والتي لا تُشبه إلا مطلقيها، ولا تعبر إلا عن قلة أخلاقهم".
وشدد الجيش اللبنانى على أن ما يتمتع به ضباط وأفراد القوات المسلحة من أخلاق "أقوى بكثير من أن تؤثر فيها فبركات كاذبة تندرج في إطار الحملة على المؤسسة العسكرية التي تقوم بعملها بكل أمانة واقتناع، وتضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار".
إصابة 18 عسكريا
وقد أعلن الجيش اللبنانى إصابة 18 عسكريا من صفوفه، أثناء قيام وحدات الجيش بفرض الأمن وإعادة فتح الطرق التى قطعها محتجون فى عدد من المناطق فى إطار التظاهرات والاحتجاجات التى يشهدها لبنان، فى ما تم إلقاء القبض على 4 أشخاص لإثارتهم الشغب، وذكرت مديرية التوجيه بقيادة الجيش اللبنانى – فى بيان لها – أن عددا من الشبان أقدموا على رشق عناصر دورية من القوات المسلحة بالحجارة والزجاجات الفارغة أمام شركة الكهرباء فى منطقة دير عمار (شمالى البلاد) أثناء تنفيذ عملية تأمين المنطقة، الأمر الذى أدى إلى إصابة 12 عسكريا بجروح مختلفة وتعرض نوافذ 3 آليات عسكرية للتحطم.
وأضاف الجيش اللبنانى أن عسكريا واحدا قد أصيب أثناء إعادة فتح الطريق لتسهيل حركة التنقل فى منطقة البداوى (شمالا) حيث رد المعتصمون برشق عناصر القوة العسكرية القائمة على التنفيذ بالحجارة، الأمر الذى أدى أيضا إلى تعرض بعض أجهزة الاتصال العسكرية للتحطم.
تلو الأخرى يجنيها شعب لبنان جراء الأوضاع السياسية المتأزمة منذ 17 أكتوبر الماضى حيث انطلقت الاحتجاجات فى البلاد اعتراضا على الأوضاع التى وصفها المحتجون بـ"الفساد المستشرى"، ما أدى لانهيار الأوضاع الاقتصادية وتراكم الأزمات وآخرها خسارته حقه فى التصويت بالأمم المتحدة رغم كونها ولأول مرة في تاريخه، يصنّف لبنان في عداد الدول المهددة بخسارة تصويتها، علماً أن بلد الأرز عضو مؤسس في الأمم المتحدة.
يأتى ذلك جراء تراكم الاستحقاقات المالية المطلوب دفعها لمدة عامين وهو ما عجز لبنان عن الوفاء به، فتخلفت عن دفع المستحقات المالية المتوجبة عليها للأمم المتحدة لمدة عامين، ولم تكن لبنان وحدها الى عجزت عن السداد بل لحق بها 9 دول أخرى، من بينها جمهورية أفريقيا الوسطى، غامبيا، الصومال، اليمن وفنزويلا.
ووفقاً لقوانين الأمم المتحدة، فان الدولة التي تتخلف عن الدفع لسنتين لا يحق لها التصويت في الجمعية العامية. وقد تعيد الجمعية العامة النظر بالسماح للدولة العضو بالتصويت إذا اقتنعت بأن ظروفاً قاهرة خارجة عن سيطرة الدولة العضو أدت إلى التخلف عن الدفع.
من جانبها عبرت الفنانة اللبنانية إليسا، عبر تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، عن استيائها من الأوضاع الحرجة التى يمر بها لبنان، قائلة: "كان بعد في الأمم المتحدة ما تبهدلنا قدّامن! نحنا بلد شارك بتأسيس الأمم المتحدة، وبوضع شرعتها، منوصل لمرحلة مش دافعين سنتين اشتراكات وما فينا نصوّت. كل ما نفكر إنو بهدلتونا عالآخر، بترجعو بتصدمونا! يا عيب الشوم ع هالحكومة".
جاء هذا تعليقا منها على خسارة لبنان حقها فى التصويت بالأمم المتحدة بعد تخلفها عن دفع المستحقات المالية المتوجبة عليها للأمم المتحدة .
وأعلن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن هذه الدول قد تخسر حقها في التصويت بالجمعية العامة، فى المقابل تمكنت 146 دولة من أصل 193 دولة من دفع المستحقات.
انهيار الاقتصاد اللبنانى
وفى الوقت نفسه تتصاعد الأزمات الاقتصادية فى لبنان كنتيجة للأحداث السياسية التى مرت بها البلا، حيث انخفضت قيمة الليرة إلى أكثر من 50% و تصاعدت أزمة الدولار، فى الوقت الذى شهدت أسعار السلع والخدمات ارتفاعا كبيرا .
وتركزت التحركات الاحتجاجية مؤخرا في لبنان على المصارف التي يقول مراقبون إن الطبقة السياسية أو مقربين منها، يمتلكون منها 18 مصرفاً من أصل 20. وتفرض المصارف منذ شهرين، قيوداً خانقة على المواطنين وتمنعنهم من التصرف بحرية بأموالهم ورواتبهم الشهرية، حيث تسمح بعض المصارف للمودعين بسحب شهري قيمته 100 دولار فقط.، بينما تسمح مصارف أخرى بسحب 200 دولار أسبوعياً. ولا تسمح المصارف بسحب الأموال بالدولار الأمريكي حتى ولو كانت مودعة به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة