حالة من الغموض حول مصير مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة الذى يحدد ضوابط إصدار الفتاوى عبر وسائل الإعلام، ويحظر على غير المختصين إصدار أى فتاوى، ويحدد الجهات المنوط به منح تصاريح بالفتوى، فعلى الرغم من مناقشة مشروع القانون داخل لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، خلال دور الانعقاد الثانى من أكثر من عامين، وتوافق كافة المؤسسات الدينية على أهمية إصدار هذا القانون لضبط الفتوى، إلا أنه حتى الآن لم يعرض المشروع على الجلسة العامة لمناقشته وإصداره.
لجنة الشئون الدينية بالبرلمان انتهت من مناقشة المشروع فى حضور ممثلى جميع المؤسسات الدينية وعلى رأسهم الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية، والمفتى السابق الدكتور على جمعة، والمفتى الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، وفى حضور وزير الأوقاف، وممثلى الأزهر الشريف، والجميع أكد أهمية القانون وضرورة إصداره، وأنه لا يختلف أحد على أهمية وجود تشريع لضبط الفتوى ويحدد الجهات المختصة بالفتوى، للتصدى لفوضى الفتاوى الدينية الشاذة والمتطرفة.
وأعدت اللجنة تقريرها بشأن المشروع مرتين، مرة فى ختام دور الانعقاد الثانى، ولكن لم يعرض على المجلس بسبب تقديم هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بعض التعديلات عليه، والمرة الثانية فى ختام دور الانعقاد الثالث بعد مناقشة تعديلات الأزهر، ولكن بعد مرور عام وانتهاء دور الانعقاد الرابع لم يناقش المشروع أيضا، وهو ما أثار تساؤلات حول سبب التأخير، وأرجع مكتب مجلس النواب السبب إلى ازدحام الأجندة التشريعية، وهو نفس المبرر للعام الثانى.
وأكد السيد الشريف، وكيل أول مجلس النواب، أن سبب تأخر مناقشة مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة الذى انتهت منه لجنة الشئون الدينية، هو ازدحام الأجندة التشريعية بالعديد من القوانين الملحة والمكملة للدستور وكان يجب إقرارها.
وقال "الشريف"، ردا على سؤال حول سبب تأخر مناقشة وإصدار قانون تنظيم الفتوى العامة: "التأخير سببه ازدحام الأجندة التشريعية وليس لدينا مانع فى مناقشته، فهو مشروع قانون مهم جدا ينظم عملية الفتوى ويعطى دفعة كبيرة لدار الإفتاء والجهة المعنية بالفتوى أن تؤدى دورها".
وأضاف وكيل مجلس النواب، أن هناك تأييد كبير جدا بقانون تنظيم الفتوى، لأهميته بالنسبة لضبط الفتوى، مؤكدا أنه سيتم مناقشته بدور الانعقاد المقبل.
فيما، قال النائب الدكتور عمر حمروش، أمين سر لجنة الشئون الدينية والأوقاف، ومقدم مشروع القانون مع 60 نائبا آخرين، إن لجنة الشئون الدينية طلبت أكثر من مرة التعجيل بمناقشة مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام في المجلس، خاصة أن هناك توافق عليه من كافة المؤسسات الدينية سواء دار الإفتاء أو الأزهر أو الأوقاف، إلا أنه لم يتم مناقشته بسبب ازدحام الأجندة التشريعية ووجود قوانين مكملة للدستور كان لها الأولوية.
وأضاف "حمروش": "الدولة المصرية تحتاج لهذا القانون، لأنه سيوقف توظيف الفتوى لأغراض سياسية وسيتصدى للفتاوى المتطرفة المحرضة على العنف والإرهاب، إلا أنه فى الفترة الأخيرة ومع اقتراب نهاية دور الانعقاد الرابع كان هناك مشروعات قوانين مكملة للدستور فكان لها الأولوية فى المجلس".
وتابع: "نتعشم أن يتم مناقشته فى دور الانعقاد القادم، لأنه بات ضروريا خاصة فى ظل فوضى الفتاوى التى نعانى منها والتى تصدر عبر بعض الفضائيات".
وأكد "حمروش"، أن الخلاف بين الأزهر ووزارة الأوقاف حول مسألة النص على وجود "الإدارة العامة للفتوى" بالوزارة، فى مشروع القانون ضمن الجهات التى تمنح تصاريح الفتوى، والتى اعترضت عليها هيئة كبار العلماء وطلبت حذفها، انتهى تماما، قائلا: "أعتقد هذه النقطة تم الانتهاء منها تماما، ولاحظنا فى الفترة الأخيرة تقارب كبير بين الأزهر والأوقاف، وهناك قوافل دعوية مشتركة تجوب المحافظات، وعندما عاد شيخ الأزهر من رحلة علاجية فى الخارج كان وزير الأوقاف اول من اطمئن عليه".
ولفت "حمروش"، إلى أن لجنة الشئون الدينية حسمت الخلاف حول إدراج إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف فى مشروع القانون، وتم الإبقاء عليها، بعدما قدمت الوزارة الأوراق والمستندات التى تثبت أن هذه الإدارة قائمة منذ أكثر من 30 سنة، ولها اعتماد مالى خاص بها.
كانت اجتماعات لجنة الشئون الدينية النواب، شهدت خلافا حول وجود إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف فى مشروع قانون تنظيم الفتوى، حيث اعترضت هيئة كبار العلماء على وجود ما يسمى بالإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، فى مشروع القانون ومنحها اختصاصات بشأن الفتاوى العامة واعتبرت أنها جهة تنفيذية وليست علمية، إلا أن وزارة الأوقاف ردت بمستندات تثبت وجود إدارة الفتوى فى هيكل الوزارة منذ عام 1982، وأن أئمة المساجد لهم اختصاص بالفتوى، واللجنة الدينية أخذت برؤية وزارة الأوقاف نظرا لتقدمها بمستندات، ولكن ممثل الأزهر فى هذه الاجتماعات أصر على رفض إدراج إدارة الفتوى بـ"الأوقاف"، لدرجة أنه غاب عن الاجتماع التالى الذى صوتت فيه اللجنة على مشروع القانون متضمنا إدارة الفتوى بـ"الأوقاف".
فى المقابل، قال مصدر فى اللجنة الدينية رفض ذكر اسمه، إن الخلاف بين الأزهر والأوقاف أحد الأسباب الرئيسية فى تأخر فى مناقشة مشروع القانون، والمجلس يرغب فى أن يكون هناك توافق تام حوله، وإن كان الجميع يتفق مع فلسفة المشروع وأهدافه بشكل عام.
جدير بالذكر أن مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة ينص على أنه يحظر بأية صورة التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة