منذ شهرين تقريبا كتبت مقالا بعنوان "من يراقب أسعار الأطباء.. وهل يدفعون الضرائب"، واستعرضت خلاله ما يحدث من جانب آلاف الأطباء الذين يرفعون أسعار الكشف، بل ويضاعفون قيمته فى أغلب الأحيان دون رقابة، بالإضافة إلى تهربهم من الضرائب، كما أن أغلبهم لا توجد لديه ملفات ضريبية من الأساس.
وقد جاءنى رد من - علاء هراس – مأمور ضرائب، للتعقيب على ما ذكرته فى المقال المذكور، كاشفا مجموعة من الحقائق حول منظومة الضرائب فى مصر، والمشكلات التى تعانى منها، التى من بينها انخفاض عدد العاملين نتيجه تقديم الكثير منهم لاستقالات وإجازات للعمل بالقطاع الخاص بأجور أعلى ومسؤليات أقل، خاصة فى ظل ضعف أوضاعهم المادية، مقارنة مع نظرائهم خارج الحكومة.
الرد من جانب مأمور الضرائب تناول مشكلات أساسية تعانى منها مصلحة الضرائب ومقراتها على مستوى الجمهورية، فعلى الرغم من إعلان ميكنة العمل بهذه لمصلحة منذ سنوات وسنوات، إلا أن معظم المأموريات مازالت تحتاج إلى أجهزة كمبيوتر كافية، حتى تتمكن من ممارسة العمل كما ينبغى وإدخال بيانات ملايين الإقرارات الضريبية، وتخزين آلاف الحالات والأرقام والأكواد، بدلا من النظام الورقى القديم، الذى أضاع على الدولة مليارات، وأضاع الوقت دون فائدة.
مطلوب تدعيم مأموريات الضرائب على مستوى الجمهورية بكفاءات شابة وعناصر قادرة على الإضافة والتطوير لمنظومة العمل، وليكن أوائل كليات التجارة على مستوى الجمهورية نموذجا، حتى يمكن تحريك المياه الراكدة وضخ دماء جديدة قادرة على الابتكار والتجديد، ودعم منظومة العمل إلى نجاحات على الأرض، خاصة أن تكنولوجيا التعامل مع الأرقام والمعلومات تتغير بصورة مستمرة، ويتم تطويرها من وقت لآخر.
الضرائب منظومة هامة جدا تحتاج إلى إعادة نظر سواء على مستوى التحصيل أو مستوى تدريب وتأهيل الموظفين والكوادر الموجودة بها، خاصة فى تلك الفترة الهامة من عمر الوطن، التى نحتاج فيها إلى كل قرش، يمكن أن يدعم مسيرة البناء، أو يساهم فى تحقيق التنمية التى ننشدها للأجيال القادمة، ويدعم الاتجاه نحو دفع مستحقات الدولة والمشاركة فى عملية البناء الضخمة التى تتم على كل المستويات.
لقد حان الوقت أن تتنبه منظومة الضرائب فى مصر إلى ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمى، الذى بالمناسبة الجزء الأكبر منه عبارة عن أنشطة تجارية تدر على أصحابها الملايين دون أن يدفعوا مليما واحدا للدولة، بما يجعلنا نحرص كل الحرص على الاهتمام بتحصيل الضرائب من هذه الفئة، وكذلك الاهتمام بأوضاع مأمورى الضرائب، وألا نتركهم للإغراءات التى يقدمها ضعاف النفوس، من أجل غض الطرف عن رصد المستحقات الضريبية أو التقدير بقيم هزيلة لا تتفق مع الواقع.
إصلاح منظومة الضرائب فى مصر أمر يحتاج إلى الكثير من الجهد والتطوير، ودعم وتطوير هذه المنظومة لا يبدأ من كبار الممولين أو رجال الأعمال المشهورين الذين تظهر صورهم فى الصحف ووسائل الإعلام، بل تبدأ من " تجارة بير السلم " وأصحاب الأعمال، والمشروعات الصغيرة، وصغار التجار، فهذه الفئة ستمثل إضافة حقيقية لحصيلة الضرائب فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة