لعبة القط والفار بين الذهب والدولار.. كيف تم اعتماد العملة الأمريكية مرجعا رئيسيا لتحديد سعر عملات الدول الأخرى؟.. اتفاقية Bretton Woods الموقعة عام 1944 وضعت الأسس لاعتماد العملة الخضراء معيارا

الجمعة، 16 أغسطس 2019 11:00 م
لعبة القط والفار بين الذهب والدولار..  كيف تم اعتماد العملة الأمريكية مرجعا رئيسيا لتحديد سعر عملات الدول الأخرى؟.. اتفاقية Bretton Woods الموقعة عام 1944 وضعت الأسس لاعتماد العملة الخضراء معيارا صورة أرشيفية
كتب – إسلام سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظل معدن الذهب على مر آلاف السنين هو العملة الرئيسية للتداول والتجارة بين دول العالم، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، قبل خروجها منتصرةً من الحرب العالمية بعامٍ واحد، بدأت تعمل على إنشاء نظامٍ عالمى جديد وبالتالى إنشاء نظام عالمى اقتصادى جديد، تكون الولايات المتّحدة والدولار الأمريكى رأس الهرم فيه، وقد حصل ذلك عن طريق اتفاقية Bretton Woods سنة 1944م. 
 
العالم كان يتعامل على الاحتياطى لديه، وفق قاعدة شهيرة تسمى«قاعدة الذهب»، وملخصها أن يتوفر للبنك المركزى بكل دولة احتياطى من الذهب يساوى المطبوع من النّقد الورقى، بحيث يحق لمن لديه من النقد الورقى مقدار الحد الأدنى من مقابله الذهبى، أن يستبدل النقد الورقى بالذهب، وفقًا للقوانين المًنظّمة لذلك فى كل دولة، والأسس العامة لقاعدة الذهب.
 
وتم اعتماد هذه القاعدة دوليًّا منذ الثلث الأخير من القرن التاسع عشر تحديدًا من عام 1876، بينما حسمت الولايات المُتحدة الأمريكية قرارها بتطبيق قاعدة الذهب، بدايةً من عام 1900، بحيث بات الوزن الذهبى للدولار «أى مُقابل الدولار للذهب» هو 0.88 جرام من الذهب تقريبًا، فتصبح أوقية الذهب تُساوى 35 دولارًا. 
 
لكن عملية التبديل من الدولار إلى الذهب لم تكن مفتوحةً طوال الوقت، وإن كان على البنك المركزى الاستعداد باحتياط يُساوى النّقد المصروف فى السوق، إلا أنّ القوانين اشترطت حدًّا أدنى لإجراء عملية التحويل، وهو أن تكون العملية على 400 أوقية ذهب على الأقل، أو مُضاعفاتها.
 
كان الغرض الأساسى لقاعدة الذهب، إيجاد وسيط عالمى فعّال فى المبادلات التُجارية والمالية الدولية، وكذا مِقياس للقوة الشرائية لكل عُملة على المستوى الدولى، باعتبار استقرار الذهب كمعدن ثمين بالنسبة للاقتصاديات العالمية المُختلفة. ظلّ العمل على قاعدة الذهب حتى اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى، حينها أوقفت العديد من الدول الأوروبية اعتماد تطبيق قاعدة الذهب، وذلك للخلاص من القيد الحاكم لطبع النقود، التى كانت الدول فى أمس الحاجة إليها لتمويل الحرب. هذا الأمر أدى إلى نشوء تضخم عام شديد، ومع الدمار الذى أورثته الحرب للدول المُشاركة فيها، وانهيارات اقتصادية بالجملة، أضعفت العُملات، وصعّبت من عملية إعادة اعتبار الذهب كمُقيّم للنقد الورقى. وتعود قصة تحول العالم من الذهب إلى الدولار، إلى أن أمريكا هى الدولة الوحيدة التى خرجت من الحرب العالمية الثانية قويّة، وذلك لعدة أسباب، من بينها مُشاركتها فى الحرب من بعيد، على عكس دول أوروبا التى كانت فى قلب أحداث الحرب، ما عرضها للتدمير المُباشر، ومن بين الأسباب أيضًا، قدرتها على خلق اقتصاد حربى مُوازٍ لدعم وتمويل الحرب، دون إضعاف للاقتصاد المدنى، على عكس من اضطروا إلى إعادة هيكلة اقتصادهم سريعًا لاقتصاد حربى قادر على تمويل الحرب بما يلزم.
 
ولجأت دول أوروبا، وعلى رأسها إنجلترا، إلى الولايات المُتحدة الأمريكية مرة أخرى، لتدارك الخطر المُحدق باقتصادها، وهو ما يُمكن اعتباره الدفعة التى نقلت الولايات المُتحدة إلى صدارة الموقف العالمى، كبديل مُستحق للإمبراطورية البريطانية، وفقًا للاقتصادى البريطانى الشهير، جون كينز، وممثل الجانب البريطانى فى المُفاوضات مع أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، فقد كانت الولايات المُتحدة تتجه نحو استخدام منح قروض ما بعد الحرب كفرصة لفرض التصوّر الأمريكى للنظام الاقتصادى العالمى.
 
حضر اتفاقية Bretton Woods والموقعة عام 1944 قرابة 44 دولة من حول العالم، واستمر انعقاد المؤتمر لأكثر من 22 يومًا، وشهد توقيع عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تنظم التجارة العالمية الدولية بالإضافة إلى تطبيق بعض الشروط والقيود عليها، ولعل أهمّ نتائج المؤتمر كان اعتماد الدولار الأمريكى كمرجعٍ رئيسى لتحديد سعر عملات الدول الأخرى.
 
يرى المهتمون بالشأن الاقتصادى فى العالم، أنّ هذه الاتفاقية هى الاتفاقية الرئيسية التى أدّت إلى تشكيل نظام الصرف الأجنبى وتشكيل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى للتطوير والتعمير، وهى الاتفاقية الرئيسية التى رسّخت هيمنة الدولار الأمريكى على تعاملات العالم الاقتصادية، حيث صارت الـ44 ترجع إلى الدولار الأمريكى لتحديد قيمة عملاتها دوليًا، مما جعل الدولار المرجع الرئسى للعملات بدلا من الذهب. وكانت الولايات المتّحدة تمتلك 75% من ذهب العالم لوحدها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان الدولار الأمريكى هو العملة الوحيدة على مستوى العالم المُغطاة بالذهب «بقية الدول تخلّت عن تغطية عملاتها بالذهب بعد حصول تضّخمات فى اقتصاداتها»، مما دفع عددًا كبيرًا من دول العالم إلى العمل على تكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلًا كاحتياطى، وأصبح عدد كبير من هذه الدول يستخدم عملة الدولار كاحتياطى النقد الأجنبى.
 
وحاليًا يرتبط العالم أجمع بما يحدث فى الولايات المتحدة الأمريكية، من أحداث اقتصادية أو قرارات تتعلق بأسعار الفائدة، أو أى اهتزاز يشهده سعر الدولار، يؤثر على كل العملات فى العالم، كما أن إجراء تغير فى سعر الفائدة بأمريكا يحرك أسواق الذهب عالميا، حيث ترتفع أسعار الذهب فى العالم، كلما حدث خفض للفائدة، والعكس صحيح.
 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة