مراحل كثيرة تلك التى مر بها معدن الذهب الذى يعد من المعادن النفيسة على مر العصور، حتى وصل إلينا فى شكله الحالى، و"اليوم السابع" ترصد أصله وتاريخه ومراحل تطور "الشبكة" من الخلخال إلى الخواتم.
مرت المصوغات الذهبية بالعديد من المراحل التى تمتد من عصور الفراعنة حتى الآن، إن كان بعضها مازال محتفظا بشكله التاريخى داخل المتاحف، ولكن البعض تغير مع الزمن، حيث دائما ما تقوم المرأة بإظهار أنوثتها، ولكن فى السنوات الآخيرة تحولت الشبكة إلى أشكال أكثر بساطة حتى يتمكن الكثير من شرائها مما يعمل على تسير الزواج.
ولم يعلم الكثيرون أن الخلخال، تلك الأسوار الذهبية التى تحيط بالقدم والتى تصنع من المعادن النفسية كالذهب والفضة، يمتد وجودها من عصور القدماء المصريين، حيث عادة ما نرى العديد منها يزين المتاحف التى واصلت النساء ارتداءها حتى منتصف القرن الماضى فى المناطق الريفية والصعيد، أما الآن فنرى العديد من النساء يريدون «الانسيال» يزين أقدامهن، حيث تتنوع الموديلات وفقا لستايل ملابسك، وما يناسب العصر الحالى، فى حين لم نجد أحدا يهدى لعروسته خلخال فى العصر الحالى.
الكردان والحلق المخرطة
تعتبر واحدة من أيقونات الحلى الشعبى فى الريف، حيث انتشرت فى منتصف القرن الماضى، وكانوا يصنعون من الذهب ويطعم الكردان بالأحجار الكريمة، وكان تقدم كشبكة للعروس فى القرى الريفية قديما، فى حين اختفت تلك الأشكال لصالح أخرى أكثر بساطة كالسلسلة التى بالطبع يخفض سعرها بكثير فى حالة صنع فى الوقت الحالى بنفس الأوزان.
الغوايش والسلاسل
تتواجد فى العديد من محلات الصاغه منذ القرن الماضى التى امتدت حتى الآن، ولكن عادة ما يشترى الأسر المصرية الخواتم والغوايش طبقا لقدرتها المالية، حيث قد يختلف الأسعار وفقا لعيار وحجم الذهب الذى يشتريه العروسين قبل الزفاف، ويكون عادة وفقا للاتفاق بينهم.
ويعود أصل المشغولات الذهبية إلى التراث الفرعونى وتوارثته الأجيال حتى الآن، وما يميزه عن غيره أنه صناعة يدوية، تتزين المرأة النوبية بالحلى وخاصة فى الأفراح والمناسبات السعيدة، ويعد الذهب النوبى دليلا ومؤشرا قويا على ثراء أهل القرية، وهو ذهب خالص صافى بندقى.
ويقول أحمد الركابى، صاحب محل لبيع المشغولات الذهبية النوبية: بعد ارتفاع الأسعار مؤخرًا بدأنا فى استخدام الذهب عيار 21 بدلًا من البندقى عيار 24، وكانت المرأة النوبية ترتدى الذهب الصافى مع وضع بعض الأحجار الكريمة الأصلية، وحيث يضع الذهب حول الحجر ويصنع منها أشكالاً عديدة منها الخواتم والسلاسل، ومن العادات النوبية المتوارثة أن ترتدى المرأة الولادة الذهب الخالص والمرصع بالأحجار الكريمة الذى تطور إلى أن أصبح سلاسل، غوايش، العقد، كف مريم، كرسى جابر.
ويكمل «الركابى» حديثه لـ«ليوم السابع» قائلًا: تعددت أنواع وأشكال الذهب النوبى ومنها «البايه»: وهى عبارة عن 8 قطع على شكل الهلال ويرسم عليه النقوشات التراثية النوبية، وشف كردان وهو عبارة عن 8 قطع ذهبية أسطوانية مضاف إليها قطع ذهبية على شكل حب الشعير، بالإضافة إلى «مشاء الله».
ومن بينها أيضا «الرسة» وهى تلبس بالرأس هى عبارة عن 13 قطعة ذهبية، وهناك مشغولات ذهبية أخرى تلبس على الرأس منها الشوشاو، الدينار، البراق.
وتابع «الركابى» حديثه: كل هذه المشغولات الذهبية من الممكن أن تكون شبكة لعروس واحدة إذا كانت من الأثريات، ومن الممكن أن يكون هناك اختيار واحد أو اثنان منها وهى هذه الحالة تتسابق أقارب العروس على إهدائها هذه المشغولات الذهبية كلًا منهم حسب استطاعته.
هناك مجموعة من العادات والتقاليد التى تحكم المجتمعات فى كل الأمور ومن أبرزها تقاليد الزواج، وتعتبر الشبكة هى هدية العريس للعروس التى لا يمكن التغاضى عنها على الإطلاق، وهى تختلف فى مصر من محافظة لأخرى.
الحلى هى جزء أصيل من ثقافة المصرى القديم، حيث كان يتم ارتداؤها فى البداية حماية من الأرواح الشريرة ثم أصبحت للزينة فيما بعد، وفى عقود الزواج المصرية القديمة كان من واجب الزوج إطعام زوجته وتقديم لها الطعام والهدايا، وكان من بينها الحلى.
فهدايا العروس كالحلى والذهب والمجوهرات كانت من عادات وتقاليد الزواج فى مصر القديمة، وهذا يعنى أن فكرة تقديم «خاتم الزواج» هى تقليد فرعونى ويشترط أن يكون الخاتم مصنوعا من الذهب.
ويعتبر الفراعنة هم أول من استعمل خاتم الزواج كرمز للزواج الأبدى، وتم اختيار الخاتم لأن الدائرة عندهم تحمل رمزا كونيا متمثلا فى الشمس والقمر وتعنى الأبدية والكمال، والزواج هو اكتمال الحياة.
ومن العادات فى محافظة دمياط، تذهب أم العروس إلى أهل العريس ومعها خواتم ذهبية كهدية لوالدة العريس وشقيقاته البنات.
وتعتبر محافظة أسيوط من أكثر المحافظات مبالغة فى أمر الشبكة، حيث يقدر أهل العروس الذهب بالكيلو وبكميات كثيرة وليس بالجرامات، وهذا الأمر يكن مكلفا وعبئا على العريس.
أما الشبكة لا يمكن التنازل عنها فى قنا، وحتى إن لم يتمكن العريس من شراء شبكة بالمبلغ المطلوب منه فإنه يختار شبكة ويزنها، ويقيد وزنها فى قائمة الزواج.
وفى سوهاج على العريس شراء شبكة يصل وزنها لـ100 جرام، والحساب بالجرام وليس بالسعر، وهو من الأعراف والعادات المنتشرة فى سوهاج، حيث يرى أهل العروس أن الشبكة القليلة تقلل من قيمتهم.
وفى محافظة المنيا لا تقل الشبكة عن 25 جرامات، وتتراوح فى المتوسط ما بين 25-35 جراما.
أما محافظة البحيرة ترتفع قيمة الشبكة بناء على ما تمتلكه العروس من أراضى زراعية وثروة، حيث تصل أحيانا شبكة العروس فى البحيرة لـ100 ألف جنيه، كما أن هناك بعض العائلات تطلب شراء جاموسة مع الشبكة
وتتحول الشبكة ومتطلبات الزواج إلى ساحة لاستنزاف الأسر، ويؤدى عدم الاتفاق فى الكثير من الأحيان إلى إلغائه وفى حالة إتمامه قد تترسب عواقبه إلى بعد الزواج على الجانب الآخر، يطلب من أهل العروس المشاركة فى تأثيث المنزل، مما يفوق قدرة أبوها المادية، ليتحول الصراع إلى حلقة مفرغة حيث كل واحد يستنزف الآخر.
وأدى الخلاف على الشبكة إلى عزوف العديد من الشباب عن الزواج، الأمر الذى جعل لجأ بعض شيوخ القرى الريفية إلى الالتزام بتخفيض قيمة الذهب والعفش والمنقولات إلى حد كبير، بل ومنع الذهب نهائيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة