محمد أحمد طنطاوى

"المعلمين أكثر من الصنايعية"

السبت، 10 أغسطس 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خلال زيارة الأسبوع الماضى، إلى مدينة سوسنوفى بور، التابعة لمقاطعة لينينجراد الروسية، كان لى لقاء مع «إيجور لوجينكوف»، نائب رئيس مهندسى المحطة النووية لمفاعلات " ار بى ام ك 1000 "، أكد خلاله أن محطة الضبعة النووية والمهندسين المصريين سوف يحصلون على التدريب الكامل، والدعم اللازم من أجل التأكد من أن منظومة الأمان النووى تسير فى الطريق الصحيح، وفق المعايير العالمية التى يتم اتباعها.

سألت المسئول الروسى من داخل محطة لينينجراد النووية، لماذا لم نر موظفين أو عمال وفنيين داخل المحطة ؟ ! على الرغم من اتساع مساحتها وكثرة مبانيها والأجهزة التى تعمل بها على مدار الساعة، إلا أن الرجل ابتسم قليلا وقال :" هذا هو هدف التكنولوجيا الحديثة تقليل عدد العمالة، وتوفير أعلى معدلات الأمان، بحيث نستطيع التحكم فى عمليات كبيرة ومعقدة بأقل عدد ممكن من العمالة الفنية المدربة، و هذا الأمر سوف يحدث فى مصر عند الانتهاء من بناء المحطة النووية".

وفى نفس اليوم جمعتنى الصدفة مرة أخرى بالمسئول الروسى فى المساء، خلال حفل لإعلان نتائج مسابقة الصيد الدولية، التى نظمتها مؤسسة روساتوم العالمية بمشاركة 6 دول، وقد فازت مصر فيها بالمركز الأول، وكان لـ  "ايجور لوجينكوف" كلمة خلال الاحتفالية، قال فيها :" سألنى أحد الصحفيين المصريين اليوم أين العمال والموظفين فى المحطة النووية، وقد أجبته على السؤال، إلا أننى سأحكى قصة قصيرة عن أحد المهندسين الروس الذين شاركوا فى بناء السد العالى، فقد كان هناك مهندس روسى مسئول عن مجموعة من العمال، وسلمته الإدارة   عاملا جديد من أجل أعمال "البوفية"، وبدوره حضر العامل الجديد فى الصباح الباكر، على أتم الاستعداد لاستلام العمل الجديد، وهنا أعطاه المهندس الروسى "العُهدة المطلوبة"، وهى براد شاى، وملعقة صغيرة ومجموعة من الأكواب، وقال له لا تترك هذه الأشياء أبدا فهى عهدتك..  مر يوم تلو الآخر وإذا بالمهندس الروسى يطلب الشاى، فوجد العامل المذكور يسير فى الأمام وخلفه عامل آخر يحمل البراد والملعقة والأكواب، "العهدة"، التى سبق وحذره من أن يتركها أو يتخلى عنها، ليصبح بذلك مديرا على على العامل الجديد".

"لوجينكوف" أراد أن يقدم من خلال هذه القصة الطريفة بعض العادات السلبية التى نعانى منها كمصريين، وهى فكرة أن " المعلمين أكثر من الصنايعية" وأن البعض على الرغم من بساطة عمله وسهولته، إلا أنه يلجأ إلى التنصل منه وإسناده لغيره من باب الهروب من المسئولية أحيانا، أو بحثا عن الفراغ والتكاسل فى العمل أحيانا أخرى، بما يدعو إلى ضرورة تغيير هذه الثقافة والتأكيد أن معطيات العصر الحديث اختلفت معاييرها وباتت أكثر تشابكا وتعقيدا، وقد نجحت التكنولوجيا فى خلق فرص عمل حقيقية فقط لمن يستطيع التعامل معها.

يجب أن نستعد للمستقبل جيدا وألا نترك أدوارنا لغيرنا مهما كانت الظروف والتحديات، وأن نكون على قدر مواكبة التكنولوجيا الحديثة والتطور، الذى قطعا سوف يقلص فرص العمل وسيجعلها محدودة فقط لمن يملك المعرفة ويسعى إليها.

 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة